إدراج الديمقراطية في المناهج.. كيف يتحقق الهدف؟

الزملاء في _ خلال محاورتهم للمشاركين في ندوة "مجالس الغد" حول الأحزاب-(تصوير: ساهر قدارة)
الزملاء في _ خلال محاورتهم للمشاركين في ندوة "مجالس الغد" حول الأحزاب-(تصوير: ساهر قدارة)

آلاء مظهر

فيما تبدأ مدارس المملكة بتدريس مادة "الديمقراطية والمشاركة في الحياة العامة" اعتبارا من 16 الشهر المقبل، أكد خبراء تربويون أن هذه الخطوة تسير بالاتجاه الصحيح، لما لها من أثر كبير في بناء ثقافة المشاركة الواعية وإكساب الطلبة مهارات التفكير، مؤكدين ضرورة ترجمتها تطبيقيا داخل الغرف الصفية.

اضافة اعلان


وتتمثل هذه العوامل، وفق الخبراء، بعدم تدريس هذه المادة بالشكل التقليدي بل من خلال توظيف هذه المفاهيم في الحياة اليومية، بحيث تضمن لها النجاح والاستدامة، واعتماد أسلوب الحوار والمناقشة والمناظرة في تدريسها، إضافة إلى تبني استراتيجيات تقييم واقعية تتخذ أشكال ورقة موقف أو ورقة تحليل عملي لمجموعات، وتشكيل فرق مناظرة صفية حول مفاهيم ومواقف يتم الجدل والنقاش حولها.


وأشاروا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، إلى أن "ادخال مثل هذه المفاهيم وتدريسها لن يحقق المطلوب إلا إذا ترجمت إلى مواقف حقيقية فعلية، ما يتطلب أن يكون السياق العام الحاضن لعملية التعليم متناغما ومنسجما ومتسما بسلوك الديمقراطي.


وكان الأمين العام لوزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة أكد أن جميع المدارس ستباشر بتدريس مادة الديمقراطية والمشاركة في الحياه العامة لطلبة الصفين الـ10 والـ11 بدءا من 16 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.


وقال العجارمة في تصريحات صحفية سابقة لـ"الغد"، ان الهدف من وراء تدريس هذه المادة هو لتوضيح المفاهيم السياسية لدى الطلبة، وترسيخ الهوية الوطنية، فضلا عن تعزيز القيم المشتركة بين أفراد المجتمع الواحد؛ ليمارسوا أدوارهم السياسية، بما يضمن انتظامهم في الأحزاب، ومشاركتهم في الانتخابات؛ ما يسهم بتعزيز الوحدة الوطنية.


وأضاف ان هذه المادة ستدرس لمرة واحدة في الفصل الدراسي، بوصفها مادة مساندة لمادتي التربية الوطنية والمدنية للصف الـ10 وتاريخ الأردن للصف الـ11.


إلى ذلك، اعتبر وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور تيسير النعيمي ان خطوة الوزارة بإضافة مادة علمية جديدة بعنوان "الديمقراطية والمشاركة في الحياة العامة" تعد خطوة بالاتجاه الصحيح والسليم كونها ستسهم في منح مساحة اكبر للحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان والتنمية السياسية.


وبين النعيمي انه "توجد في مناهجنا الحالية موضوعات عدة تتحدث عن الحياة السياسية وتطورها ونشأتها في عدد من المباحث الدراسية، لكنها غير كافية لاسيما وان المطلوب هو الاستجابة للتوجيهات الملكية ومتطلبات التحديث السياسي والاقتصادي والاداري".


وأكد النعيمي ان "وجود مادة ستدرس على شكل مفاهيم ومواقف عبر حصص التربية الوطنية والتاريخ والجغرافيا تتناول موضوعات حول الحياة السياسية والديمقراطية والمشاركة في الانتخابات أمر مطلوب".


وتساءل النعيمي ان كان مجرد تدريس هذه المفاهيم في المدارس كفيلا بخلق ثقافة لدى الطلبة باعتبارهم العامل الحاسم مستقبلا في التنمية السياسية والانتخابات، مجيبا بأن ذلك "لن يساهم في احداث تلك النقلة النوعية المطلوبة الا اذا توافرت شروط معينة لآلية تدريس وتوظيف هذه المفاهيم عبر مواقف صفية ومدرسية ومجتمعية".
وأشار إلى أن إحداث تلك النقلة النوعية يتطلب ان تتم ترجمة هذه المفاهيم والمعرفة إلى ممارسة.


ولفت إلى انه "في حال بقاء الفجوة بين ما يتعلمه الطالب وما يمارسه أو يشاهده على أرض الواقع فلن نحقق شيئا،لافتا الى ضرورة توفير عوامل نجاح لهذه الخطوة من أبرزها عدم تدريس هذه المفاهيم على صعيد حصص تقليدية عن طريق الحفظ، بل الهدف المطلوب توظيف هذه المفاهيم في الحياة اليومية بحيث تضمن لها النجاح والاستدامة.


وشدد على أهمية إعطاء الحصص المدرسية الخاصة بهذه المادة بأسلوب الحوار والمناظرة والمناقشة، لافتا إلى أن ترسيخ هذه المفاهيم في اذهان الطلبة يجب ان يكون عبر تطبيقات عملية داخل الغرفة الصفية على شكل انشطة حية نموذجية تحليلية ونقدية للمواقف.


واعتبر ان تحقيق الغاية من إدراج هذه المادة يعتمد بالدرجة الأولى على استراتيجيات التدريس التي يجب ان تكون عملية قائمة على مبدأ التعلم النشط من خلال تحليل المواقف والممارسة الصفية والحياتية الفعلية على مستوى الصف، سواء بانتخاب اسرة صف، والأندية المدرسية، واختيار الجدول الدراسي، فضلا عن شكل اسئلة الامتحانات وتحليل المفاهيم من خلال مواقف حية وغيرها.


وشاركه الرأي وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي الذي أكد أن فكرة البدء بتدريس مواد إضافية مثل الفلسفة، والديمقراطية، والمشاركة في الحياه العامة واتخاذ القرار الوطني، سيكون لها أثر كبير في بناء ثقافة المشاركة والتوعية في مجال الأحزاب، وتنمية القدرات العقلية، وإكساب الطلبة مهارات التفكير والمشاركة المجتمعية الواعية، فضلا عن القيمة الكبيرة في ظل التوجهات الملكية بضرورة انخراط الشباب في العملية السياسية.


وبين السعودي أن وجود مواد منفصلة عن المناهج الأساسية سيشكل عائقا امام الطلبة لإكساب الكفايات الأساسية لتحقيق الغاية من تدريس هذه المواضيع الإضافية، وسيشكل عبئا إضافيا على الطلبة، مع الكم الكبير من المناهج الدراسية التي يدرسونها في المدارس حاليا.


ودعا الى ضرورة أن توضع خريطة مفاهيمية للمواضيع الإضافية تتضمن مفاهيم رئيسية وفرعية، وتبنى على شكل مصفوفة مفاهيمية تتفق مع المراحل النمائية لدى الطلبة، ومن ثم تبث في المناهج الدراسية الأساسية، ومؤكدا أن ذلك سيكون مفيدا في بناء الشخصية المتكاملة لدى الطلبة.


واعتبر السعودي أن الفائدة من تدريس المواضيع الجديدة كالفلسفة، والديمقراطية والمشاركة في الحياة السياسية، تزداد في ظل الانتقال من التعليم التلقيني المرتبط بالبيانات والمعلومات إلى التعليم المرتبط بتنمية القدرات العقلية المطلوبة في عصر الثورة الرقمية ومهارات القرن الحادي والعشرين.


بدوره، قال الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة إن البدء بتدريس مادة الديمقراطية والمشاركة في الحياة العامة في المدارس للصفوف المستهدفة أمر في غاية الأهمية.


وأضاف النوايسة ان كل الدراسات التربوية التي اجريت في هذا المجال أظهرت فجوات كبيرة جدا في المفاهيم المتعلقة بالوعي السياسي والممارسات السياسية.


وبين أن مفاهيم الديمقراطية والمشاركة السياسية مطروحة في مناهجنا وليست هذه هي المرة الأولى التي سيدرسها الطلبة، لكن المادة العلمية الجديدة التي أعدتها الوزارة بالتعاون مع المركز الوطني لتطوير المناهج، ستتطرق الى العمق بحيث لن تتناول المفاهيم المجردة بل ستساهم في اكساب الممارسات التطبيقية لدى الطلبة.


وأكد النوايسة أهمية إعطاء هذه المادة على شكل تطبيقات عملية على أرض الواقع، حتى تصبح المفاهيم راسخة في اذهان الطلبة وبالتالي تطبيقها في حياتهم اليومية.

اقرأ المزيد :