إربد: "حماية الأسرة" تتعامل مع 18 حالة تحرش جنسي

أحمد التميمي

إربد - تعاملت جمعية حماية الأسرة والطفولة في اربد العام الماضي مع 18 حالة تحرش جنسي تنوعت ما بين التحرش اللفظي والنظر والإيماءات أو باللمس، او باستخدام وسائل الاتصال المختلفة، وفق رئيس الجمعية كاظم الكفيري.اضافة اعلان
وقال الكفيري في حديث مع "الغد"، إن قضايا التحرش الجنسي يجب عدم السكوت عنها نهائيا، لأن الصمت في هذه الحالات يوفر بيئة خصبة لاستمرار حالات التحرش الجنسي وخصوصا أن القضايا بدأت بالانتشار في المجتمع ولم تصل لحد الظاهرة.
وأشار إلى أن الجمعية أطلقت مبادرة من خلال "عربة" متنقلة تجوب الأماكن العامة والشوارع لتوزيع بروشرات للتوعية بموضوع التحرش الجنسي، يقوم على تنفيذها مجموعة من الشباب والفتيات بعد أن رصدت الجمعية تفاقم المشكلة في الآونة الأخيرة.
وأضاف أن الجمعية قامت بتقديم المشورات اللازمة للفتيات الـ18 اللواتي تعرضن للتحرش الجنسي، وخصوصا أن غالبيتهن تعرضن للتحرش في الأماكن العامة ومكاتب عملهم من قبل أرباب العمل، وبالتالي فإن هنالك فتيات يتعرضن للتحرش ولم يقدمن بأي شكوى حرصا على سمعتهن.
ويعتقد الكفيري، أن التحرش الجنسي لا يبرره أي سبب كان، سواء الوضع الاقتصادي أو لباس المُتحرَش بها أو غيرها من الأسباب، لذا فإن التحرش يجب أن يجد أمامه عقوبات رادعة للقضاء على هذه آفة من جذورها.
ويضيف أن التفكير بأن حالات التحرش الجنسي تسبب الفضحية للضحية المُتحرَش بها، يعد من أهم أسباب استمرار حالات التحرش، فلا يرى المُتحرّش أي عقوبة للجرم الذي ارتكبه فلا يكون له رادع في المرات المقبلة.
وأكد أن المشكلة تتفاقم للمرأة الضحية، والتي عادة ما تتحرج من تقديم شكوى خوفا من تداعياتها، مطالبا بتجريم فعل التحرش بما تكفله مبادئ حقوق الإنسان العالمية كالحق في المساواة وعدم التمييز، والعمل، وتكافؤ الفرص، وقبل كل شيء الحق الأساسي في احترام كرامة الإنسان وحريته.
وقال إن أغلب النساء العاملات المتحرش بهن في أماكن العمل من طرف أصحاب العمل أو الزملاء يعانين من أمراض نفسية عديدة، مبينا أن المرأة المتحرش بها قد تصاب بانهيارات عصبية خطيرة، خاصة إذا كانت غير قادرة على مغادرة مكان العمل، وهو ما يعني بطبيعة الحال بقاءها تحت الضغط الذي قد يسبب لها انهياراً عصبياً.
وقالت رئيس مبادرة تحديات في الجمعية ياسمين ملكاوي، إن التحرش الجنسي له جوانب اجتماعية ونفسية، ولم يصل الظاهرة في الأردن، رغم تناميه في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يفرض إيجاد إطار تشريعي يعالجه قبل تفاقمه وتحوله إلى ظاهرة مقلقة.
وأشارت إلى أن ظروف التحرش تتشابه وتتنوع من حيث الأماكن والتي عادة ما يتورط بها ذكور تجاه إناث، وقد تزداد تلك الحالات في أماكن العمل والأماكن المزدحمة، والخلوات وسيارات التاكسي وأماكن وظروف يغيب عنها الشهود.
وكشفت دراسة أجراها الباحث في دراسات السلام والنزاعات محمود جميل الجندي وحملت عنوان "التحرش الجنسي جريمة بلا دليل"، عن تعرض 53 % من الأردنيات للتحرش الجنسي بأنواعه المختلفة.
وعزت الدراسة التحرش إلى عدة عوامل منها، الوضع الاقتصادي الصعب والفقر والبطالة، وقلة الوعي الديني والثقافي للمتحرشين، ولباس المتحرش بها، والانتشار الواسع لوسائل الإعلام والاتصال، واستهدفت الدراسة عينة ممثلة من النساء في خمس محافظات أردنية مختلفة.
وبناء على تحقيق صحفي أجرته مجلة "ذانيشن" الأميركية فإن مستويات التحرش الجنسي في الأردن وصلت مستويات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، خصوصا مع انخراط كبير للمرأة في سوق العمل.
وحسب التحقيق الذي نشرته المجلة فإن "التحرش الجنسي في الأماكن العامة أصبح شائعا، فالرجال في السيارات يحاولون التقاط النساء السائرات على جانب الطريق، كما أن الكثير من النساء يتعرضن للتحرش من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، عدا التحرش اللفظي والجسدي في الأماكن العامة".
ويقول التحقيق إن "التحرش الجنسي ظاهرة عالمية، ولكنه ظاهرة جديدة نسبيا في الأردن ودول عربية أخرى، فقبل العام 1980، كانت المرأة تفضل البقاء في المنزل ولا تتركه إلا عندما تكون مصحوبة بالرجال، ثم أصبح عمل المرأة خارج المنزل أكثر شيوعا، وظهرت النساء في الشوارع ودخلت بكثافة إلى الحياة العامة، لكن وفقا لنساء قابلتهن المجلة فإنه في الثلاث أو الأربع سنوات الماضية، وصل الموضوع إلى مستويات غير مسبوقة من القبول الاجتماعي، فالإبلاغ عن الحوادث هو من المحرمات، وتحقيق العدالة للضحايا أمر نادر الحدوث".
ولفت المحامي حاتم بني حمد أن المادة (320) من قانون العقوبات ليست رادعة في معاقبة المتحرشين والتي تنص على أن "كل من فعل فعلاً منافياً للحياء أو أبدى إشارة منافية للحياء في مكان عام أو في مجتمع عام أو بصورة يمكن معها لمن كان في مكان عام أن يراه،  يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً".
وطالب بني حمد بتضمين قانون العمل نصوصا صريحة جديدة من شأنها حماية الضحية في مواقع العمل، نظرا لكون أماكن العمل الأكثر انتشارا لوقوع التحرش ووضع عقوبات مشددة بحق المتحرش كما هو الحال في قانون الحماية من العنف الأسري والذي يحمي أي اعتداء قد يحصل داخل افراد الأسرة الواحدة في المنزل، وكذلك الحال في قانون العقوبات بما يحدث خارج أسوار المنزل، بينما أماكن العمل فلا يوجد.
وكشف، أن نسبة قضايا التحرش بالنساء في أماكن العمل تكاد تكون منعدمة في المحاكم، والموجود منها يعالج بشكل سري، حيث تلجأ معظم النساء المتحرش بهن في أماكن العمل من طرف المدير أو حتى الزميل إلى التكتم والتستر عن مثل هذه التصرفات الخادشة للحياء.
وأشار بني حمد إلى أن الكثير من النساء اللواتي يتعرضن للتحرش الجنسي في أماكن العمل يفضلن السكوت عن هذه الممارسات كون إثبات جرم التحرش أمام القاضي أمراً صعباً جدًا، نظرًا إلى أن معظم هذه القضايا تفتقر إلى غياب الأدلة القانونية المؤكدة للواقعة، وهو ما سيحول مسار القضية في الكثير من الأحيان إلى محاولة تلفيق جرم التحرش بحق هذا الشخص.
ويضيف أن التحرش يعتبر بمثابة "جريمة مسكوت عنها" نظرا لكون عنصر الشهود في الجريمة يؤثر على مجريات القضية فيما لو فكرت المرأة التحرك قضائيا كون الجريمة تتم في ظروف لا يتواجد فيها أشخاص وبأماكن غير مأهولة.

[email protected]