إربد: خشية من مساهمة الظروف الصعبة بزيادة أعداد زواج القاصرات

زواج القاصرات
زواج القاصرات

أحمد التميمي

إربد - سجلت محافظة إربد 13333 عقد زواج العام الماضي، بينها 1617 عقدا لقاصرات، أي بنسبة 12.1 %، من بين إجمالي عقود الزواج، وفق إحصائيات رسمية من دائرة قاضي القضاة، وهي نسبة تشير لارتفاع في أعداد زواج القاصرات عما كانت عليه في 2019، وبزيادة مقدارها 76 حالة.

اضافة اعلان


وقد رجح خبيران وولي أمر فتاة قاصر، أن هذا الارتفاع وإن كان طفيفا، فإنه يرتكز على ما نجم من أوضاع داخل المجتمع المحلي خلال جائحة كورونا وتداعياتها، من ارتفاع لنسب الفقر والبطالة، وتفاقم أكلاف العيش، الى جانب التذرع بالعادات والتقاليد.


رئيسة قسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة اليرموك الدكتوره آيات نشوان، قالت إن هذه الزيادة، قد تكون نتيجة عوامل اجتماعية واقتصادية مجتمعة، وليست نتيجة عامل واحد، فالزيادة في معدلات الفقر، تدفع بعض الأسر للقبول بأول من يطرق بابهم للزواج من بناتهم، بخاصة إذا كانت ثقافة هذه الأسر وقيمها، تدعم زواج القاصرات ولا ترى فيه أي إشكالية صحية أو ثقافية أو تعليمية.


وأضافت، أن هذه القضية ترتبط بزيادة حالات الزواج أثناء الجائحة على وجه العموم، لانخفاض تكاليف الزواج ومراسمه، ما أزال عبئا اقتصاديا عنها، وبالتالي أدى ذلك الوضع إلى زيادة حالات الزواج بشكل عام، ومن ضمنه زواج القاصرات.


وبينت أن ارتباط زواج القاصرات بتوقف الفتاة عن إكمال دراستها والالتحاق بالجامعة، من أكثر المخاطر التي تنعكس عليها، عدا عن الجوانب الصحية التي ترافق زواج القاصرات، وتنعكس سلبا على الصحة العامة في المجتمع.


ووفق رئيس جمعية الأسرة والطفولة في إربد كاظم الكفيري، فإن من أسباب ارتفاع معدل زواج القاصرات الى ما دون الـ18 عاما في الجائحة، هو اللجوء إلى التعلم عن بعد، مؤكدا أن الفتاه توافق على الزواج إراديا، دون إجبار من أي أحد، في ظل مكوثها في المنزل وعدم خروجها لتلقي التعليم في المدارس، ما يجعلها تفتقر الى مساحة من الحركة خارج المنزل، تؤمنها لها المدرسة، بخاصة في البيئات المحافظة.


وأشار الكفيري، إلى أن الفتيات الطالبات، يقضين معظم يومهن منذ بدء الجائحة في المنازل بعد إغلاق المدارس والتحول إلى التعليم عن بعد، ما اثر على نفسيتهن، عكس ما هو متاح للطلاب الذي يغادرون منازلهم دون قيود اجتماعية.


وأكد أن بعض الفتيات وجدن في الزواج، نافذة للتخلص مما يقيدهن في المنازل، والهرب من هذه الحالة في منازل أسرهن، الى الزواج، أملا بإحداث تغيير في حياتهن، بالإضافة إلى أن زواجهن المبكر قبل إنهائهن التعليم المدرسي، لن ينقطع، لكون التعليم أصبح عن بعد.


وحسب الكفيري، ينضاف الى هذه العوامل أيضا، العامل الاقتصادي، الذي لعب دورا أساسيا في ارتفاع الزواج المبكر خلال الجائحة، مؤكدا أن هناك مئات الأسر في المحافظة، فقد أربابها ومعيلوها وظائفهم خلال الجائحة، ما رتب عليهم أعباء مالية كبيرة، حالت دون قدرتهم على الإنفاق على أسرهم.


وأضاف، أن جزءا من أرباب أسر، زوجوا بناتهم القاصرات، لعجزهم في الإنفاق عليهن لفقدانهم وظائفهم، بخاصة وأن بعضهم يعملون بالمياومة، وعدد أفراد أسرهم كبير، فغنهم يرون في أي فرصة لتزويج القاصرات في حال كان الشخص يناسب رب الأسرة والفتاه نفسها، يوافقان على الزواج، دون أي إجبار من أي طرف.


ووفق الكفيري، فإن انخفاض تكاليف الزواج في الجائحة، بسبب إغلاق صالات الإفراج واقتصار الدعوى على الأقرباء، أسهم برفع عدد حالات الزواج المبكر، بعد أن كان الزواج عموما، يستنزف المقدمين عليه من ذوي الدخول المحدودة ماديا.


وقال الكفيري، إن الجمعية أطلقت مشروعا ممولا من صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني "تجديد الأمل" للمتزوجات دون سن الـ18، استفادت منه 110 سيدات أردنيات وغير أردنيات، في سياق تمكين من تزوجن دون الـ18 اقتصاديا وثقافيا وصحيا وتعليميا، مبينا أن الجمعية تنفذ المشروع على مستوى المملكة وسيستمر لعامين.


ولفت إلى انه استفاد من المشروع لغاية الآن 110 سيدات من اقليم الشمال، وهو بصدد الانتقال إلى محافظات الوسط والجنوب في المراحل المقبلة من عمره الذي سيختتم مع نهاية العام المقبل.


وبين أن محور التمكين الاقتصادي، اشتمل على تدريب السيدات على الإنتاج المنزلي والمشغولات اليدوية، بالإضافة لالتحاق عدد منهن بدورات صيانة أجهزة خلوية، بينما يتضمن المحور الثقافي دورات تثقيفية وتوعوية، حول التربية والتنشئة والعناية بالأطفال، في حين يشتمل محور التعليم على برنامج لمحو الأمية، لإتاحة الفرصة لمن لم تسمح لهن الظروف الالتحاق بالمدارس، وتعلم القراءة والكتابة، أو تعزيز مهاراتهن في هذه المجالات، إلى جانب تركيز المحور الصحي على الثقافة الصحية، المتعلقة بالكشف المبكر عن سرطان الثدي وصحة المرأة الحامل والإنجاب والأمومة والطفولة.


ووفر المعرض، منصة تسويقية وتعريفية للمستفيدات، بعرض منتجاتهن ومهاراتهن مباشرة أمام الجمهور، والتعرف على آليات وأدوات التسويق الالكتروني.


أستاذ علم الاجتماع في جامعة اليرموك الدكتور عبد الباسط العزام، قال إن زواج القاصرات في ظل الأرقام الصادرة عن دائرة قاضي القضاة للعام الماضي مقلقة، وقد تغدو ظاهرة في المحافظة، جراء بقاء الاوضاع المعيشية على ما هي عليه في الجائحة، الى جانب انخفاض تكلفة الزواج، ما يشجع الكثيرين على التقدم للزواج في هذه الفترة، ووجود ضالتهم في الزواج من قاصرات، في نطاق ما تتيحه عادات وقيم المجتمع الذي تسمكح بهذا النوع من الزواج، ولا ترى فيه أي شائبة.


وأشار إلى أن الزواج قبل الجائحة كان مكلفا جدا، جراء ما يرافقه من أكلاف، ما يشكل عبئا كبيرا على المقدمين عليه، لافتا إلى أن ارتفاع معدلات البطالة والفقر لدى بعض الأسر في الجائحة، والعادات والتقاليد، دفعت بأربابها لتزويج بناتهم القاصرات، في ظل عدم قدرتهم على تعليمهن الجامعي مستقبلا.


وأوضح أن هناك فتيات يجدن في الزواج فرصة لتكوين أسر وإنجاب أبناء، بالإضافة لوجود محفزات (عادات وتقاليد) تدفع الزوج للاقتران بفتاة قاصر مثل ابنة عمه غالبا، أو العكس، للحفاظ على ارث العائلة.


وأكد العزام أن كثيرين يرون، تحت تبريرات واهية، أن مصير الفتاه هو الزواج، ما يدفع فتيات قاصرات للخضوع لهذه التبريرات، لعدم وعيهن بتبعات ما يقدمن عليه صحيا ونفسيا.


وأكد مواطن زوج ابنته القاصر (16 عاما) لشاب (30 عاما)، طلب عدم ذكر اسمه، أن زوج ابنته يعمل بالمياومة في قطاع الإنشاءات، وبسبب إجراءات الحظر جراء الجائحة، فقد وظيفته ليصبح متعطلا عن العمل، مؤكدا انه كان وافق هو وابنته على زواج الشاب منها لانه موظف ودون إجبار.


وأشار إلى أنه لديه 6 أفراد، يتحمل أعباءهم المالية، برغم تعطله عن العمل، مؤكدا أن السبب الرئيس الذي دفعه لتزويج ابنته القاصر، هو عدم قدرته على تدريسها في الجامعة حال تفوقها في دراستها الثانوية.


وتشترط التشريعات عند منح الإذن بالزواج للفئة العمرية بين 15 الى 18 عاماً، بألا يكون الزواج سبباً في الانقطاع عن التعليم المدرسي.

إقرأ المزيد :