إربد.. لن تكون مستقراً ولا ممراً للإرهابيين

إربد الخير، إربد الكرامة، إربد المجد، إربد العطاء... بهذه الكلمات وصف المغفور له الحسين بن طلال، المدينة الأبية خلال أحد لقاءاته بوجهائها وشيوخها وشخصياتها.اضافة اعلان
مدينة القمح والسهول الخضراء كانت مساء الأول من آذار (مارس) الحالي، محط أنظار وقلوب الأردنيين جميعا، وألسنتهم تلهج بالدعاء أن يحميها وكل مدن وقرى ومخيمات وبوادي المملكة، ويشد على أيدي القوات الأمنية التي أحبطت مخططا تخريبيا لمجموعة تابعة لعصابة "داعش" الإرهابية، كانت تنوي تنفيذ هجمات إجرامية ضد أهداف مدنية وعسكرية.
وفعلاً، وكما كان اليقين، أبلى بواسلنا من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية أحسن البلاء في إجهاض مخططات إرهابية كانت تستهدف أمن واستقرار الأردن، الذي كان دائماً وسيبقى بإذن الله مطمئناً آمنا، وقد شهد لقواتنا بالكفاءة واليقظة الكثير من داخل الوطن وخارجه.
لكن يجب أن نشير إلى بعض الملاحظات، ومن أهمها أننا نخشى أن تكون لـ"عملية إربد" امتدادات أخرى، خصوصاً في ظل تأكيدات الأجهزة الأمنية أنه تم إلقاء القبض على نحو 13 شخصاً مرتبطين بطريقة ما بـ"إرهابيي عملية إربد"، وانتشار خلايا مجرمة نائمة.
وقد حذرنا منذ أسبوعين في مقال تحت عنوان "قنابل موقوتة"، من مثل هؤلاء الإرهابيين، قد يكونون ضمن خلايا نائمة، تستعد لشن هجمات لا يُحمد عقباها، تابعة لتنظيمات إرهابية وعلى رأسها عصابة "داعش".
ومع تقدير تزايد حجم العبء الكبير على كاهل بواسل قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، فإنه يجب على جميع المواطنين، أن يكونوا على قدر عال من الحذر والحيطة واليقظة والمسؤولية، وعلى مدار الساعة، في كل مناطق المملكة، للحفاظ على أمنها واستقرارها.
ولا بد لنا أن نشير إلى أن "عملية إربد" استغرقت نحو 12 ساعة. إذ أن الإرهابيين تمركزوا في منطقة مأهولة وسكنية، ما يوجب الوقوف عند هذه الحقيقة وأخذها بعين الاعتبار!
ملاحظة أخرى يجب إيلاؤها العناية، هي أن الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم تترواح أعمارهم بين 25 و35 عاماً؛ فما هو دافع هؤلاء الشباب إلى ارتكاب مثل هذه الحماقات؟ هل ثمة ارتباط لذلك بارتفاع البطالة والتكاليف المعيشية أو عدم العدالة والمساواة؟ نحن متيقنون ومتأكدون أن مثل ذلك ليس دافعاً لقتل الأبرياء وترويع المواطنين.
ويجب على الحكومة والمؤسسات المعنية وضع الخطط لمعالجة الدوافع، وتعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة الإرهاب، من خلال تعزيز الحريات الديمقراطية.
ويجب أيضاً مراعاة شعور أهالي المقتولين في "عملية إربد" وتحييد مستقبلهم وأبنائهم، فهؤلاء واقعون بين نارين، الأولى أن أبناءهم إرهابيون، والثانية أنهم فقدوهم.
نعم، الكل يؤيد الضرب بيد من حديد على مثل هؤلاء، ومن تسول له نفسه العبث بأمن الأردن، ليبقى عصياً منيعاً على كل مغرض كاره له.
إربد، التي كانت وما حولها تكفي الامبراطورية العثمانية ومن قبلها الامبراطورية الرومانية قمحاً، لن تكون مستقراً ولا حتى ممراً لأي زمرة من زمر الإرهاب، أولئك المجرمون الذين لا يرعون في أي إنسان إلاً ولا ذمة.
على أولئك الإرهابيين أن يعلموا أن إربد، التي كانت وستبقى شامخة، لن تكون هي وجميع مدن المملكة، لقمة سائغة لدى زمرة سعت للشر واستهوت الأذى في الأرض، ولن تكون إلا شوكة في حلق من يريد بها وبالوطن من شماله إلى جنوبه سوءا أو شراً.
إن تلك الزمرة التي حاولت تخريب إربد، لولا لطف الله عز وجل وبسالة وتضحية قواتنا المسلحة والأمنية، لم تشرب من مائها العذب، ولم تتفيأ تحت ظلال أشجارها الشامخة وذات التاريخ، ولم تخسر يوماً قطرة عرق واحدة في سهولها التي كانت ملأى بالخيرات.
إربد التي أنجبت رجالا وطنيين وقوميين وعروبيين، كأمثال وصفي التل ووالده شاعر الأردن "عرار" وعلي خلقي الشرايري وشفيق إرشيدات وغيرهم الكثير، لن تكون مستقراً لمثل هؤلاء أصحاب الفساد والفتنة.
إربد التي احتضنت نصيب الأسد من اللاجئين الفلسطينيين بُعيد النكبة العام 1948، واستضافت أغلبية النازحين عقب حرب النكسة في حزيران (يونيو) 1967، وفتحت ذراعيها لمئات الآلاف من السوريين الذين لجأوا إلى ديارنا هرباً من القتل والدمار والموت، لن تكون مرتعاً لبؤر الشر.
وليعلم هؤلاء الإرهابيون أنه ما دام في الأردن رجال ونساء تنجب أبطالاً ديدنهم الإخلاص والانتماء لهذا الوطن وترابه الطهور، كأمثال الشهيد راشد الزيود، فإنهم لن ينالوا من الوطن شيئاً سوى حقدهم وحسدهم على أننا متوحدون جميعا على قلب رجل واحد. نم يا راشد قرير العين، فأنت وأقرانك من أشاوس الأردن قدمتم أرواحكم وأنفسكم فداء للوطن. وندعو الله جل في علاه أن يشفي رفاقك، ويحفظ وطننا آمناً مطمئناً.