"إرث الأردن": توثيق التاريخ والحضارة

جاء اختيار “الغد” لنشر زاوية أسبوعية في ملحق “حياتنا” تحمل اسم “إرث الأردن”، بالتعاون مع أصحاب المبادرة، لتعريف القراء بالإرث الاجتماعي والثقافي الزاخر والإسهام الانساني الذي نشأ في الأردن عبر عقود مضت من خلال صور متنوعة، أقدمها صورة التقطت العام 1862 وصولا للعام 1946.اضافة اعلان
تلك الصور النادرة التي توثق الزمان والمكان والواقع المعيشي للأردن بكل جوانبه، تأتي لتكون أداة حماية لإرثنا من الاندثار أو دخوله طي النسيان.
صور تنقل الماضي بكل ما يحمله، وتتناول جوانب تاريخية مهمة تشكلت عبر التاريخ بهذه المنطقة، لجذب اهتمام الوعي العالمي بالإرث القيمي والمكون الثقافي، والحقبات الزمنية التاريخية، وهذه هي المسؤولية التي حملها شباب أردنيون على عاتقهم.
صور رسمت الجمال على كل شبر من أرض المملكة. تحكي عن تفاصيل الحياة اليومية الاجتماعية والتطور العمراني والسكاني، والتغيرات الاقتصادية والسياسية. وتؤشر على أبطال الثورة العربية الكبرى، وصولا لاستقلال المملكة، وتعكس التشاركية والتعددية، وتلقي الضوء على حرية المرأة ودورها التاريخي قبل سنين طويلة، وطبيعة الحياة التي جمعت كل الطوائف بأجواء الألفة والمحبة.
مؤسسة “إرث الأردن” غير الربحية، استطاعت عبر 4 سنوات أن تكون صاحبة مبادرات حقيقية بهذا المجال، تربط الفرد بمجتمعه عبر اعتزازه وفخره بإرثه الحضاري والإنساني الممتد، وتسليط الضوء على تاريخ وحضارة وثقافة الأردن.
الباحث بالشؤون المجتمعية والمتخصص بدراسات الإرث ومدير عام المؤسسة الشاب فراس خليفات، كان صاحب الفكرة، مع مجموعة من الشباب، وبادر بإنشاء موقع “إرث الأردن” لخلق علاقة بين الفرد ومجتمعه، لتعريف المواطن بمساهمات الأردن عبر التاريخ من خلال قصص صنعت الأردن المشرف، وصور وثقت هذا البلد الجميل بكل جوانبه؛ إنسانيا وعلميا وثقافيا وزراعيا، والتناغم المجتمعي الذي كان ثيمته الأساسية.
أكثر من 8 آلاف صورة ووثيقة تاريخية، تضمها أكبر مكتبة صورية، تم جمعها وتوثيقها، بفضل مجموعة من الشباب والمتطوعين، وكذلك عرضها تفاعليا على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.
قسم الواقع الافتراضي مولود آخر للمؤسسة، ليكون الأردن من أوائل البلاد التي استخدمت تكنولوجيا الجيل الثاني من الواقع الافتراضي لمواقع أثرية ثلاثية الأبعاد. هذا المشروع استهدف بداية فئة ذوي الإعاقة ودور المسنين، ومرضى السرطان، وممن هم غير قادرين على زيارة المواقع التاريخية، ليتم تطويع التكنولوجيا لخدمتهم.
صاحب هذه الفكرة شاب أردني، وظف هذه التقنية بجوانب اجتماعية، ليكون هنالك أول متحف أثري على الواقع الافتراضي، لـ12 موقعا بمختلف المحافظات. هذا المتحف الافتراضي كان حاضرا في القمة العربية، والمنتدى الاقتصادي، ومؤخرا في مدينة الريادة والإبداع بمجمع الملك الحسين للأعمال؛ ليتيح الفرصة للأردنيين والأجانب لمشاهدة تلك المواقع.
“إرث الأردن” التي حصلت على دعم من صندوق الملك عبدالله، تسعى كذلك لتوثيق اللهجات الشعبية، و56 طبقا أردنيا تراثيا من جميع المحافظات، والموسيقى الشعبية والفلكلور كذلك، والحفاظ على الإرث والتنوع البيئي، وتصوير سلسلة وثائقيات عن أبطال الثورة العربية الكبرى، وعرضها كذلك في مسارح المحافظات، ونشر أكثر من 300 بحث تاريخي.
“إرث الأردن” استطاعت أن تكون مكتبة وطنية تخلد هذا التاريخ وتفتح عيوننا على ماض ثقافي وحضاري جميل بتنا للأسف، نفتقده كثيرا!!