إستراتيجية العمل الجديدة هل تنقذ الشباب؟

Untitled-1
Untitled-1

رانيا الصرايرة

عمان - في يومه الأول كوزير للعمل، اختار نايف استيتية أن يكون خروجه على الإعلام ببيان صحفي يوثق لقاء عقده مع مجلس إدارة غرفة تجارة عمان، ورؤساء نقابات وجمعيات وهيئات أصحاب العمل، وليكتفي بالقول إن الوزارة بصدد بناء استراتيجية واضحة لمسار عملها، وستكون بمثابة وثيقة لتطوير خططها في التعاطي مع مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية.

اضافة اعلان


ولعل المتابع لأنشطة وزارة العمل، وهي الوزارة التي تدير ملفات حساسة ومهمة، مثل ملف البطالة التي وصلت أوجها عندما بلغت خلال الربع الثاني من العام الحالي 24.8 %، بانخفاض قدره 0.2 % عن الربع الأول من العام نفسه، وبارتفاع مقداره 1.9 % عن الربع الثاني من العام 2020، بحسب دائرة الإحصاءات العامة، يعلم أن الخطة الاستراتيجية لوزارة العمل الممتدة من 2017 الى 2021 سينتهي العمل بها بعد شهرين، وبأن الوزارة وقبل قدوم استيتية بدأت بالتحضير للاستراتيجية الجديدة التي من المتوقع ان يستمر العمل بها لخمس سنوات مقبلة.


لكن السؤال الذي يطرح نفسه: "هل نجحت الوزارة في ترجمة ما جاء في هذه الخطط والاستراتيجيات الى واقع ملموس ساهم في تنظيم سوق العمل والتخفيف من مشاكله، وعلى رأسه مشكلة البطالة التي أصبحت إعصارا يهاجم الشباب بلا رحمة؟".


وكانت الوزارة وضعت خلال السنوات الأربع الماضية خططا واستراتيجيات عديدة أهمها الخطة التي ذكرناها، إضافة إلى الخطة الوطنية للتشغيل، والاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، والإطار الوطني للانتقال من القطاع غير المنظم الى المنظم، فضلا عن العديد من الخطط الصغيرة المختصة بتنفيذ أهداف الوزارة.


وفيما يخص ملف البطالة، تشير أرقام وزارة العمل إلى أن معدل البطالة للذكور بلغ خلال الربع الثاني من العام 2021 (22.7 %) مقابل (33.1 %) للإناث، ويتضح أنّ المعدل ارتفع للذكور بمقدار 1.2 نقطة مئوية، مقابل 4.5 نقطة مئوية، مقارنة بالربع الثاني من العام 2020.


وفي هذا الصدد، يؤكد مدير بيت العمال للدراسات حمادة ابو نجمة أن عملية استحداث فرص العمل هي من اختصاص الحكومة بمجملها، وبشكل خاص الوزارات والجهات الحكومية المعنية بتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار، صناعة وتجارة، وتخطيطا، ومالية، وتشجيع استثمار.


لكنه يشير الى أن هناك أدوارا عديدة على وزارة العمل القيام بها في مجال التصدي لآثار الجائحة على سوق العمل، وبشكل خاص دورها في المساهمة مع الجهات الحكومية الأخرى في مجالات تحفيز وتشجيع القطاع الخاص على استحداث فرص العمل، وتوفير قاعدة بيانات فعالة للباحثين عن العمل وفرصه، وتقديم خدمات التوجيه والإرشاد المهني للباحثين عن العمل، وتحسين بيئة العمل وفق المعايير الدولية لتكون جاذبة للأردنيين، وتوجيه الباحثين عن العمل لاختيار التخصصات الملائمة لاحتياجات سوق العمل.


ويضيف أن على الحكومة أيضا تمكين الشباب من اكتساب المهارات اللازمة لدخول سوق العمل والاستقرار فيه، والتشبيك بين الباحثين عن العمل وأصحاب العمل لإشغال فرص العمل المتاحة، وتطوير منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني، وإعطاء دور رئيسي للقطاع الخاص في وضع برامجها وتنفيذها بتمويل حكومي سخي.


ويضيف أبو نجمة: "يجب العمل على تحفيز الذين يعملون في القطاع غير الرسمي للتحول إلى الاقتصاد الرسمي، من خلال تغطيتهم بالحمايات القانونية والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وهذا يتطلب توفير حوافز مناسبة لتشجيع الانتقال، وتوسيع قدرات إنفاذ مراقبة شروط وظروف العمل، لضمان شروط العمل اللائق للجميع وتحسين آليات الإنفاذ في وزارة العمل وضبط الانتهاكات والحد منها".

أما فيما يتعلق باستحداث فرص العمل وتوليدها، والذي يتم من خلال عدد من العوامل الاقتصادية المحفزة للاستثمار والنمو الاقتصادي بشكل خاص، فيشدد أبو نجمة أن مسؤوليات تحقيقها تقع على الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بالشؤون الاقتصادية، كوزارات التخطيط والصناعة والتجارة والمالية وهيئة تشجيع الاستثمار وغيرها، بحيث تصبح سياسات الحد من البطالة من مهام كل منها، في إطار استحداث وحدات إدارية داخلها تعنى بهذا الشأن، وبحيث تتولى وزارة العمل عملية التنسيق فيما بينها لتضمن توحيد جهودها جميعها.


ويتابع: "في النتيجة ما يهمنا فعلياً في هذه المرحلة هو إيجاد قاعدة بيانات شاملة ومحدثة لسوق العمل والتغيرات التي حصلت نتيجة الجائحة بشكل خاص، لا سيما لمن فقدوا وظائفهم، والباحثين عن عمل، بحيث تعكس القاعدة بالأرقام الدقيقة والشاملة واقع فرص العمل والتشغيل الممكن توفيرها لهذه الفئات، بالتنسيق المباشر مع القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتشكيل لجان قطاعية تضع الحلول اللازمة لمشاكل كل قطاع وتعمل على تنفيذها".


في المقابل، يؤكد تقرير صادر عن المرصد العمالي مؤخرا "فشل برامج التدريب والتشغيل الحكومية التي كانت تستهدف محاربة البطالة وتركز على تهيئة الشباب والشابات وربطهم مع المشغلين في القطاع الخاص، حيث طبقت الحكومات المتعاقبة مجموعة من البرامج بأسماء مختلفة، من دون الالتفات إلى ضرورة العمل على تحسين شروط العمل في القطاع الخاص، الذي سرعان ما دفع غالبية المشتغلين في إطار هذه البرامج إلى ترك الوظائف التي عملوا فيها بسبب طول ساعات العمل وغياب الحمايات الاجتماعية وانخفاض مستويات الأجور".


وفيما يخص الإطار الوطني للانتقال إلى القطاع المنظم، لطالما طالب خبراء بضرورة تنفيذ ما جاء في الاطار الوطني للانتقال إلى الاقتصاد المنظم الذي أعلنت عنه الأطراف الثلاثة (الحكومة وأصحاب العمل والعمال ممثلين بالنقابات العمالية) قبل ست سنوات، حيث أكدوا أن تنفيذه سيسهم في توفير الحمايات القانونية والاجتماعية اللازمة للعاملين في هذا القطاع، ومنهم العاملون لحسابهم الخاص، ومن يسمون بعمال المياومة، وكذلك من يعملون بصورة جزئية أو مؤقتة أو موسمية، فضلا عن تحسين ظروف عملهم، وضمان شروط العمل اللائق لهم.

يذكر أن هذا الإطار تم إطلاقه العام 2015 بدعم من منظمة العمل الدولية، وصادق عليه كل من الحكومة، ممثلة بوزارة العمل والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، والاتحاد العام لنقابات العمال، وغرفة صناعة الأردن، ويعد وثيقة عمل وطنية مبنية على الفهم المشترك وتضافر الجهود، حيث إن الهدف الأساسي لهذا الإطار هو الاتفاق على منهج تكاملي، من أجل تعزيز التنسيق بين الاستراتيجيات والسياسات الوطنية القائمة، وتوحيد الجهود في سبيل الانتقال إلى الاقتصاد المنظم، وبشكل خاص الاتفاق على تعريف موحد لعمال القطاع غير المنظم ومؤسساته، واعتماده لتوحيد البيانات والإحصاءات القائمة، فضلا عن المساهمة في الحد من توسع الاقتصاد غير المنظم، وبناء شبكة من الشركاء لدعم العاملين وأصحاب العمل في القطاع غير المنظم وأسرهم.


وتقول المنسق الإقليمي لمنظمة العمل الدولية الدكتورة مها قطاع بأن من المهم أن يسعى الشركاء الاجتماعيون إلى مواجهة ظاهرة اتساع الاقتصاد غير المنظم والعمل على تحقيق العمل اللائق في الأردن، عبر تفعيل الإطار الوطني الذي من شأنه المساعدة في ضمان الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية للجميع، وزيادة الانتاجية والنمو الاقتصادي في البلاد.

واستعرضت قطاع الآليات والإجراءات الممكن اتخاذها في هذا الشأن، والتدخلات اللازمة من مختلف الجهات على مستويات السياسات والتشريعات والإجراءات، وتحديد الفئات الأكثر تضررا من العمال وأصحاب العمل، إضافة إلى تعزيز الحوار بين أطراف الإنتاج وأصحاب المصلحة لوضع الحلول اللازمة لضمان وصول الخدمات والدعم المقدم للعمالة غير المنظمة للجميع، واحترام الحقوق الاساسية في العمل، وضمان تكافؤ الفرص لكل العمال، بمن فيهم عمال الاقتصاد غير المنظم.