إسرائيل بحاجة إلى السلام في إثيوبيا

إسرائيل هيوم ايال زيسر 14/11/2021 على مدى السنة الاخيرة كثرت التقديرات، وكذا المخاوف، من اشتعال عسكري للقرن الافريقي، بوابة ارتيريا والسودان. في مصر بدأوا منذ الآن بشحذ السيوف، بل ان القاهرة هددت بانه اذا ما حققت اثيوبيا نيتها لتدشين سد النهضة والمس بتدفق المياه في نهر النيل الى السودان والى مصر – فلن يتبقى للقاهرة اي مفر غير الرد بالقوة والدفاع عن نصيبها في مياه النيل، الذي يشكل صخرة وجودها. في نهاية المطاف، اشتعلت النار في اثيوبيا. غير ان هذا ليس مواجهة جبهوية بين القاهرة واديس ابابا، بل مواجهة داخلية، بين حكومة اثيوبيا وبين ابناء الاقلية التغرية التي تسكن في شمال الدولة. صحيح أن هذه أقلية من نحو 6 في المائة من بين مائة مليون اثيوبي، ولكن مثل العلويين في سورية، هذه اقلية ادارت الدولة بيد عليا. وذلك الى أن اخذت الحكومة الحالية من ايديهم في 2018 بقيادة أبي أحمد، الحكم ودحرتهم عن مواقع القوة. اثيوبيا ليست دولة مصطنعة، رسم حدودها موظفون في لندن او في باريس، بشكل منفصل عن الواقع على الارض. وبالتالي لا يمكن اتهام الغرب، مثلما هو دارج اليوم في مطارحنا، بالمسؤولية عن المصيبة التي تحل بها. هذه المصيبة هي من انتاج حكام الدولة، الذين فشلوا في الجهود لخلق هوية وطنية ترص صفوف الجماعات الاثنية التي فيها ابناء الاورومو، الذين يشكلون نحو ربع سكان الدولة ويعيشون في مركزها وفي جنوبها؛ ابناء الامهارة، الذين يشكلون نحو 20 في المائة من السكان؛ واخيرا التغريون. بين هؤلاء توجد خصومة دائمة، تنتقل غير مرة الى مواجهات عنيفة. حرب واحدة على الاقل وصلت الى نهايتها، حين اعترفت اثيوبيا باستقلال ارتيريا وسحبت منها قواتها. وعلى هذا نال رئيس الوزراء أبي جائزة نوبل للسلام في 2019. ولكن توترات ومواجهات اخرى بقيت بلا حل. يمكن للحكومة في أديس ابابا ان تنجو، ولكن واضح ان الدولة التي تعتبر كـ "المعجزة الاقتصادية" في افريقيا، آخذة في التدهور الى الفوضى، والتي سيدفع سكانها ثمنها. بعد كل شيء، حتى في ايامها الطيبة وجدت فجوة ليس لها تفسير بين المركز الغني والاجزاء الاخرى حيث يتضور السكان جوعا بغياب المياه لسقاية القطيع والحقول. رغم البعد الجغرافي تجد اسرائيل نفسها تجتذب الى الحرب في اثيوبيا. اولا، بسبب ابناء جالية الفلاشا، التي لهم صلة باليهودية ويسعون الى الهجرة الى اسرائيل. وواقع الحرب الاهلية يجلب الكثيرين، مثلما حصل في اماكن اخرى في العالم الى الكشف عن جذورهم اليهودية، والنتيجة هي معضلة غير بسيطة لاسرائيل. ثانيا، بسبب مكان اثيوبيا الاستراتيجي، والتي تقع على مخرج البحر الاحمر: من جهة تثبت ايران لنفسها تواجدا عسكريا مهددا في اليمن، ولكن من الجهة الاخرى نجحت اسرائيل في ان تجند الى جانبها اثيوبيا، ارتيريا، جنوب السودان بل ومؤخرا السودان ايضا. كل هذا مهدد الآن بسبب حروب اهلية وصراعات داخلية تجتاح هذه البلاد. وفي النهاية، يجدر بالذكر بانه مع أن الازمة التي نشبت بين القاهرة واديس ابابات هددت بأن تجتذب اسرائيل اليها – فقد توجهت الدولتان اليها بطلب المساعدة والدعم. إن اعادة الهدوء والاستقرار في اثيوبيا هي مصلحة اولى في سموها، سواء لسكانها ام لجيرانها في القارة الافريقية ولكن ايضا بالنسبة لاسرائيل البعيدة.اضافة اعلان