إسرائيل تدعو مهندسي كمبيوتر فلسطينيين لمستوطناتها

فيما يتم العمل على "خنق" السلطة الفلسطينية، يتفق الجانبان الإسرائيلي والأميركي كيف سيتم القضاء على المحتوى السياسي للقضية الفلسطينية عبر مشاريع توفر بعض الأموال شريطة التبعية للاقتصاد الإسرائيلي.  

اضافة اعلان

يتم قطع المساعدات الأميركية، وتحريض العالم على وقف مساعدة الفلسطينيين، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، ويقفل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ويطرد الممثل الفلسطيني وعائلته، ولكن يسمح الإسرائيليون والأميركيون لأنفسهم عقد اجتماعات وتطوير خطط تمسّ الأرض الفلسطينية والفلسطينيين، من دون أي استشارة أو اعتبار للقيادة الفلسطينية. 

نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت في 3 أيلول (سبتمبر) الجاري، أنّه "كجزء من جهد أميركي – إسرائيلي مشترك لتعزيز آفاق الاقتصاد الفلسطيني، قابل وزير المالية (موشيه) كحلون، مع وزير الخزانة الأميركي ستيفن مونشين للاتفاق على تفاصيل مدينة صناعية تبنى في مستوطنة تينيه عومريم". وبحسب الصحيفة فإن المستوطنة تقع في منطقة جبل الخليل، جنوب الضفة الغربية، ويهدف المشروع إلى "توفير فرص عمل للفلسطينيين وتنمية الاقتصاد الإسرائيلي"، والمنطقة الصناعية ستركز في جزء مهم منها على تكنولوجيا المعلومات، وستتضمن تقديم تدريب في التجارة والسياحة.

في الواقع أنّ الخطط الإسرائيلية في مجال الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات واستخدام الفلسطينيين فيها، ليست جديدة، وعلى سبيل المثال، نشرت هآريتس تقريرا جاء فيه أنه "بسعر مهندس إسرائيلي واحد يمكن لشركة إسرائيلية تعيين ثلاثة مهندسين في الضفة الغربية". ونشرت الصحيفة صور شباب عرب، قالت إنهم يعملون في قطاع التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل. وأشارت لشركات تعمل لصالح إسرائيل في الضفة الغربية، وإلى وجود لحملة فلسطينية مضادة ترفض هذا التطبيع.

في العام 2014 نشرت "الإيكونوميست" أنّ 300 شركة فلسطينية تعمل في مجال البرمجة، وأن هذا نوع من التكيف أو المواجهة الفلسطينية للحواجز العسكرية، وللحرمان من المطارات، وقيود الحركة الإسرائيلية، وبالتالي فالبرامج هي نوع من مواجهة القيود الإسرائيلية. وما يبدو الآن أن الجانب الإسرائيلي يخطط لاحتواء هذه الشركات بطريقة مختلفة؛ فإذا كانت شركات البرمجة نوعا من كسر لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، التي تعيق أشكال الاقتصاد المختلفة، من زراعة، وصناعة، وسياحة، وتعليم، و..إلخ، فإن هذه الشركات تتحول لهدف إسرائيلي، تماماً كالمزارع الفلسطيني، والأماكن السياحية الفلسطينية (مثل كنيسة المهد)، التي يسوقها الإسرائيليون جزءاً من برامجهم السياحية.

يخطط الإسرائيليون لتقديم نموذج مستوطنة الخليل المشار إليه أعلاه، في المنتدى الاقتصادي العالمي، في دافوس، في شهر كانون الثاني (يناير) المقبل، باعتباره نموذجا للتعاون الفلسطيني الإسرائيلي، وأحد المسؤولين "الأميركيين" الذين يتابعون هذا الملف، هو المبعوث لعملية السلام والمفاوضات جيسون غرينبلات، أحد الذين يقودون عملية التهويد وإفراغ المفاوضات من معناها بحسم قضايا النزاع واحدة بعد الأخرى (القدس، اللاجئين، الأراضي والمستوطنات، ..إلخ)، والمقابل المطروح منه ومن المبعوث الآخر، جاريد كوشنير بحسب كلماتهما "تحسين أجور الفلسطينيين". اللافت أن اللقاءات الأميركية لا تضم فلسطينيين، في إشارة أولا إلى المدى الذي وصل إليه المسؤولون الأميركيون في قبول المستوطنات وتجاهل وضعها القانوني كأراضٍ محتلة، وثانياً أنهم يعتقدون فعلا، أنهم من يقرر ويخطط، وأن على الفلسطينيين القبول، وأنه إذا رفضت القيادة الفلسطينية الرسمية التساوق مع هذه المخططات، سيتم تجاوزها، ويظنون أنهم سيجدون فلسطينيين يقبلون ذلك. 

هناك آلاف العمال الفلسطينيين يعملون في مواقع بناء ومصانع إسرائيلية، بحكم عدم وجود فرص عمل، وهؤلاء لم تمنعهم أعمالهم من أن يكونوا في حالات كثيرة، جزءًا من المقاومة. ولكن مسألة مهندسي وفنيي التكنولوجيا، تهدف لاختراق فئة أخرى من المجتمع، والأكثر من ذلك استغلال هؤلاء ولغتهم العربية، لبيع خدمات وبضائع، عبر الإنترنت، للدول العربية، أي اختراق العرب بواسطتهم. 

ما يحدث هو جزء من محاولة تحويل قضية فلسطين من حقوق وطنية، ودولة، وتحرير، إلى موضوع ظروف حياة وفرص عمل. ولو نجح مشروع مثل مدينة الأعمال للتكنولوجيا في الخليل، ستصبح مزاراً يأتيه الإسرائيليون بالسياسيين والإعلاميين لإظهار أن المستوطنات مفيدة للفلسطينيين، وأن مقاطعتها تضر بالفلسطينيين، فضلا عن القول إن المستوطنات، وبالتالي الاحتلال، ليسا مشكلة، وأنّ المشكلة هي في منظمة التحرير الفلسطينية، وقيادتها. 

الفلسطينيون، بحاجة لتبني موقف واضح ورافض لمثل هذه المخططات، التي تجمع بين أهداف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني، وشرعنة الاستيطان، واختراق الأسواق العربية.