إسرائيل ترضخ..من كان يجرؤ على مساومة الملك؟!

ساور الكثيرين الشك بقدرة الأردن على فرض شروطه على إسرائيل فيما يخص حادثتي السفارة في عمان والشهيد رائد زعتير. كان الاعتقاد أن حكومة إسرائيل المتجبرة والمتمردة على الشرعية الدولية لن ترضخ لطلبات الأردن بالاعتذار والتعويض لذوي الشهداء ولن تلتزم بإجراء تحقيق قضائي كامل في الجريمتين.اضافة اعلان
لكن وبعد أشهر من التملص والمماطلة حاولت إسرائيل خلالها استعادة العلاقات الدبلوماسية مع الأردن بأقل كلفة ممكنة، لم تجد حكومة نتنياهو بديلا سوى الامتثال للشروط الأردنية التي أعلنها جلالة الملك شخصيا بعد أقل من 48 ساعة على جريمة السفارة، والتزم بها أمام شعبه والعالم.
في ذلك الوقت تحديدا التقى الملك بعدد من الصحفيين. كانت عيونه تقدح شررا وهو يشرح تفاصيل ماجرى. وأدركنا يومها أن أحدا في العالم لن يجرؤ على مساومة الملك على شروط رد الاعتبار، خاصة بعد خطوة نتنياهو الاستفزازية باستقبال القاتل والسفيرة في مكتبه.
ومع كل عرض تقدمه إسرائيل لتسوية الأزمة والالتفاف على الشروط الأردنية كان الأردن يرد على الفور بالرفض، وتمسكت الدبلوماسية الأردنية بعنادها دون أدنى اكتراث لردود الفعل الإسرائيلية، وظلت السفارة مغلقة ولم يسمح بعودة أي من أفراد طاقمها، في خطوة لم نشهد مثلها إبان محاولة إسرائيل اغتيال خالد مشعل في عمان.
فاقمت التطوارت في القدس الأزمة بين البلدين، وشعرت أوساط إسرائيلية أن الأردن مستعد أن يمضي بعيدا في التصعيد بما يهدد مكتسبات العلاقة ومعاهدة السلام. وقد أدرك الجانب الإسرائيلي بعد حادثة السفارة أن الأردن لن يقبل أن يكون الطرف الضعيف في المعادلة مهما بلغت الضغوط عليه.
ستعمد حكومة نتنياهو إلى تصوير موقفها من الأزمة مع الأردن واعتذارها ومن ثم إعادة فتح سفارتها في عمان على أنه اختراق يمكن توظيفه لدق أسفين في جدار الاجماع العربي والإسلامي الرافض لقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لها، ولسياسات حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
سيخيب أمل نتنياهو في القريب العاجل؛ الرضوخ للشروط الأردنية لن يقابله تنازلات من عمان في قضايا الحل النهائي وفي مقدمتها القدس المحتلة. على العكس تماما قوة الموقف الأردني وشجاعته حيال موضوع القدس والوصاية الهاشمية، منحا الأردن فرصة التفوق في حادثة السفارة.
تسوية الأزمة على المستوى الثنائي لايعني أبدا زوال أسباب التوتر في علاقة الطرفين. الموقف الأردني الرافض لسياسات إسرائيل العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني لن يتبدل، والعلاقة التكاملية مع السلطة الفلسطينية ستحتفظ بزخمها عندما يتعلق الأمر بقضايا مصيرية تعني الشعبين الأردني والفلسطيني. فبينما كان وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني يعلن من عمان تفاصيل رسالة الاعتذار الإسرائيلية، كان وزير الخارجية أيمن الصفدي يؤكد من قلب واشنطن على ثوابت الموقف الأردني من قضية القدس والحل العادل لقضية الشعب الفلسطيني.
ولن تنال إسرائيل  رضى الشارع الأردني أبدا، ستبقى في نظر الجميع دولة احتلال إلى أن ينال الفلسطينيون حقوقهم المشروعة. 
الإدارة الحكيمة والعنيدة لأزمة العلاقة مع إسرائيل أعطت الأردن الفرصة لاختبار أوراق قوته، وقد اجتاز الاختبار بنجاح.