إسرائيل تسلم بإيران نووية

مفاعل بوشهر الإيراني.-(أرشيفية)
مفاعل بوشهر الإيراني.-(أرشيفية)
هآرتس نوح شمير 6/7/2022 في المخابرات الأميركية، قالوا قبل شهرين تقريبا إن إيران ستصبح دولة حافة نووية في غضون أسبوعين. حتى لو لم تكن دقة في هذا التقدير، إلا أن الوضع الآن هو هكذا. لسبب ما لا يوجد لهذه الحقيقة أي صدى في الصحافة المكتوبة والصحافة المسموعة في إسرائيل. إضافة الى ذلك، من دون الرقابة الملزمة التي ينص عليها الاتفاق النووي فإنه لا يوجد لنا أي طريقة لمعرفة إذا كان تخصيب اليورانيوم بمستوى 60 %، كما قال الإيرانيون، أو ربما الـ90 % المطلوبة لإنتاج قنبلة نووية. من المرجح أنه قبل العودة الى الاتفاق النووي، فإن إيران لن تنحرف عن مستوى الـ60 % لأن نقل اليورانيوم المخصب الى الخارج من أجل الفحص هو جزء من الاتفاق. في المقابل، من يعارض الاتفاق يجب عليه أن يأخذ في الحسبان بأنه من دونه فإن التخصيب سيكون بالمستوى المطلوب لإنتاج القنبلة. صحيح أن تخصيب اليورانيوم هو فقط المرحلة الأولى، وأن هناك مراحل أخرى لإنتاج القنبلة وهي تحتاج الى عناصر تشغيل، لكن حتى في هذه الحالة فإن الاتفاق النووي يمكن أن يصعب على هذه المراحل، وعدم التوصل اليه سيسهل ويسرع العملية التي بدأت كما يبدو. من المهم الإشارة الى أنه في حين أن تخصيب اليورانيوم يتم في منشآت كبيرة، يسهل الوصول الى معلومات عنها وربما أيضا مهاجمتها وتدميرها، فإن المراحل المقبلة للتقدم نحو قنبلة عملية يمكن تنفيذها في منشآت صغيرة نسبيا، التي يسهل إنشاؤها في أماكن مختلفة من أجل إخفائها وفصلها، بحيث أنه لو كشف عن عدد منها وهوجمت فإن الأخرى ستواصل العمل بالسر. إذا كان الادعاء هو أن الاتفاق النووي غير جيد، وأنه من الأفضل أن يعالج الجيش الإسرائيلي المشكلة من جذورها من جهة، وأن العقوبات ستبقى كما هي من جهة أخرى -فإن الوقت لمعالجة المشكلة هو الآن، أو حتى قبل بضعة أسابيع. عدم مهاجمة منشآت التخصيب هي الدليل على أنه لا توجد لدى إسرائيل أدوات لفعل ذلك وحدها. كل ذلك يظهر أنه في المعارضة للاتفاق النووي، إسرائيل تسلم بتحول إيران الى دولة نووية. وهنا يتم طرح سؤال لماذا. لأنه في نهاية المطاف بنيامين نتنياهو أعلن صبح مساء أن إيران تعد لنا كارثة نووية، والتسليم بالمشروع النووي الإيراني هو بمثابة "لن يمر إلا على جسدنا". أيضا نفتالي بينيت (بشفقة أقل) يتبنى الموقف نفسه، على الأقل بشكل رسمي. الجواب، حسب رأيي، يكمن في تعزز المسار التقليدي للعدوان الإيراني مقابل المسار النووي، والخيار هو أي المسارين يجب محاولة وقفه وإضعافه على حساب المسار الثاني. كما نشرت في السابق "النووي الإيراني لا يعد تهديدا وجوديا. نحن بحاجة الى استراتيجية مختلفة" ("هآرتس"، 8/7/2021). حسب الصحافة الأجنبية، التي اقتبستها أيضا القيادة في إيران، فإن الردع النووي الإسرائيلي عظيم. في حالة أن إيران تحولت الى دولة نووية، فإن الأمر مدار الحديث لن يكون ردعا متبادلا، بل ردع بين فأر وفيل. يظهر لي أنه خلافا للتصريحات الرسمية، فإن إسرائيل قررت الاعتماد على الردع النووي لديها والتركيز على محاربة القناة التقليدية، وهي ضخ السلاح ومشروع زيادة دقة صواريخ حزب الله والتطوير السريع لمشروع الصواريخ والطائرات الإيرانية المسيرة وتعزيز الميليشيات المؤيدة لإيران في سورية واليمن. تعبير صريح عن هذا التوجه يمكن رؤيته في الهجمات الإسرائيلية ضد الإيرانيين، التي لا تنتمي للمشروع النووي. كما يبدو، معارضة الاتفاق النووي هي في الأساس معارضة لرفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، التي يمكن أن تتسبب بتدفق الأموال الكثيرة الى القناة التقليدية. الخوف هو من أنه في نهاية المطاف نحن سنأكل السمك المتعفن وأيضا سيتم طردنا من المدينة. من جهة، إذا لم يتم التوقيع على اتفاق نووي جديد فإن إيران ستتحول بالتأكيد الى دولة نووية، من دون أن تتمكن إسرائيل من منع ذلك (لذلك، الاستخبارات العسكرية مع الاتفاق من أجل أن يتم استعداد منسق مع الولايات المتحدة لمنع تحول إيران الى دولة نووية)، ومن جهة أخرى، من الواضح أن العقوبات المفروضة على إيران، التي عول عليها من يعارضون الاتفاق، لم تحقق هدفها، وهو خنق اقتصاد إيران الى مستوى يجبرها على وقف تأييدها الكبير لحزب الله ومنظمات أخرى، وربما في نهاية المطاف ستؤدي الى إسقاط نظام آيات الله في إيران. مثال كوريا الشمالية التي فيها النظام الشمولي يحدد سلم الأولويات العسكري ولا يهتم بالضائقة التي وجد نفسه فيها، يثبت أن هذا النظام يمكن أن يتجاوز كل شيء بما أنه يستطيع أن يقمع بقبضة حديدية أي انتفاضة. يتبين أن هذا ما يحدث أيضا في إيران. فالعقوبات تصعب جدا على المدنيين (أنا أفترض أنه ليس هذا ما كان يقصده من يؤيدون العقوبات)، لكن لا توجد أي مؤشرات على تقليص الدعم، الذي يتمثل بإرساليات السلاح والوسائل لتحويل صواريخ حزب الله الى صواريخ دقيقة، أيضا لا توجد أي احتمالية حقيقية لإسقاط نظام آيات الله. إضافة الى ذلك، الانسحاب أحادي الجانب وغير المنسق لدونالد ترامب من الاتفاق النووي جعل شركاءه في الاتفاق النووي من العام 2015 يعارضون فرض العقوبات. في مقدمة الدول المعارضة توجد الصين، التي لها اتفاق طويل المدى لشراء النفط الإيراني. ولكن بعض الدول الأوروبية لم تنضم للعقوبات بشكل كامل. إزاء هذا الوضع، من البداية، فإن فعالية العقوبات الأميركية كانت أقل. حقيقة أن إيران لم يتم ضغطها ولم تتنازل خلال فترة طويلة، الأمر الذي كانت بحاجة إليه تكتيكيا، عن طلبها بشطب حرس الثورة الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية، الذي هو بالأساس طلب مبدئي وتصريحي، كما أوضح يئير غولان وتشيك فرايليخ في مقال نشر في "هآرتس" في 17/4، تثبت أن الوضع الذي يراوح فيه الاتفاق في المكان ولم يتم التوقيع عليه، الأمر الذي يمكن إيران من استكمال الإسراع نحو دولة حافة نووية، هو وضع مريح للإيرانيين. الآن يتم نشر أنباء عن استئناف المحادثات النووية. مرة أخرى الغرب متحمس وإيران تحدد الوتيرة المناسبة لها. يبدو أن الإيرانيين قد استكملوا الخطوات التي أرادوها في القناة النووية، والآن هم يريدون تسريع القناة التقليدية. يمكن فقط الأمل بأن تكون إسرائيل في المقابل جاهزة للتنسيق مع الولايات المتحدة من أجل مواجهة الوضع الجديد.اضافة اعلان