إسرائيل دولة تخون رعاياها

معاريف

جدعون سامت

20/8/2009

يلقي الناس باللائمة على الشرطة تجاه موجة الجريمة البشعة كونها المسؤولة عن الا يقتل، أو يسلب، أو يضرب، أو يغتصب أي شخص. وهي تستحق اللوم لانها بالفعل لا تؤدي دورها كما ينبغي. وفي هذا الموضوع ثمة تجربة شخصية مثيرة للاعصاب حتى المأساة بالنسبة لعدد كبير من الاسرائيليين. وبالتوازي، تظهر جملة صور محرجة في الجيش ايضا. الجهازان اللذان يحميان أمنكم أخذانا مرة اخرى في طريق أسود. ليس بسبب القيظ. وليس بسبب نقص الميزانية. وفي جملة من الاحداث البشعة تبين ما تعلمه الكثيرون ويعرفونه منذ زمن بعيد: الوضع الإسرائيلي لا يسير كما نشاء. والشرطة هي مجرد جزء صغير من السقوط.

اضافة اعلان

الدولة تكبو بشكل مخجل في الكثير من مهامها. فهي تفشل في تقليص القتل على الطرقات. والتعليم يتدهور رغم أنه في العقدين الاخيرين اضيف له مال بمقدار يقترب من الذروة العالمية. والجهاز الصحي يتميز باداء طبي، ولكن صلاحيته العامة غير موثوقة. نحن نتراجع في خدمات الرفاه. وشركات خاصة، مثل الكوابل، تنغص عليكم حياتكم. والبلديات غارقة في الفساد. ومنذ سنين والجيش يتراجع في سمعته الطيبة.

إسرائيل ما تزال متخلفة جدا في هذه المجالات. فالبنى التحتية متهالكة. والخدمة ضعيفة. ووزارات حكومية مركزية متحجرة. ولم نستوعب حقيقة اننا نعيش على مساحة تساوي مساحة ولاية نيوجيرزي في الولايات المتحدة  لكننا اصبحنا أكثر اكتظاظا مما في الدانمارك (5.5 مليون) ولا توجد دولة اخرى ازداد عدد سكانها بهذا المعدل. وقد قال شقيق المغدور آريه كارب: نحن نعيش في غابة.

د. يعقوب كارب، طبيب العيون من كريات بيالك، ضرب في السنة الماضية في العيادة على يد ابن امرأة طلبت ان يفحصها من دون دور. واشتكى في الشرطة، لم يستدعَ للاستيضاح وبعد نصف سنة تلقى بلاغا يقضي بان الملف اغلق "لانعدام الاهتمام العام".

المشبوهون بقتل كارب عربدوا الاسبوع الماضي في ذات الشاطئ وهم سكارى، وقد هددوا حياة مراقب استدعى سيارة شرطة أجرت دورة في المكان وانصرفت. المزيد من المال لن يجدي نفعا هنا. بسبب شيء عميق وعنيد اسرائيل هي مكان يخون رعاياه. فقد تغيرت جدا وخدماتها لا تلحق بالتغيير. ودفع المزيد من الشرطة الى الشوارع سيجدي قليلا ولكنه لن يؤدي الغرض.

مرة قال احدهم ان كل ما تحتاجه اسرائيل الصغيرة هو "شريف" جيد. لكن الواقع أنها تحتاج الى اكثر من ذلك بكثير. والمطلوب هنا تغيير جذري في مفهوم الخدمة التي تلتزم بها الدولة تجاه سكانها. والى أن يحصل هذا فانهم سيواصلون المعاناة من الصفقة الخربة التي عقدوها مع السلطات. إن التحسن في المؤشرات الاقتصادية والدفع بالمال الخاص حتى في وقت الازمة العالمية يخلقان الانطباع المغلوط بان الدولة تتنافس مع افضل دول العالم. لكنهم لا يتصرفون على هذا النحو تجاهكم.

إن المثير للاعصاب هو الحاجة الى الكثير من المعاناة الاضافية التي تلحق ببعض العائلات في هذه الاسابيع لكي يتم فهم حاجة مهملة جدا: المعاملة المغايرة للسكان الذين يعدون 7 ملايين ممن لا يمكنهم ان يعيشوا هنا حياة آمنة الى أن تتغير الصفقة القديمة التي عقدوها مع السلطات. بقدر ما ليس لنا بلاد اخرى، فهذه البلاد التي لنا ينبغي أن تدار حسب حجومها الصحيحة. المال يمكن ان يتوفر، فهم يسكبونه على المستوطنات بوفرة. وما ينقص هو الاعتراف في الشارع وفي القيادة بان الدولة نفسها مغايرة. وتكييفها مع حجمها الحقيقي، في مجالات عديدة، لا يقل عن الثورة. لا تخدعوا انفسكم بحلول سريعة. فالتغيير الذي سيحقق الفارق في دولة تخرج عن الخطوط بعيد عنا اكثر من الشرطة حين نحتاجها.