إسرائيل في شرك روحاني

روبيك روزنتال -معاريف
خلل وقع في السياسية الخارجية الإسرائيلية. الذخر الاساسي فيها، احمدي نجاد، اعتزل الحكم. خليفته، في عدة مواضيع هو النقيض التام. احمدي نجاد كان يبدو ويسمع كمن هو صاحب بسطة (واعتذر من اصحاب البسطات بصفتهم هذه، فهذا مجرد تعبير يقوم على اساس الرأي المسبق)، صارخ عديم الكاريزما، وممثل قصير القامة لعقليته وسياسته. اما روحاني فيتحدث بلغة يتمناها الغرب، لغة الدبلوماسية، يطلق الوعود التي يريد الغرب ان يسمعها، يتنكر لنفي الكارثة علنا.اضافة اعلان
يحتمل ان يكون الإيرانيون بالفعل أعدوا هنا شرك عسل، وفي نيتهم مواصلة انتاج القنبلة الذرية الفاعلة، وفي اللحظة الحاسمة ابادة إسرائيل. ولكن السياسة مبنة على المسافات القصيرة. في المدى القصير حصل شيء ما، شيء هام بالنسبة لإيران والعالم، وشيء هام في المناخ الإيراني الداخلي. واذا ما نظرنا إلى المدى المتوسط إلى الوراء، يتبين أن العقوبات اثرت هي الاخرى، وكذا الاجواء الداخلية في إيران ساهمت بدورها، وربما حتى يلوح تغيير في سلم اولويات الإيراني.
الاشتباه الإسرائيلي، والغربي بشكل عام، تجاه الحكم الجديد – القديم في طهران، حيوي لمواصلة الطريق. ولكن من دخل إلى شرك روحاني لم يكن الغرب، بل كانت إسرائيل. القليل من التفكير، الخروج من العلبة، الاختيار بين البدائل كان يمكنه أن يوضح للمطبخ الصغير الذي يعد السياسة الخارجية – الامنية الإسرائيلية بانه كان من المجدي التفكير بشكل مختلف. التحذير من الخطر، ولكن الاشارة إلى الامل. عرض الاشتراط وعدم التمسك بالوصف المؤكد الذي بموجبه البحر هو ذات البحر، وإيران هي ذات إيران. روح اسحق شمير، كما يبدو، ما تزال تحوم في هذه الاماكن.
وهكذا وقع التماثل المعاكس، والحلم الرطب لروحاني تجسد. إسرائيل تؤدي الادوار التي كان يؤديها حتى قبل وقت قصير مضى احمدي نجاد. فقد كان مجنون اضطهاد مع شهادات، والان إسرائيل تظهر كمن اصيبت بجنون الاضطهاد. لم يكن يعرف سوى الكراهية، والان كارهة إيران الوحيدة هي إسرائيل. الإيرانيون يخرجون من القاعة حين يتحدث الإسرائيلي، والان الإسرائيليون يخرجون من القاعة حين يتحدث الإيراني. إيران احمدي نجاد معزولة، إسرائيل نتنياهو معزولة. إيران تلمح بالانضمام إلى ميثاق السلاح النووي، إسرائيل تواصل رفض المشاركة في الميثاق. هذا سلبي لذاك. أسود وأبيض. في أيام احمدي نجاد كانت إسرائيل تعتبر الابيض وإيران الاسود، والان قادت إسرائيل نفسها إلى الطرف الاخر: إيران البيضاء وإسرائيل السوداء.
بالتأكيد يحتمل أن في المدى البعيد، اذا تبين أن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم، وان القنبلة على الطريق، وان امكانية "الهجوم" تتبدد (هذا اذا كانت في اي وقت من الاوقات) سيكون بوسع نتنياهو أن يظهر بفخار في كل الشبكات ويقول: "قلت لكم". هذا ما يمكن عمله ايضا لو كان امتنع عن سياسة الرد السياسي الحالية واختار طريقا متوازنا تأكيديا، لغة النعم وليس لغة اللا.
يحتمل جدا أن يكون رئيس الوزراء نتنياهو، رجل التسويق في ماضيه وفي طبيعته، يعرف الفخ الذي علق فيه واليه يواصل سحب نفسه وسحب دولة إسرائيل. ولكن عندها كان سينظر يمينا ويسارا. على يمينه بينيت؛ ليبرمان الذي لا يصدق احدا غير نفسه، ولهذا أيضا لا توجد أدلة؛ شتاينتس، الذي جعل التشاؤم المطلق فلسفة سياسية؛ ودانون الذي يكتب مقالات في "نيويورك تايمز". الشخصان الاكثر سواء للعقل في الميدان هما بوغي الوزير وبيني رئيس الاركان. من اليسار، غارق عميقا في مستنقع العجز الوطني وفي انخفاض مستمر لسمعته يوجد لبيد. بلا قوى. في هذه الحكومة قد لا يكون هناك قلقون (أي الأحزاب الأصولية)، ولكن الطريقة التي تعمل فيها في أيام التغيير العالمي هي بالتأكيد مصدر للقلق.