إسرائيل لا تريد الأردن في الضفة الغربية

ماهر أبو طير

لقد قيل مرارا إن إسرائيل لا تريد دولة فلسطينية، في الضفة الغربية، ولا تريد أيضا أن يعود الأردن إلى الضفة الغربية، وهي تعتبر الضفة جزءا من كينونة الاحتلال، بما في ذلك القدس.اضافة اعلان
يقال هذا الكلام، لأننا منذ اتفاقية أوسلو، وما قبلها وبعدها، نتحدث عن مشاريع كثيرة، مرتبطة بعملية السلام، وهي مشاريع يتشاغل فيها الكل، عدا الإسرائيليين الذين التهموا أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية، ويواصلون بناء المستوطنات، ولا يأبهون بكل الاعتراضات الدولية.
بناء التصورات بشأن المستقبل، على أسس وهمية، يؤدي إلى خيبات أمل دائما، ولا بد من الاعتراف أن كل مشروع أوسلو كان فاشلا، ولم يستفد منه إلا الجانب الإسرائيلي الذي حصل على اعتراف فلسطيني مجاني، بشرعية الاحتلال على ثلاثة أرباع فلسطين، دون أي مقابل.
الفلسطينيون اليوم، عالقون في المنتصف، بعد أن تحولت سلطة رام الله، إلى سلطة وظيفية تدير مهمات الاحتلال، بالنيابة عنه، ولا هي قادرة على التحول إلى دولة، ولا مقاومة الاحتلال.
السيناريوهات التي يطرحها البعض، حول وضع الضفة الغربية، سيناريوهات عمياء، لأن هؤلاء يتناسون أن إسرائيل لن تقبل بقيام دولة فلسطينية، ولا ربع دولة، ولا تريد إعادة متر من الأرض، من منطقة تعتبرها مقدسة، أي يهودا والسامرة، وفقا للمفهوم اليهودي المعروف هنا، وهي أيضا لا تريد أي طرف بديل، داخل الضفة الغربية، مهما ظن البعض عكس ذلك.
هذا يعني أن مواصلة تقديم الاقتراحات وخلع الملابس قطعة وراء قطعة من أجل تقديم وصفات حلول لإسرائيل لن يؤدي إلى أي تغيير في الواقع، فالمشروع الإسرائيلي متواصل، بسرعة في الضفة الغربية والقدس، وهو مشروع له اسسه ومعاييره التي تقوم على التمدد إلى كل المشرق العربي.
مشكلة إسرائيل تكمن في السكان، وما تبقى من الأرض، ومفردة السكان هنا، مفردة إسرائيلية، يراد القول عبرها، إنه لا يوجد أصحاب أرض بل مجرد سكان يتوجب حل مشكلتهم، بطريقة أو أخرى، إما عبر الإدارة بواسطة شكل من أشكال الحكم، كما في سلطة أوسلو، أو حتى عبر مشاريع دمجهم أو تذويبهم، أو البحث عن حاضنة داخلية، او إقليمية، تستوعب الفلسطينيين.
لا يوجد أي طرف مستعد لمثل هذه السيناريوهات، فالأردن مثلا لن يقبل أي صيغة تؤدي الى تحويله الى حاضنة سكانية، بأرض أو دون أرض، وهو أيضا، يتجنب الحساسيات الفلسطينية التنظيمية والرسمية التي كانت تشكك تاريخيا بالسياسات الرسمية في عمان، إضافة إلى أن الفلسطينيين لم يقدموا كل هذه التضحيات من أجل تحويل قضيتهم نهاية المطاف إلى مجرد قضية سكان بحاجة الى حاضنة قانونية، تستوعبهم وتتولى إدارة شؤونهم، في ترقية لوظيفة السلطة ودفعها نحو طرف ثان، لكنه سيكون مطالبا بتنفيذ ذات مهام السلطة، إزاء السكان، وقضاياهم، فيما يجب ألا يغيب عن البال، موقف الأردنيين الواضح، تجاه هكذا مشاريع خطيرة.
من المفيد هنا القول إن كل محاولات التطوع العربية لتقديم وصفات من أجل إنهاء القضية الفلسطينية، وصياغة السيناريوهات بأنماط مختلفة، لا يقف عندها الإسرائيليون.
لو افترضنا أن الأردنيين والفلسطينيين، قبلوا صيغة تؤدي إلى إلحاق أهل الضفة الغربية بالأردن، فإن هذا الحل على الرغم من كونه يصفي القضية الفلسطينية، إلا أن المفارقة هنا أن إسرائيل ذاتها لا تقبله، فهي لديها مشروع بمعايير معينة، وتريد كل الأرض من جهة، وتريد التخلص من الفلسطينيين ككتلة بشرية، فقط، وليس مجرد البحث عن صيغة سياسية، لإلحاقهم بحاضنة قانونية جديدة، فهذا الإلحاق متوفر أساسا بسلطة رام الله، حتى لو كانت أقل من دولة.
الذي يتوجب قوله هنا، إن كثرة التطوع والتخلي عن الحقوق، لن يؤدي إلا لمزيد من الضياع، وكما أسلفت فإن مشكلة إسرائيل الأساسية هي الفلسطينيون، التي تتولى سلطة رام الله إدارة شؤونهم، في صيغة معلقة، أقل من دولة، وهي صيغة مشوهة مقارنة بكل ما يجري في العالم.
الضفة الغربية بنظر الاحتلال، ليست أردنية، ولا فلسطينية، وأي حلول مجانية يقدمها البعض مرفوضة إسرائيليا، لأن التخطيط الإسرائيلي يجري نحو نقطة مختلفة تماما.