إسرائيل لا روسيا وإيران هي من أبقت بشار

منذ انهيار الاتحاد السوفيتي لم تستقر العلاقات الدولية باتجاه التوازن مع الولايات المتحدة الأميركية، وفي ما خص قضايانا في الصراع العربي الإسرائيلي والحصار على العراق وحربه وغيرها لم تظهر روسيا مواقف فارقة. ولكن بنفسية المهزوم ظل كثيرون يتوهمون موقفا روسيا يحيي رميم عظام الاتحاد السوفيتي. مع أن القيصر الصغير بوتين ظل ضيفا دائماً على الإسرائيليين وهم بادلوه الود وظلت روسيا بلدا صديقا وحليفا، مع هامش مناورة لفظي يرطن بلغة تداعب عواطفنا. اضافة اعلان
روسيا الإمبراطورية العجوز المتصابية تستخدم هي والإمبراطورية المراهقة إيران سورية لتحقيق طموحاتهما في المنطقة والعالم. لكن هذا الطموح الإمبراطوري ما كان ليبقي بشار لو أن الغرب قرر التدخل كالبوسنة أو ليبيا، أو سمح بالحد الأدنى بدخول السلاح النوعي، وهذا ما لم يتم بسبب أن العامل الإسرائيلي يريد بقاء بشار.
لا نحتاج لشواهد لشرح وجهة النظر الإسرائيلية، وفي عالم تحكمه الشفافية قدم هاليفي مدير الموساد الأسبق مرافعة في أهم مجلة فكرية تؤثر في السياسة الخارجية الفورن أفيرز تثبت أن بشار هو رجل إسرائيل في دمشق. لم يكن يقصد التشهير به، لكنه يريد أن يحسم النقاش أميركيا وغربيا باتجاه عدم التدخل، والجمعة الماضية عنونت التايمز اللندنية نقلا عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع "إسرائيل تريد بقاء بشار".
هذه الفزعة الإسرائيلية ليست بريئة، خصوصا أنها جاءت بعد قصف سلاح لحزب الله في دمشق. ولم تخجل إسرائيل من القول إنها أرسلت رسالة لبشار بأن المقصود حزب الله. وقد رد بشار التحية بمثلها في كلمة مندوبه في الأمم المتحدة الجعفري حين نافق للإسرائيليين والأميركان باعتبار أنه شريكهم في الحرب على الإرهاب. 
 يفزع الإسرائيليون لأن الأميركان ومن حالفهم قرروا بأن العام 2013 سيشهد نهاية بشار، إما أن يخرج بحل سياسي أو يخرج بحل عسكري. ويدرك الإسرائيليون أن طبيعة النظام ترفض أي حل سياسي، فإن الحل العسكري آت لا محالة. سواء بتزويد الثوار بالسلاح النوعي الذي حرموا منه خلال عامين أو بعمليات جراحية للنظام من خلال ضربات جوية، أو بالأمرين معا.
حاليا الوضع وبلا أوهام دخل مرحلة الجمود، فلا النظام قادر على هزيمة الثوار ولا الثوار قادرون على هزيمته. هذا الوضع وما سبقه خدم الاستراتيجية الصهيونية بتدمير سورية. وقد قام النظام الإجرامي الدموي بما تعجز عنه قوات احتلال. الشعب السوري اليوم تعرض لأسوأ من قنبلة هيروشيما، ولا يوجد سوري لم يتعرض لأثر تدميري سواء القتل أم الاعتقال أم الاغتصاب أم تدمير البيوت ، يروي أحد قادة حماس عن عائلة سورية لجأت إلى لبنان، 12 امرأة من 70 سنة الجدة إلى الحفيدة 7 سنوات اغتصبن جميعا وقتل كل ذكور العائلة، نحتاج تدخلا دوليا كما حصل في البوسنة للحفاظ على ما تبقى من سوريين أو تقديم السلاح النوعي للثوار وإلا نحن أمام مجزرة مفتوحة، وستكون معكوسة بحق العلويين بعد سقوط النظام.
المأمول أن يتمكن الثوار من كسر الجمود العسكري وإحداث اختراق في جبهة دمشق، لكن إن لم يحصل هذا وفي ظل انعدام فرص الحل السياسي، سنجد أن الإمبراطورية الأميركية التي تمر بسن اليأس مضطرة لرفع حظر السلاح النوعي عن الثوار، وربما المساهمة في عمليات جراحية للنظام. ساعتها روسيا ستكتفي بما فعلته مع الصرب في البوسنة، أما الصهاينة فسيقبلون على مضض سقوط بشار، وسيعملون شريطا أمنيا في الجنوب، ناسين أن هذا الشريط في لبنان هو من أوجد المقاومة.

[email protected]