إسرائيل والقلق من شحنة الصواريخ الروسية

هآرتس

عاموس هرئيل

ما تزال الهجمات الجوية الاخيرة في سورية التي امتنعت إسرائيل عن تحمل مسؤولية رسمية عنها تدوي في المنطقة بعد ان عاد الجمهور في البلاد الى الاهتمام بالمجال الاقتصادي. وقد وقعت في الايام الاخيرة ثلاثة تطورات على الأقل تتصل بأعمال القصف وقد تكون لها جميعا جوانب مقلقة بالنسبة لاسرائيل.اضافة اعلان
ففي رد على القصف هدد رئيس سورية بشار الاسد والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ايضا بأنه يتوقع تجديد النضال ضد اسرائيل على حدود هضبة الجولان، بل إن نصر الله أشار اشارة خفية الى أن منظمته ستشارك في ذلك. وقال نصر الله ايضا، لاول مرة بصورة معلنة، إن حزب الله معني باحراز ما يوصف بأنه "سلاح يُخل بالتوازن"، أي تلك الانواع من الاسلحة (السلاح الكيميائي والمنظومات المضادة للطائرات المتقدمة، وصواريخ ارض – ارض ذات درجة دقة عالية وصاروخ الساحل – بحر الروسي "يحونط")، التي أعلنت اسرائيل أنها ستستمر في العمل لاعتراض نقلها الى حزب الله.
ويتعلق التطور الثالث وهو الأهم بتجديد الاشتغال بامكانية أن تسلح روسيا سورية بصواريخ ارض – جو من طراز "إس300". وقد سارعت موسكو في الحقيقة الى نشر نصف إنكار لذلك حينما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف أنه لا يوجد عند بلده خطط جديدة لبيع سورية منظومات مضادة للطائرات. لكن كان يبدو في المؤتمر الصحفي وقت زيارة بولندة أن لافروف يقشع متعمدا الضباب في هذه المسألة حينما أوضح أنه ما زالت توجد بين روسيا وسورية صفقات سلاح سابقة لم تُستكمل بعد.
إن هذه الأنباء تقلق اسرائيل الى حد أنه نُشر في نهاية الاسبوع أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيشخص في الايام القريبة لزيارة موسكو ليقنع رئيس روسيا فلادمير بوتين بتعويق الصفقة. وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" في يوم الخميس الأخير ان الادارة الاميركية تفحص عن معلومات استخبارية نقلتها اسرائيل اليها تقول إن الصفقة توشك أن تُنفذ وأن تشتمل على نقل ست قواعد اطلاق صواريخ و144 صاروخا يبلغ مداها نحوا من 200كم.
تُنشر أنباء عن تزويد سورية وايران بصواريخ إس300 من روسيا في وسائل الاعلام الدولية مرة كل بضعة أشهر منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي. ولم يُبلغ الى اليوم ان واحدة من تلك الصفقات تم تحقيقها بالفعل. لكن السياق مختلف هذه المرة: فروسيا هي الدعامة الرئيسة للرئيس الاسد في معركة الحياة والموت التي يقوم بها في مواجهة المعارضة السورية التي تحاول اسقاطه في الحرب الأهلية التي أوقعت أكثر من 70 ألف ضحية في أقل من سنتين.
جاء القصف الاسرائيلي في ذروة جدل عاصف في واشنطن في وقت يضرب فيه منتقدو الادارة ومنهم السناتور الجمهوري (والمرشح للرئاسة في الماضي) جون مكين، الرئيس باراك اوباما بسبب خوفه من التدخل في الحرب الأهلية. وكانت احدى الدعاوى التي صدرت عن وزارة الدفاع الاميركية وتعترض على الهجوم الجوي في سورية أن منظومات الدفاع الجوي في الدولة الالتفاف عليها أصعب كثيرا مما كان في ليبيا أو في العراق (حيث هاجمت الولايات المتحدة وقوات حلف شمال الاطلسي فيهما في الماضي). وسخر مكين من تردد الادارة في مقابل العمليات الاسرائيلية. لكن يمكن النظر في هذا الادعاء من زاوية اخرى ايضا: فقد تكون الهجمات من وجهة نظر الروس قد كشفت عن قابلية سورية للاصابة وهي تُسوغ نقل منظومات الدفاع الجوي الحديثة الى نظام الاسد للمساعدة على حمايته.
كان رئيس معهد بحوث الامن القومي في جامعة تل ابيب، اللواء (احتياط) عاموس يادلين، هو الذي تنبأ بهذه التطورات تنبؤا ما، فقد كتب يادلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الماضي، في الاسبوع الماضي استعراضا قلل فيه من آثار الهجمات في سورية. وكان أحد الامكانات التي ذكرها أن "الروس الذين لم يستحسنوا الهجوم سيحررون منظومات دفاع جوي بعيدة المدى مثل إس300 ليتم تصديرها الى سورية".
قال يادلين أمس لصحيفة "هآرتس" إنه لا يُقدر ان يكون الحديث عن خطر حقيقي مباشر لأن التسلح لهذه المنظومة واعداد الوحدات السورية لاستعمالها قد يستمر أكثر من سنة. وعبر ايضا عن شك في تحقيق روسيا لتهديدها وقال: "هذه في الأساس لعبة نفسية، فروسيا تريد أن تتحدى السياسة الاميركية وأن تصد ضربة محتملة اخرى للاسد".
ويُقدر يادلين في مقالته أن المخاطرة المحسوبة التي تحملتها اسرائيل في الهجوم أثبتت نفسها والدليل الذي يأتي به على ذلك هو الامتناع السوري عن رد عسكري الى الآن. وقال إن سورية وايران تحصران العناية الآن في الحرب الأهلية في سورية أما حزب الله فيتلقى انتقادا داخليا قاسيا في لبنان لمشاركته فيما يجري هناك. ويذكر مع ذلك أن اعضاء هذا المحور قد لزموا في الماضي أكثر من مرة سياسة رد مؤخر بعيدا عن الساحة المحلية صفوا به حسابا مع اسرائيل من جهة وامتنعت من جهة اخرى من تحمل مسؤولية مباشرة عن اعمالها.
وهو يرى "أن الحادثة لم تنته لا تكتيكيا ولا استراتيجيا، باحتمال عال. ويُحتاج الى تيقظ عال في الأمد القصير" خشية رد عسكري من الأعداء. أما من الجهة الاستراتيجية، "فحينما يزنون في اسرائيل العملية التالية الموجهة على تهريب السلاح، يجب ان توزن قضية هل تُمكن الظروف الاستراتيجية الى الآن من حرية عمل في مخاطرة قليلة من اسرائيل أو يفضي تراكم الأحداث بالضرورة الى تصعيد عسكري غير مطلوب. إن فرض حرية العمل النسبية هو وهم لأنه كنز يفنى... لأنه يوجد ضغط يتراكم على القيادات في الطرف الثاني لترد وهو ضغط قد يفضي بها الى نقطة انكسار والى رد واسع قد يقع بعقبه تصعيد عسكري خطير".