إسرائيل وحماس عالقتان في متاهة

هآرتس

يوسي ملمان  6/8/2018

متاهة وهرب من اتخاذ قرار حكومي، هذه هي نتيجة جلسة اخرى للطاقم الوزاري المقلص للشؤون العسكرية والسياسية، "الكابينيت"، الذي انعقد لبحث دام خمس ساعات، سمع فيه الوزراء تقارير من رئيس الاركان غادي أيزينكوت وكبار مسؤولي جهاز الامن. وبخلاف التوقعات التي طرحت في نهاية الاسبوع وكأن إسرائيل وحماس على شفا تسوية، تبين أن الجبل تمخص فولد فأرا. فلم يُطلب من الوزراء اتخاذ قرار، بل ولم يطلبوا هم ذلك.

اضافة اعلان

تجد حكومة إسرائيل صعوبة في تربيع الدائرة. فهي تضع كشرط لكل تقدم في الخطوة نحو التسوية او أي اسم يعطى لها، اعادة جثامين الجنديين والمواطنين الحيين المحجوزين في غزة. اما حماس، بقيادة يحيى السنوار الذي مكث في السجن الإسرائيلي 22 سنة وكان كبير المحررين في صفقة شاليط، فمستعد لتبادل الاسرى، ولكنه يطلب ثمنا عاليا من مئات المخربين، بمن فيهم مع الدم على الايدي.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي سبق أن خضع لضغط عائلة شليط والحملة الجماهيرية التي رافقته واعتقد أن هذا سيجديه نفعا في الانتخابات، لا يمكنه أن يسمح لنفسه بصفقة مشابهة او حتى أقل منها. نتنياهو، وبقدر أقل وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، اصبحا أسيرين لليمين ولا سيما للبيت اليهودي، الذي يعانق عائلة هدار غولدن ويدعمها.

وعليه، ففي هذه المرحلة لا يمكن تحريك تسوية كبيرة تتضمن عدة مراحل، وفيها تبادل للأسرى، تسريع عبور البضائع في كرم سالم، فتح معبر رفح المصري وتوسيع مناطق الصيد، ولاحقا مصالحة فلسطينية بين فتح وحماس، اقامة حكومة مشتركة، نقل المسؤولية المدنية عن غزة للسلطة الفلسطينية وبالمقابل استئناف دفع الرواتب لـ 40 ألف موظف. ولاحقا، وفقا لصيغة التسوية الكبرى، تقام مشاريع كبيرة لزيادة انتاج الكهرباء، مشروع لتحلية المياه وتحسين البنى التحتية بمئات ملايين الدولارات، على ما يبدو لتمويل عربي ودولي اكثر، وكذا اجراء مداولات على تجريد القطاع من السلاح او تقليص السلاح الثقيل الذي لدى حماس.

يتعقد الوضع أيضا لان حركة فتح تضع مصاعب كثيرة امام الوسطاء، فمبعوث الامم المتحدة إلى الشرق الاوسط، البلغاري نيكولاي ملادينوف والمخابرات المصرية برئاسة الجنرال كامل عباس، اللذين يحاولان التوسط والوصول إلى صفقة. ففتح ليست معنية بتسوية بين إسرائيل وحماس تمنح في واقع الامر اعترافا سياسيا لمن يوصف في نظر إسرائيل والاسرة الدولة كمنظمة ارهاب، ويعظم اكثر أيضا مسيرة الانقسام بين غزة والضفة الغربية، والذي هو مصلحة حكومة إسرائيل الحالية.

ولكن الطرفان يجدان أيضا صعوبة في الوصول إلى تسوية صغيرة لوقف نار تام مقابل المرحلة الاولى من فتح المعابر، زيادة عبور البضائع وتوسيع مجال الصيد. وذلك لسببين: عائلات المفقودين والمدنيين تطالب بشدة الا توافق إسرائيل على أي خطوة لاعادة تأهيل انساني حتى ولو كانت اصغرها. ومع ان الوزراء، ولا سيما رئيس الوزراء، غاضبون من الضغوط التي تمارسها العائلة، ولا سيما من عائلة غولدن، ليس لهم عمود فقري لان ينظروا اليها في العيون ويقولوا ان هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق وقف للنار حتى ولو لفترة صغيرة من بضعة اشهر.

ولكن حتى لو اصطدموا بالعائلات، مشكوك أن يكون ممكنا تحقيق وقف للنار. فقد اكتشفت حماس بالصدفة قوة سلاح البالونات الحارقة ولن توافق على التوقف عن استخدامها طالما لم تحقق انجازات مهمة أكثر من فتح المعابر.

وهكذا، بعد أربعة اشهر من البالونات والطائرات الورقية الحارقة، حرق عشرات الاف الدونمات من الحقول والمحميات الطبيعية والمظاهرات على الجدار، لا يوجد خلاص لسكان الجنوب بعد. فنحن ما زلنا في نفس المكان بالضبط. المكان الذي لا يبدي فيه الطرفان استعدادا للحلول الوسط، ومستعدان لان يدفعا الثمن حتى لو كان أليما. وناهيك عن حماس، فإن حكومة نتنياهو أيضا تدير الواقع في المناطق وكأنها تركب دراجة ثابتة تراوح في المكان.

نتنياهو لا يريد حربا، وبالتأكيد ليس قبل الانتخابات القادمة، ولكنه ليس مستعدا أيضا لان يعمل على تسوية يضطر فيها إلى اظهار الزعامة. وهو يفضل الوضع الراهن الذي يسمح له بتجاوز الصيف بسلام. ربما في الخريف، بعد أن يتبدد الحر، ستحترق الحقول أقل. معاناة 100 ألف من سكان الجنوب المخلصين وغير الصاخبين، الذين في معظمهم لا يصوتون له على أي حال، هي في نظره ثمن من المجدي دفعه.