إسقاط مصطلحات الجوع والفقر والبطالة

مثقال عيسى مقطش

عمان - يعيش المواطن الأردني حالة تفاؤل بعد ان انتهت لجنتا الحوار الوطني والحوار الاقتصادي من أعمالهما.اضافة اعلان
وبالوقت ذاته يتابع بترقب خطوات الحكومة في معالجة العديد من المواضيع المفصلية التي تسارع ظهورها على السطح خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.
والسؤال الذي يطرح ذاته وتردده الغالبية العظمى، وهي طبقة الفقراء والكادحين؛ حيث ينطبق هذا الوصف على كل عائلة صغيرة الحجم لا تحقق دخلا شهريا يصل الى ألف دينار أردني. والسؤال هو: ما هي الخطوة أو الخطوات المقبلة في المنظورين القريب والبعيد في سبيل تحسين وضع الناس اقتصاديا وماليا؟، وهل سيكون الحل بإعادة النظر في المسيرة الاقتصادية واللجوء الى خطة خمسية أو عشرية قابلة للتطبيق من خلال معايير واضحة ومدروسة ومواصفات في مقدمتها الشمولية والمرونة الهادفتين نحو تحقيق الهدف الأسمى وهو: إسقاط مصطلحات الجوع والفقر والبطالة من قاموس المسيرة الأردنية؟
ويمكن التفاؤل بالسير قدما نحو ما يتمناه المواطن وهو:  استقرار اقتصادي يتمخض بعجالة ثابتة عن استقرار مالي وحياتي.. فهل يتحقق؟
ثمة حقائق اقتصادية ومالية مؤلمة وقاسية باتت معروفة للمسؤول والمواطن، وثمة قناعة راسخة ومطالبة ملحّة، ببرنامج إنقاذ عبر خطة خمسية أو عشرية.
ان الاجتهاد صعب حول معطيات مالية وحيثيات اقتصادية جعلت الصورة قاتمة، وتراكمات أوصلتنا الى موازنة أكدت معطياتها الرقمية، أن أكثر من 40 % من الناتج المحلي الإجمالي يتآكل أمام حجم الإنفاق العام، وما يغلفه من هدر في مواقع غير مثمرة وربما غير لازمة.
وهناك حيرة بتشاؤم حول أرقام مديونية بلغت أكثر من أحد عشر بليون دينار، وبنسبة وصلت الى حوالي 52 % من الناتج المحلي الإجمالي. والسؤال الراسخ في أذهان المواطنين هو: كيف وصلت المديونية الى هذا الرقم وبرنامج الخصخصة حقق إيرادات فوق الاعتيادية لموازنة الدولة؟
ان الإجابة التي تحضر فورا في الذهن تنعكس بصيغة سؤال: هل وصلنا الى هذا الحال نتيجة سوء التخطيط أم ان النتيجة ارتبطت بإساءة استخدام الأموال؟
وواقع الحال تراكمت الثغرات، وتراجع الأداء، وارتفع العجز، وتضخم الدين العام، وتلقائيا ارتفعت نسبة متطلبات خدمة الدين العام من إجمالي الإيرادات.. وانفردت القطاعات الخاصة بقراراتها الهادفة الى تحقيق مصالحها، بغض النظر عن نتائجها على القطاعات الأخرى، وأصبحت الغاية تبرر الوسيلة، ضمن فوضى اقتصادية، خلخلت المعالم الرئيسة في الاقتصادات الوطنية. في القطاع المصرفي هناك تشدد في الضمانات لمنح التسهيلات، وارتفاع غير مألوف في سعر فائدة الاقراض، وهاهو القطاع التجاري أغرق السوق المحلية ببضائع لا تمت مواصفاتها الى الجودة بصلة، وغياب الرقابة على الأسعار، وتغييب قانون منع الاحتكار والحد من الإغراق.. وكنتيجة حتمية .. تراجعت الصادرات وزادت المستوردات. وتمخض الوضع عن ارتفاع في عجز الميزان التجاري بنسبة 25.7 % خلال الربع الأول من العام 2011 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي 2010، فهل كان سبب التراجع عدم القدرة التنافسية لمواصفات الصناعة الأردنية أم ضعف في استراتيجيات التسويق والترويج للصناعة الأردنية في الأسواق الخارجية؟
 وما دامت الأمور معروفة، فأين التخطيط الاستراتيجي لاحتوائها ووضع الإجراءات الوقائية للحد من استفحالها ووضع التشريعات والقرارات الكفؤة والكافية عبر خطة خمسية أو عشرية باتجاه الهدف العام وتدعيمها بخطط مرحلية للقطاعات المختلفة في البعدين العام والخاص.
وفي ظل هذه المعطيات الرقمية، هل يتطلب الوضع ابتداء من العام 2012 تنفيذ خطة خمسية أو عشرية سطورها مقروءة ومعالمها واضحة، وبأرقام واقعية تتحلى بمصداقية يتقبلها العقل والمنطق.
ان كل المؤشرات التي تطفو على السطح تؤكد ان التخطيط الاستراتيجي نحو الهدف المتوازن بدأ يأخذ طريقه الى التطبيق تخطيطا وتنفيذا ومتابعة وتقييما، ضمن خطة واقعية يمكن ان تنتقل بالوضع اقتصاديا واجتماعيا الى شاطئ الأمان.
ولكن، لنتذكر دائما بأن كثيرا من الدول الناشئة إضافة الى المتطورة استطاعت ان تصل الى أهدافها المرجوة من خلال تفعيل مقومات ثورة اقتصادية بيضاء استندت الى تحقيق درجات عالية في الكفاءة والفعالية وضبط الهدر والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة.