إصابات العمل تكبد "الضمان" 9.6 مليون دينار في 7 أشهر

رانيا الصرايرة

عمان - لغت عدد إصابات العمل والحوادث منذ مطلع العام الحالي، وحتى نهاية الشهر الماضي 15212 اصابة سجلتها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، فيما وصلت المبالغ المنفقة على هذه الإصابات 9 ملايين و677 ألف دينار، بحسب مدير الإعلام في المؤسسة علي الختالين.اضافة اعلان
وتتقارب هذه الارقام مع الأرقام الذي تم تسجيلها في الفترة ذاتها من العام الماضي، والتي بلغت خلال الشهور التسعة الاولى من 2021 حوالي 16 ألف حالة.
وكان بيان صدر عن رئاسة الوزراء الاسبوع الماضي اعلن عن إقرار الأسباب الموجِبة لمشروع نظام السَّلامة والصِّحة المهنيَّة والوقاية من الأخطار المهنيَّة في المؤسَّسات لسنة 2022 الذي يحدد الإجراءات والاحتياطات والتَّدابير لحماية العاملين من الأخطار المهنيَّة، والحدِّ من حوادث العمل وإصاباته، ومن الأمراض المهنيَّة، وبما ينسجم مع المعايير العربيَّة والدَّوليَّة الخاصَّة بالسَّلامة والصحَّة المهنيَّة، في حين لم يكشف عن مسودة هذا النظام بعد.
وتظهر الأرقام الصادرة عن المؤسسة أن قطاع الصناعات التحويلية يعد الأكثر هشاشة في تطبيق معايير الصحة والسلامة، إذ إن 33 % من إصابات العمل تحدث فيه، يليه قطاع تجارة الجملة والتجزئة، وكانت نسبته 16.81 %، أما قطاع المطاعم والفنادق فالنسبة 10.87 %، وبخصوص قطاع الإنشاءات بلغت 7.8 %.
أما فيما يتعلق بنوع إصابات وحوادث العمل، فتراوحت بين الرضوض والجروح، ثم الكسور، والجزع والخلع والالتواء، وتوزعت باقي الإصابات على أجسام غريبة بالعين، وآثار التيار الكهربائي، وصدمات وضربات أعضاء داخلية وبتر واستئصال وتسممات.
وفيما يتعلق بأسباب إصابات وحوادث العمل، فتتوزع بين سقوط الأشياء، والمواد الكيماوية، والآلات والماكينات والأجهزة، ووسائل النقل ومعدات التحميل والتنزيل، وسقوط الأشخاص وغيرها.
أما بالنسبة لعدد الوفيات الناجمة عن إصابات العمل من مشتركي الضمان الاجتماعي خلال العام 2021 فبلغت 147 حالة، منها 10 حالات لنساء، و14 حالة لعمال مهاجرين.
وفي هذا الصدد، أشارت مديرة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان لندا كلش إلى "عدم توفر أي وسيلة للتأكد من عدد إصابات العمل الحقيقية في الأردن، لغياب قواعد بيانات احصائية شاملة ودقيقة حول حوادث وإصابات العمل والأمراض المهنية من ناحية، ولعدم شمول هذه الأرقام لجميع الإصابات الحاصلة فعلياً في سوق العمل الأردني".
وأضافت كلش أن هذه الأرقام تعكس فقط الحوادث والإصابات التي حصلت في المؤسسات المسجلة في مظلة الضمان الاجتماعي وقامت بالإبلاغ عن الاصابات، أي أنها لا تشمل عشرات آلاف العاملين في الاقتصاد غير المنظم، أو من يعمل في قطاعات منظمة، إما لأنهم غير منظمين أنفسهم أو غير مسجلين في الضمان، وتبلغ نسبتهم ما يقارب 41.4 % في سوق العمل، بالتالي فإن المؤشرات الرقمية التي توفرها المؤسسة، لا تعكس واقع حوادث واصابات العمل والأمراض المهنية على أرض الواقع.
يضاف إلى ذلك لجوء بعض أصحاب العمل إلى التهرب من تسجيل الإصابات التي تقع في منشآتهم، كما أن البعض يتهرب من التسجيل لتلافي تحمل التكاليف المادية المترتبة عليه كعقوبات لعدم الالتزام بتطبيق شروط الصحة والسلامة العامة.
وألزم قانون الضمان الاجتماعي المنشأة التي يثبت أن إصابة العمل التي وقعت فيها كانت بسبب عدم توفيرها لشروط وتدابير السلامة والصحة المهنية، بأن تتحمّل جميع تكاليف العناية الطبية للعامل المصاب، فيما أجاز القانون لمؤسسة الضمان ممثلة بمجلس إدارتها زيادة نسبة اشتراكات تأمين إصابات العمل من 2 إلى 4 في المائة من أجور العاملين حدّاً أعلى تبعاً لتقييم المؤسسة لمدى التزام المنشآت بتوفير وتطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية.
ولفتت كلش الى إن عدم استحداث قاعدة بيانات إحصائية حول حوادث وإصابات العمل تغطي جميع حالات الإصابة والأمراض في سوق العمل الأردني من ناحية، وضعف عمليات التفتيش التي تجريها وزارة العمل من ناحية أخرى، بما يؤدي إلى ارتفاع وتيرة إصابات العمل وتساهل الشركات في تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية، يضاف إلى ذلك ضعف التنسيق المستمر بين الجهات الرسمية المختصة بالحفاظ على معايير السلامة والصحة المهنية والمتمثلة بوزارة العمل ووزارة الصحة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، والذي بدوره أدى إلى وجود تفاوت كبير في مستويات تطبيق هذه المعايير.
وكانت ورقة صدرت مؤخرا عن المرصد العمالي أكدت أنه "وعلى الرغم من ورود نصوص قانونية في التشريعات الأردنية تتعلق بالسلامة والصحة المهنية، إلا أن هناك تفاوتا كبيرا في مستويات تطبيقها، حيث إنها جيدة في غالبية المنشآت الكبيرة، بينما هي متوسطة في المنشآت المتوسطة ومتدنية في المنشآت الصغيرة، إذ إن العمل في مجال السلامة والصحة المهنية يتم التعامل معه بشكل غير مهني.
كما أكدت الورقة أن العقوبات المنصوص عليها في الفصل التاسع من قانون العمل (السلامة والصحة المهنية) غير رادعة لصاحب العمل الذي لا يوفر مبادئ السلامة والصحة المهنية، فعلى سبيل المثال تُراوح قيمة الغرامات على المخالفين بين (100 -500) دينار، في المقابل فإن تكلفة أي إجراءات فنية أو هندسية في مكان العمل لحماية صحة وسلامة العمال أعلى من ذلك، ما يجعل أصحاب الأعمال يفضلون دفع الغرامة، على تنفيذ الإجراءات الحمائية.
وأوصت بزيادة قيمة الغرامات المترتبة على مخالفات الفصل التاسع الخاص بالسلامة والصحة المهنية.
وشددت على ضرورة تدريب العمال على كيفية الحفاظ على صحتهم وسلامتهم خلال تعاملهم مع الآلات في أماكن عملهم، خصوصا وأن النساء العاملات يعانين من نقص التدريب، إذ يأخذن دورات تدريبية فور التحاقهن بالعمل في المصانع، ولكن هذه الدورات تكون على استخدام الآلات لضمان سير العمل، وليس على شروط ومعدات وآليات السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل، وربما يفسر هذا الأمر انتشار ظاهرة تعرض العاملات في المصانع الأردنية إلى مخاطر السلامة والصحة المهنية.