إصدار جديد يتناول مدينة اللد موقعا وشهرة وتاريخا ونضالا

إصدار جديد يتناول مدينة اللد موقعا وشهرة وتاريخا ونضالا
إصدار جديد يتناول مدينة اللد موقعا وشهرة وتاريخا ونضالا

عمان- الغد- بهدف تخليد مدينة اللد، وتاريخها العريق في الذاكرة صدر أخيرا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب للباحث الراحل د. مصطفى الفار بعنوان "مدينة اللد موقعا وشهرة وتاريخا ونضالا".

اضافة اعلان

ويقول الراحل الفار إن الكتاب، جاء وهو يحمل دعوة صريحة لأبناء المدينة كي يلهجوا بذكرها، ويتعرفوا على تراثهم الذي هو جزء من الاهتمام بالوطن، وبأهله، وهو تعبير عن الوفاء والشوق والحنين، والعودة الى الجذور.

ويلفت الراحل في كتابه إلى جملة من معان أرادت الصهيونية أن تطمسها في القلوب، وتزيل آثارها من النفوس، تارة عبر تزوير التاريخ، ومحاولة محوه من الذاكرة، وتارة عبر تغيير معالم اللد التاريخية، وهدم حاراتها وبيوتها، ونقل من بقي من عدد قليل من سكانها إلى أماكن أخرى.

ويضيف الراحل أن الكتاب وضع للجيل الصاعد كي يتمسك بذكرى مدينته باعتبارها حقاً وفرضاً لا يجوز لأحد ان يفرط فيه، أو يحيد عنه، ويؤكد الأمل بالعودة الظافرة مهما طال الزمن، وتنوعت أساليب القهر والإرهاب والاغتصاب.

من جهته يلفت المناضل بهجت ابو غربية في مقدمة الكتاب إلى الكتب التي كتبت عن نكبة فلسطين العام 1984 وما ترتب عليها من لجوء وتشرد، مبينا أن العديد من تلك الكتب قد أصدرها ابناء النكبة لكي يتحدثوا فيها عن مدنهم وقراهم بكلمات تفيض بالحنين والعواطف والذكريات الحميمة واحصاءات تتعلق بالمدينة، مواقع وعائلات وعادات والكثير من التفاصيل الأخرى.

ويقول أبو غربية: إن تلك الظاهرة ظاهرة صحية لما لها من فوائد تصب في نهايتها في التمسك بحق العودة وتنبع من محبة المؤلف لمدينته أو قريته العزيزة.

ويضيف، فلا غرو في ذلك فمعظم اللاجئين العام 1948 كانوا يسكنون في الساحل الفلسطيني، وما تشرف عليه منحدرات جبال الجليل والكرمل وجبال نابلس والقدس والخليل، وهي من أجمل مناطق العالم وأخصبها تربة وألطفها مناخاً.

ويزيد أن اهل هذه المدن عاشوا فيها برغد وبحبوحة وسعادة، وهم محاطون ببيارات البرتقال والليمون والعديد من أشجار الحمضيات. وفي كل بيارة بئر ارتوازية تروي الارض بكل ما تحتاجه.

ويستذكر أبو غربية أن فلسطين كانت تصدر الى بريطانيا واوروبا عموماً حوالي 22 مليون صندوق برتقال سنوياً، إضافة إلى جمال الطبيعة كانت الأرض مورداً سخياً لأهلها.

كما يستذكر أبو غربية طرفة تاريخية معبرة عما وصف به الساحل الفلسطيني من جمال وخصب.

ويقول:"سمعت عن والدي أنه لما زار فلسطين امبراطور المانيا (ولهلم - ويسميه العرب غليوم) العام 1898 أمضى بضعة أيام في أحد قصور عائلة التاجي في وادي حنين قضاء الرملة، وسط بحر من بيارات البرتقال والليمون والحمضيات الأخرى، وأنه أرسل برقية للخليفة في الأستانة، جاء فيها: أنتم المسلمون تدعون أنكم ستدخلون الجنة قبلنا نحن المسيحيين، لقد ثبت لي أن العكس فقد دخلت وادي حنين قبلك".

ويرى أبو غربية أن كتاب "مدينة اللّد" عاصر النكبة عموماً ونكبة مدينة اللد خصوصا، ولم يترك شاردة ولا واردة إلا وأحصاها بحيث يشعر القارئ، وكأنه يعيش في هذه المدينة قبل حلول النكبة، وأنه يستعجل العودة إليها ليعيش في جنتها حيث كانت تلك المدينة من أخصب مدن فلسطين، مشهورة بخصب تربتها وطيب مناخها وتعدد خضارها.

ويشير الى أن نكبة مدينة اللد تمثل جوانب مهمة من نكبة فلسطين عموماً، وهي جوانب المقاومة، والمذابح، والنزوح القسري، ومن ثم التشرد.

ويلفت أبو غربية إلى المقاومة، مبينا أن مدينة اللد كانت مثالاً بارزاً للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني، إذ إن أهلها بادروا بشكل جماعي إلى مقاومة العدو بقيادة جيش الجهاد المقدس وعلى رأسه الشهيد الشيخ حسن سلامة.

ويتطرق أبو غربية الى جيش الجهاد المقدس، رائيا أنه لم يكن جيشاً بالمعنى المتعارف عليه بل جيش يقوده رجال لهم سابقة في الكفاح والقتال ضد الجيش البريطاني وخصوصا ثورة فلسطين الكبرى العام 1936 - 1939، أما عناصر هذا الجيش فكانت من أفراد الشعب عامة، تدرب بعضهم جزئياً من خلال تشكيلات (الكشاف المسلم، النجادة، الفتوة).

ويقول أبو غربية: إن مدينة اللد صمدت وتصدت لكل الهجمات التي قامت بها قوات العدو الصهيوني، ابتداء من يوم صدور قرار تقسيم فلسطين 29/11/1947 وحتى دخول الجيوش العربية في 15/5/1948، حيث قام مناضلو مدينة اللد ومن انضم إليهم من القرى المجاورة التي استولى عليها العدو بهجوم استردوا به بلدة رأس العين وحرروها وسلموها إلى الجيش العراقي. واستشهد في المعركة الشيخ حسن سلامة قائد المنطقة.

ويضيف أن مقاومة مدينة اللد اشتهرت حتى أصبحت تسمى لدى الناس الدولة العربية الثامنة، (حيث كانت جامعة الدول العربية تضم سبع دول عربية). وعندما جرت الهدنة الأولى وتوقف القتال لمدة شهر تقريباً، استأنف العدو هجومه بقوات مدرعة وطائرات وأسلحة متفوقة كان قد حصل عليها خلال فترة الهدنة, وتمكن من دخول المدينة في 10/7/1948.

ويتطرق أبو غربية إلى المذابح، مبينا أن العدو الصهيوني ارتكب. بقيادة الجنرال رابين مذبحة كبرى في مدينة اللد مقدمة لإجلاء جميع سكانها، لافتا إلى إجلاء العدو لأهالي مدينة اللد، ومن انضم اليهم من القرى المجاورة والبالغ عددهم جميعاً حوالي 60 ألفاً في أكبر عملية تهجير قسري، حيث حاول العدو طرد جميع هذه الجماهير تحت تهديد القتل وأجبرهم جميعاً على النزوح من مخرج محدد تحت إشراف جيش العدو الذي استولى على كل ما يملكون من طعام وشراب، حتى حليب الأطفال.