إطالة الحرب في أوكرانيا هل سيحولها إلى "حاضنة إرهاب"؟

موفق كمال

عمان- يرى خبراء عسكريون ومختصون بالتنظيمات الارهابية، أن إطالة أمد الازمة الروسية الاوكرانية، سيحول اوكرانيا الى بيئة حاضنة للتنظيمات الارهابية والجماعات الدينية المسلحة، مشيرين الى أن المؤشرات الاولية من طرفي النزاع في الحرب، بدأت باستقطاب جماعات ذات اتجاهات دينية وسياسية مختلفة، كوكلاء لها في هذه الحرب.اضافة اعلان
واضافوا، أن عدم الاستقرار الامني الذي تعيشه اوكرانيا حاليا بسبب الحرب، سيسهل وصول عشرات الآلاف من المقاتلين لتأجيج النزاع، في ظل توقع صدور فتاوى من تنظيم “القاعدة” الارهابي، تحث على قتال الروس في الساحة الاوكرانية، بخاصة وان القوات الروسية غير مسيطرة على الحدود.
وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، أعلن أن 16 ألف متطوع من المنطقة العربية، طلبوا من موسكو السماح لهم بالوصول إلى منطقة “دونباس”، بغية المشاركة في القتال ضد قوات الحكومة الأوكرانية.
ووافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على فكرة مساعدة هؤلاء المتطوعين في الذهاب إلى جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين.
وبينما لم تحدد من الدول التي جاء منها المتطوعون، فإن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، اتهمت روسيا بتجنيد مقاتلين سوريين وأجانب آخرين، للقتال في أوكرانيا، إذ اتهم مسؤولون فيها، بأنّ بوتين يجري “حملة تجنيد” لنقل مقاتلين من سورية للمشاركة في المعارك بأوكرانيا.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلت الاسبوع الماضي، عن أربعة مسؤولين روس، بأن موسكو باشرت في الأيام الأخيرة بتجنيد مقاتلين سوريين لاستخدامهم في السيطرة على مناطق حضرية في أوكرانيا.
ويرى المحلل الاستراتيجي اللواء المتقاعد مأمون ابو نوار، ان دول العالم، باتت تستخدم التنظيمات الارهابية كوكلاء لها في مناطق النزاع، مشيرا الى ان روسيا تستخدم حاليا تنظيم “فاغنر” المتطرف وهم (متقاعدون عسكريون ذوو خبرة قتالية طويلة) في سورية وليبيا، وحاليا يعملون في روسيا على تدريب ميليشيات سورية لإدخالها الى المعركة في اوكرانيا، مشيرا الى ان الجيش الروسي يحتاج الى قوى بشرية، بأعداد كبيرة لإحكام السيطرة العسكرية على الارض الاوكرانية.
وبحسب ابو نوار، فإن اوكرانيا تبذل مساعيها لجذب قوات اجنبية، ذات خلفات وعقائد عنصرية، لكنها في حقيقة الامر ستكون قوات غير منسجمة، لما هي عليه من اختلافا وفوارق لغوية ودينية وقومية وعرقية، ما سيؤدي الى فوضى لاحقة في مدنها، اذ ستعمل على نشر العنف في المجتمع الاوكراني، مستبعدا دخول جهاديين اسلاميين الى ساحة المعركة، لعدم التوافق الايديولوجي.
واضاف أن هذا المشهد قائم حاليا، في حال لم تتمكن روسيا من السيطرة على الحدود الاوكرانية، وتحديدا الغربية منها، المجاورة لدول من حلف “الناتو” الغربي، اذ يتوقع بأن تكون تلك الحدود، المعبر الآمن للجماعات المتطرفة.
وقال، ان المعادلة حاليا، هي 3 جنود روس لكل الف مدني اوكراني، وبالتالي من الصعوبة بمكان السيطرة على الاوكرانيين، وسيؤدي ذلك الى حرب استنزاف طويلة الامد، وربما تكرار لسيناريو افغانستان الذي عاشته روسيا إبان الفترة السوفييتية.
ويؤيده في ذلك، الباحث في مكافحة الارهاب العميد المتقاعد الدكتور سعود الشرفات الذي يرى أن مناطق الصراعات والحروب، تشكل بيئات حاضنة للجماعات الإرهابية والمتطرفة والمرتزقة ومحاربي العصابات”.
وأشار الى أن الدراسات تؤكد أن أكثر من 95 % من العمليات الإرهابية وبمختلف الأساليب في العقود الثلاثة الماضية، جرت في مناطق تتنازعها الصراعات والحروب.
من هنا، فإن الصراع المسلح الحالي في أوكرانيا، لا يشت عن هذه القاعدة، اذ يتوقع وعلى نطاق واسع، بأن تتحول الساحة الاوكرانية إلى مستودع لأشكال وأنواع مختلفة من الجماعات المتطرفة والارهابية، ذات المشارب والايديولوجيات القومية والدينية، وعلى رأسها جماعات اليمين المتطرف والإرهابالإسلاموية.
ولا يستبعد خبراء ومحللون، ان تشهد الساحة الاوكرانية صراعات دموية بين هذه الجماعات، بالنيابة عن الأطراف الفاعلة من الدول التي توظفها لهذه الغاية.
وبحسب الشرفات، فإنه “مع تأكيدنا على ضرورة الانتباه والحذر من حجم التضليل الإعلامي، واسع النطاق وغير المسبوق في العصر الحديث الذي تمارسه أطراف الصراع”؛ فنشير إلى ان هناك كثيرا من التسريبات، بشأن استعانة الروس بمرتزقة مثل جماعة فاغنر، والإسلامية الشيشانية الصوفّية بزعامة قاداروف، التي تملك خبرات كبيرة في قتال المدن وحرب العصابات، اكتسبتها خلال صراعها المسلح في الشيشان مع الروس أنفسهم، وجماعات مرتزقة من سورية، قيل بأنها وصلت إلى روسيا بالفعل حسب وسائل إعلام سورية معارضة.
في مقابل معلومات، يسربها الروس، تفيد بنية الأميركان، نقل وشحن إرهابيين أجانب معتقلين في سورية لدى قوات سورية الديمقراطية (قسد)، ومن قاعدة التنف من تنظيم “داعش” الارهابي إلى أوكرانيا للقتال ضد الروس.
ولم يستبعد الشرفات، ظهور أحد قيادات تنظيم “داعش” أو “القاعدة” الارهابيين، على منصاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تطلق فتاوى تدعو الى الجهاد في صراع اوكرانيا تحت مسميات مختلفة.
وأضاف، أن هناك آلاف المعتقلين في سورية يقبعون في سجون قوات سورية الديمقراطية، ممن يحملون جنسيات أوروبية، وبعضهم من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق والدول العربية، وترفض دولهم استقبالهم خشية على استقرارها الأمني، وبالتالي فلا يستبعد سيناريو انه سيجري استخدامهم بطرق مختلفة، لتأجيج النزاع المسلح في أوكرانيا، بهدف إطالة أمد الأزمة.
الباحث والخبير في الحركات الجهادية حسن ابو هنية قال “لاحظنا ان دولا اوروبية سمحت للتطوع بالقتال الى جانب الحكومة الاوكرانية، وهذا مؤشر الى انها قد تتحول الى افغانستان، لكن ذلك يتطلب رغبة دولية لتسهيل مهمة دخول مقاتلين لتشكيل ما يسمى بالمقاومة”.
وبالنسبة لمشاركة تنظيم “داعش” الارهابي، فيؤيد ما ذهب اليه ابو نوار، مشيرا الى أن موقف “داعش” واضح، فهي حرب بعيدة عن الاسلام، بينما هناك جهادون مقربون من تنظيم “القاعدة”، يعتبرون الروس عدوهم الاكبر، إذ إن هناك نوعا من الرغبة في القتال ضدهم، مرجحا أنه اذا تدخل “القاعدة”، فمن المؤكد أن يعيد سيناريو افغانستان.
وشاهدنا فيديوهات، تطالب تدخل الجهاديين نصرة للمسلمين في اوكرانيا، لكن حتى هذه اللحظة لا يوجد شيء رسمي لـ”طالبان” او “القاعدة”، ولكن هناك جهاديين يرغبون بالقتال ضد القوات الروسية، ابرزهم تنظيم “هيئة تحرير الشام”، التابع لـ”القاعدة”، وسبق أن خاضت صولات وجولات من القتال، ضد القوات الروسية في سورية، وبعض الحركات مثل مقاتلي “القوقاز” و”آسيا الوسطى”.