إعادة الاعتبار لمبادرة سكن كريم

مرة أخرى وليست أخيرة نعود الى الحديث عن مبادرة "سكن كريم لعيش كريم" لاعتقادنا أنها مبادرة مهمة جدا في التفكير الاستراتيجي لمساعدة عشرات الآلاف من العائلات الأردنية على امتلاك بيت بشروط ميسرة ومعقولة. وهذا المسار إذا نجح أفضل بكثير حتى من الزيادات على الرواتب أو معونة الشتاء، لأنه يحقق بنية تحتية آمنة للأسرة من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

اضافة اعلان

هذا الأسبوع كان هناك خبران؛ الأول الاجتماع الذي ترأسه الملك للاستماع الى إيجاز حول ما تم، وهذه المتابعة الملكية ضمانة لأن يذهب المشروع باتجاه يحافظ على جوهر المبادرة دون أي تغيير جوهري. والثاني إعلان قرأه المواطن وسمعه على التلفزيون من القوات المسلحة يدعو المتقاعدين الذين يحق لهم الاستفادة من صندوق الإسكان العسكري أن يتقدموا للاستفادة من المبادرة، لكن بشكل جديد، منه منح أراض للبناء عليها، أو تقديم مبالغ مالية، لمن يملك أرضا أو الاستفادة من مشاريع المبادرة.

ربما علينا أن نذكِّر بما تعرفه الحكومة من أن نسبة من الذين تم إعلان اسمائهم للاستفادة من المبادرة، قد استنكفوا ولم يكملوا المشوار، والسبب تكلفة الشقة وقيمة القسط التي خرجت عما كان معلنا.

هذا الاستنكاف مرشح للتزايد إذا بقيت الشروط المالية كما هي. ولهذا فإنّ المطلوب المحافظة على جوهر المبادرة في أمرين، الأول أنها تمثل عونا للمواطن على امتلاك بيت، إذ يجد الناس أثرا للدعم الحكومي، من حيث الأرض والبنية التحتية في قيمة الشقة، وأنها مبادرة وليست مشروعا قريبا، في المحصلة، من أسعار السوق، أو على الأقل أقل مما توقعه المواطن، عندما سمع عن إطلاق المبادرة.

أما الأمر الثاني، فهو قيمة القسط الشهري الذي أعلنت الحكومة أنه سيكون في حده الأقصى ثلث الدخل مهما كان قليلا. لكن الدفعة التي تم إعلان اسمائها، وجدت غير ذلك، والسبب أن عملية التمويل التي أوكلت للبنوك جعلت من تقدّم يجد أمامه قسطا مرتفعا، قد يصل الى أكثر من نصف دخله، نتيجة تقسيم القسط على عشرين عاما من السداد، وأيضا ارتفاع قيمة الشقة الى أسعار كبيرة جدا، بعد إضافة أرباح وفوائد البنوك عليها وهذا أفقدها جوهرها.

كما أشرت، في مرة سابقة، فإن الجزء الأول الخاص بالحكومة من السعر يبدو معقولا، لكن بعد ذهاب المعاملة الى البنوك فإنّ الامر لا يبدو جذابا أو مربحا أو نوعيا للناس. وعندما ندعو الى المحافظة على جوهر المبادرة فإننا نطالب بالعودة الى الشروط التي أعلنتها الحكومة في بداية المشروع، وهي:

1- أن يكون الحد الأعلى للقسط ثلث الدخل، مهما كان هذا الدخل، بحيث لا يؤثر على مدة السداد وهي عشرون عاما. وهذا يعني أن أصحاب الدخول المتدنية قد تُقدّم لهم الحكومة نوعا آخر من الدعم لإيجاد توافق بين نسبة الاقتطاع ومدة السداد.

2- أن تتم عمليات التوزيع وفق الجدول الزمني الذي أعلنته الحكومة، وهو عشرون ألف شقة كل عام، لمدة خمس سنوات، مع إمكانية تمديد عمر المبادرة، ما دام هناك طلبات من فئات مستحقة.

3- أن يكون السعر النهائي للشقة ليس قريبا من أسعار السوق، والسعر النهائي بعد أن يذهب المواطن الى البنوك، بحيث يشعر المواطن أنه يستفيد من مسار استراتيجي إيجابي أوجدته له الدولة لمساعدته وليس من مشروع شبه تجاري.

نقدِّر الجهد الذي بذلته الجهات الرسمية، خلال الشهور الماضية، لكن المهم أن تذهب كل هذه الجهود لإعادة الاعتبار لهذه المبادرة المهمة، وإلا سيزيد الاستنكاف، وسنجد مسارات فرعية مثل إعلان القوات المسلحة.

هذا الإعلان الذي يحمل في جوهره محافظة على جوهر المبادرة، لكننا كنا ومانزال نتمناها مبادرة بذات المواصفات الإيجابية التي يستفيد منها كل المستحقين. وإذا مر عام 2008 الذي أعلنه الملك عاماً للإسكان دون أن نعيد القناعة للناس أن المبادرة هي عون حقيقي لهم لبناء اقتصاد خاص معقول فإن الاستدراك سيكون صعبا في المراحل القادمة.

[email protected]