إعادة توجيه المساعدات.. هل تدعم النمو؟

Untitled-1-212
Untitled-1-212

سماح بيبرس

عمان - دعا خبراء اقتصاديون الحكومة إلى إعادة النظر في آليات صرف المساعدات الخارجية الموجهة للأردن، وتحديد القطاعات ذات الأولوية لدعمها وإنعاشها بما يخدم الاقتصاد ويعظم الاستفادة من هذه المساعدات.اضافة اعلان
وأجمع هؤلاء على وجود خلل في بوصلة توجيه المساعدات من خلال إغفال القطاعات الأكثر إفادة للاقتصاد الوطني، مؤكدين أن قطاع النقل والطاقة والزراعة والإدارة العامة هي من أهم القطاعات التي لا بد من التركيز عليها وتوجيه المساعدات نحوها لبناء اقتصاد أكثر قوة وأكثر استقلالية.
وعلى عكس ما يدعوا له الخبراء فإن بيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي تنبئ بأن هذه المساعدات تذهب إلى قطاعات أخرى، والحصة الكبيرة عادة ما تذهب إلى قطاعات المياه والصرف الصحي، والموازنة.
فقد كشف تقرير المساعدات الخارجية للنصف الأول من العام الحالي أن 38.5 % من المنح المقدمة للأردن وبقيمة 181 مليون دولار وجهت لقطاع المياه والصرف الصحي، وأن 27.6 % من هذه المساعدات خصصت لدعم الموازنة، و3.5 % لدعم التعليم و3.1 % لدعم النمو الاقتصادي، و5.3 % لدعم قطاع النقل، و2.5 % لقطاع الحماية والمساعدة الاجتماعية و3.4 % لإصلاح القطاع العام، 13.7 % لدعم العدالة والحكم الرشيد وحقوق الإنسان.
أما القروض والتي بلغت 36 مليون دولار، فقد كان 72 % منها موجّه لقطاع المياه والصرف الصحي و28 % موجه لدعم النمو الاقتصادي.
وتتشابه النسب لمن يرصد تقارير المساعدات الخارجية للأعوام الماضية على موقع وزارة التخطيط حيث من السهل ملاحظة أنّ حصة هذه القطاعات كانت دائما قليلة.
الخبير الاقتصادي زيان زوانة يرى بضرورة عدم بناء وربط الاقتصاد المحلي بالمساعدات الخارجية، مع توجيه المساعدات لقطاعات معينة.
ويذكر من القطاعات التي تحتاج إلى دعم القطاع العام وخصوصا فيما يخص الكوادر الفائضة عن الحاجة كما والمترهلة نوعا، فلا يمكن أن يتطور الاقتصاد اليوم بهذا الكادر الذي يستهلك مخصصات معظم المؤسسات والوزارات، وهو يستهلك جزء كبير من هذه المساعدات وخصوصا التي تخصص في الموازنة، مشيرا إلى ضرورة أن يكون هناك خطة وطنية واضحة تبني كادر القطاع العام على أسس مهنية تقلل من خلالها الأعداد الفائضة عن الحاجة وتدرّب وتنتج كفاءات بحيث يكون هذا الكادر هو الرافعة الحقيقيّة لتطور الاقتصاد.
كما شدد على ضرورة دعم قطاع النقل الذي يعتبر مفتاح لتطوير القطاعات الأخرى، وأساس لدعم القطاعات من جهة والأسر التي تدفع جزءا كبيرا من دخلها للنقل. إضافة إلى دعم قطاع الطاقة الذي يبدو أن الحكومات الأخيرة لم توليه الاهتمام اللازم ، وتتعامل معه بطرق ابعد ما تكون عن الشفافية والصدق، فهو "السفينة الغارقة التي ستغرق الاقتصاد إذا لم يتم إصلاحها"، موضحا أن أهمية دعم هذا القطاع يأتي لسبب رئيسي يتمثل في كون أن الحكومة ما تزال تدعم شركة الكهرباء بمليارات الدنانير.
كما لا بد من التركيز وفق زوانة على القطاع الزراعي بحيث نتحول إلى اقتصاد زراعي، بشرط أن يبنى هذا القطاع على أسس تكنولوجية حديثة تضمن نجاحه واستمراره، ومن ثم يتم العمل على بناء قطاع صناعي قائم على القطاع الزراعي.
ويتفق مع ما سبق أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري الذي أشار إلى أن سوء إدارة هذه المساعدات يؤدي إلى هدرها وعدم ذهابها إلى القطاعات والمجالات التي يحتاجها الاقتصاد.
ويرى الحموري أن عدم وجود أولويات سليمة تخدم الاقتصاد وتركز على تطوير وتحسين البنية التحتية التي تآكلت واهترأت على مر السنينن، هي من أهم أسباب هدر المساعدات، مشيرا إلى أن توجيه هذه المساعدات إلى قطاع الطاقة والنقل على سبيل المثال سيخدم القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وأكد على ضرورة إعلان خطة لخمس سنوات توضح الأولويات وتوجه المساعدات يلتزم بها ويتم من خلالها توجيه هذه المساعدات.
وبلغ حجم المساعدات الخارجية التي تعاقد الأردن من منح وقروض ميسرة 4.3 مليارات دولار (3.1 مليار دينار) في العام 2020، بحسب تصريحات سابقة لوزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة.
ويلفت أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية دكتور غازي العساف إلى ضرورة عدم اعتماد الاقتصاد على المساعدات الخارجية بشكل كلي، فالحلول الاقتصادية لا يمكن أن تبنى فقط على ما نتوقعه من مساعدات وقروض فالقروض تحتاج إلى سداد في النهاية ويترتب عليها فوائد وارتفاع مديونية الدولة، والمنح عادة ما تكون مشروطة وتذهب لقطاعات معينة، وبالتالي فإن أثرها لا يكون بذلك الحجم الذي يؤدي إلى إحداث فرق في الاقتصاد.
وأشار إلى أن هذه المساعدات لا بد أن توجه إلى القطاعات ذات القيمة المضافة للاقتصاد، وخصوصا تلك التي تدعم الإنتاجية وتساعد على زيادة معدلات النمو.
يأتي هذا في الوقت الذي تشير فيه دائرة الإحصاءات العامة، إلى أنّ المساهمة القطاعيّة في الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الزراعة 5.4 %، ولقطاع النقل والتخزين والاتصالات معا 8.6 %، أما منتجو الخدمات الحكومية فيشكل 14.4 % والكهرباء والمياه تشكل 1.4 %.
وفي النمو الأخير الذي طرأ على الناتج المحلي والذي بلغ 0.3 % أشارت الإحصاءات إلى أن الزراعة ساهمت في هذا النمو بنسبة
0.16 % والصناعات الاستخراجية بنسبة 0.33 %، والمالية والتأمين وخدمات الأعمال بنسبة 0.41 % ومنتجي الخدمات الحكومية بـ0.14 %.