إعفاء القطاع الزراعي من ضريبة الدخل: الوهم الوطني المستمر

مزارعون في إحدى مزارع وادي الأردن-(ارشيفية) -(تصوير: محمد أبو غوش)
مزارعون في إحدى مزارع وادي الأردن-(ارشيفية) -(تصوير: محمد أبو غوش)

جواد جلال عباسي

كما كان متوقعا، أتت الأخبار من مجلس النواب أن قانون ضريبة الدخل القادم سيكون كسابقه وسيعفي القطاع الزراعي كاملا من أية ضريبة على الدخل والأرباح.اضافة اعلان
وتكررت نفس الأسباب بأنه قطاع حيوي مهم للأمن الغذائي الوطني وهو قطاع مشغل للعمالة ومحرك لقطاعات أخرى وأنه أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
واضح أن وهمنا الوطني العام بأننا لا نفرض على القطاع الزراعي أي أعباء ضريبية مستمرة، والحقيقة غير ذلك تماما.
فعلى العكس من اعتقاد الأغلبية، فإن الوضع الحالي يفرض أعباء ضريبية كبيرة على صغار المزارعين وعلى كل انتاج زراعي للسوق المحلي.
وفي نفس الوقت لا يستفيد من الإعفاء الضريبي الحالي -في غالبيته - إلا شركات كبيرة بعينها أساس عملها تصدير مياه الأردن الشحيحة تحت وهم تصدير المحاصيل الزراعية!
حاليا كل انتاج زراعي للسوق المحلي يجب أن يباع عبر أسواق الخضار والفواكه المركزية إذ يدفع المزارعون رسوما على منتجهم عند دخوله السوق ويدفعون حوالي 6 % عمولات عند بيعه في الأسواق المركزية بغض النظر عن تحقيق ربح أو خسارة.
ولا شك أن هذه الرسوم هي أسوأ من ضريبة الدخل إذ تدفع سواء ربحوا أو خسروا، تقديرا تصل الرسوم والعمولات الى 10 % من سعر البيع سواء حقق المزارع ربحا أم خسارة.
وهي في المعدل ثلث الربح في افضل الأحوال وزيادة كبيرة في الخسارة في أسوئها، ناهيك عن ان هذه الرسوم تزيد الكلفة على التاجر والمستهلك النهائي للمنتج الزراعي المسوق محليا، كذلك تخضع المنتجات المباعة محليا لضريبة المبيعات بنسبة 4 % أو أكثر في معظمها.
آن أوان التفكير خارج الصندوق، وربما يكون الحل بتحفيز وتحسين ظروف القطاع الزراعي وصغار المزارعين عبر الغاء رسوم الأسواق المركزية تماما وتمويل عملها من عوائد رسوم تفرض على الصادرات الزراعية المروية، تفصيلا المقترح هو التالي:
- أن تقوم الحكومة بشطب كافة الرسوم المدفوعة على الإنتاج الزراعي للسوق المحلي في الأسواق المركزية.
-السماح أيضا للمزارعين بالبيع المباشر للتجار بدون تقييدهم بالبيع فقط داخل الأسوق المركزية وعبر الوسطاء وقد يكون هذا مدخلا لحلول مبتكرة حديثة تعتمد الإنترنت والخدمة الخلوية.
-في المقابل يجب فرض ضرائب او رسوم على الصادرات الزراعية المروية _ بنسبة معقولة تكون مثلا 5 % من قيمتها _ والإبقاء على الاعفاء للصادرات من المحاصيل البعلية فقط،  مع ضرورة استخدام جزء من عوائد الرسوم على الإنتاج الزراعي المصدر لتمويل عمل الأسواق المركزية بدون تحصيل أية رسوم من المحاصيل المعدة للاستهلاك المحلي.
ففي ضوء شح المياه في الأردن من غير المنطقي اعفاء صادرات المحاصيل المروية من أي رسوم او ضرائب فيما يتم فرض الرسوم على المحاصيل التي يأكلها الأردنيون.
ولنعتبر الرسوم على المصدر من المحاصيل المروية نوعا من تغطية كلفة دعم مياه الري التي تباع بسعر قليل نسبيا.
وربما أيضا تكون الرسوم على المحاصيل المروية المصدرة تصاعدية بحسب نوع المحصول واستهلاكه من المياه. فتكون صفرا على المحاصيل البعلية وتزيد على المحاصيل المروية بحسب استهلاك الصنف من المياه.
هذه المقترحات لها إيجابيات عدة منها تحسين هامش ربح المزارعين الصغار الذين يبيعون منتجاتهم في السوق المحلي بدون رفع الكلفة والأسعار على المستهلكين والتجار وتوسيع القاعدة الضريبية لتشمل الشركات الزراعية الكبرى التي تصدر كثيرا بفرض ضريبة منطقية ومعقولة عليها.