إكرام العش تتشبث بالحياة وتعطي دروسا في الصمود بوجه الألم

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان- لم تكن رحلة سهلة تلك التي اختبرتها إكرام العش مع مرض السرطان، إنما شابها محطات مؤلمة وموجعة ولحظات من الخوف والحزن، لكنها أصرت على التغلب على المرض وأن تعيش أجمل التفاصيل مع عائلتها وأصدقائها وأحبائها، رافضة الاستسلام للضعف والصعاب بل وأصبحت تعطي دروسا بالأمل والتفاؤل والصمود وحب الحياة.اضافة اعلان
العش، تقبلت اصابتها بمرض السرطان، وتحملت الصراع الكبير بينها وبينه، لكن الأمل لم يغادرها يوما، فآمنت بذاتها وبأنها ستتمكن من الانتصار عليه والتخلص منه، لذلك كانت قصتها قصة مُلهمة وهي تدافع عن الحياة، وتدون قصتها كاملة في كتابها القصصي التوعوي "العيش مع السرطان ممكن وليس مستحيلاً".
لم يكن "العيش مع السرطان" وليد لحظات مفرحة لإكرام العش، وإنما ترافق مع لحظات مؤلمة لكنها لم تخل من الأمل، فحمل على وجعه جمال الحياة، الذي ترى فيه سبباً قوياً لأن تهزم المرض، والشفاء والانتصار في تلك الحرب التي من الممكن ان تكون "غير عادلة" في قوتها.
كتابها الذي أطلقته في شهر تموز (يوليو) الماضي حظي باهتمام العديد من الجهات الإعلامية والاجتماعية، وكما تبنى مركز الحسين للسرطان إقامة حفل الإطلاق، عله يكون مصدر إلهام وأمل وتشبث بالحياة. ووضعت العش في مؤلفها كما كبيرا من التفاؤل والقوة والطاقة الإيجابية لكي يتسلح بها مريض السرطان في مواجهة التغيرات التي تحدث له في هذه الفترة، وأن يعلنها حالة "تعايش وليس استسلاما".
وفي حديثها لـ "الغد" ترى العش ان الإنسان بطبعه يأخذ الأشياء في حياته كمسلمات ويستبعد انه ممكن أن يُصاب بمرض السرطان، لكن للأسف من الخطأ ان يظن انه لا يمكن ان يصاب بالسوء او الأمراض الخطيرة، وبما أن هذا المرض يعتقد الجميع انه "لا شفاء منه"، إلا أن الفحص المبكر ضرورة أساسية بالرغم من تخوف الكثيرين، فذلك يساعد على العلاج والشفاء بصورة أسرع.
وفي تسعة فصول متفاوتة، تنطلق العش بالحديث عن رحلتها منذ أن استحوذ المرض على جسدها، لتتساءل في البداية "لماذا أنا؟"، ولكنها بعد أن تقبلت ما يحدث معها، قالت: "السرطان لا يكون مميتا في الكثير من الحالات إذا تم اكتشافه مبكراً واستجاب للعلاج بطريقة صحيحة، إلا أنه يجبر المرء على تغيير نمط حياته، لتستمر الحياة بشكل افضل وبصحة جسدية ونفسية تمكنه من الاستمتاع في الحياة".
تختصر العش الكثير من أبجديات الحياة من خلال قولها: "وجدت أن استمرار الحياة مع السرطان ممكنة فلا أريد أن يمنعني المرض من العمل والحياة وتحقيق أحلامي وطموحاتي المؤجلة، بل كانت إصابتي بالسرطان دافعاً قوياً لي للعمل على تحقيقها بأسرع وقت لا اريد أن أستسلم.. فإذا كان المرض ليس خيارنا، فإن التعامل معه والتفاؤل والأمل برفقته هو خيارنا".
مديرة مؤسسة الحسين للسرطان ومديرة البرنامج الأردني لسرطان الثدي نسرين قطامش تذهب إلى أن أكبر معركة يمكن أن يخوضها المرء في حياته هي "السرطان"، فهي تجربة تتطلب رحلة علاج طويلة، وفي ذات الوقت، التسلح بالإصرار والعزيمة للمريض ومحيطه.
وتبين أن البداية للعلاج تنطلق من الأخذ بالأسباب ووجود مكان يقدمه بطريقة شمولية يأخذ فيها كل شخص موقعه في رحلة العلاج"، وهو ما يتوفر فعلياً في مركز الحسين للسرطان، الذي لا يستهدف المريض فقط، وإنما عائلته ومجتمعه المحيط اللذين يعتبران جزءا من رحلة العلاج.
ومن هنا، تتوافق الآراء حول أهمية أن يكون هناك توعية بأهمية الفحص المبكر، والحديث عن التجارب الملهمة. والعش استغلت موهبتها في مجال الكتابة القصصية، وعملها التطوعي في مجال خدمة اللاجئين، ومن منطلق خبرتها في المجال النفسي كونها "أخصائية نفسية".
وتذهب العش إلى أن وجود الدعم بكافة أشكاله مهم جداً لمريض السرطان، وتوفير أجواء كلها تفاؤل وتشع بالقوة من داخل المريض ومن خلال محيطه ومراعاة المتطلبات العلاجية في ذات الوقت، لافتة إلى أهمية إطلاق الحملات التوعوية ما بين الحين والآخر، للفت انتباه المجتمع إلى أهمية ذلك.
الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن السجل الوطني للسرطان في وزارة الصحة، تبين أن مجموع الحالات التي سجلت لهذا العام بلغت 8060 حالة منها 5978 بين الأردنيين و2082 بين غير الأردنين، فيما بلغت حالات سرطان الثدي الجديدة المشخصة والمسجلة 1670 حالة بين الأردنيين وغير الأردنيين منها 1278 بين الأردنيين و392 حالة بين غير الأردنيين، من بينها 1262 من الإناث. كما ظهر من خلال الإحصائيات أن سرطان الثدي بلغت نسبته 39.8 % من بين جميع انواع السرطانات للإناث فيما بلغ معدل العمر عند التشخيص 52.7 عام وتراوحت الفئات العمرية المصابة بين 22 عاما و96 عاما، وكان العمر الاكثر تكرارا 49 عاما.
وبلغت نسبة الاكتشاف المبكر للسرطان 19.8 % من الحالات، كان هناك ما نسبته 11 % من الحالات المسجلة متقدمة ومنتشرة عند التشخيص، و31.7 % من الحالات كانت في مراحل غير معروفة، وهذا إن دل فإنما يدل على أهمية الاستمرار في عملية التوعية في مختلف المناطق لتحفيز النساء على الفحص والمساهمة في العلاج المبكر. وتنهي العش حديثها بالقول "البعض يتعامل بسلبية منذ بداية المرض وحتى النهاية، ويعكسون تجربتهم السلبية على أنفسهم والآخرين، والبعض يحول محنته لمنحة من الله، وتجربة ايجابية ويتعامل معها بنجاح". ووجهت قطامش رسالتها للمجتمع بقولها "ينبغي ان تكون النظرة للمريض كلها حب وتفاؤل وقوة وثقة بعيداً عن الشفقة التي قد تهوي به إلى درك اليأس.. في حين قد يكون هو مصدر القوة والإلهام لنا جميعاً يبثون في قلوبنا الأمل كما شاهدنا في الكثير من الحالات في المركز". وتشيد قطامش بدور الجهات المعالجة في الأردن التي تهتم بحملات التوعية وأهمية الفحص المبكر، بالتعاون مع الإعلاميين في مختلف المؤسسات. وتتمنى من الجميع "عدم انتظار المرض"، إذ تبين الإحصائيات أن 40 % من أنواع السرطانات يمكن علاجها عند الكشف المبكر عنها.