إلى متى؟

 

هآرتس -يوفال ايالون

من يؤمن بالمساواة السياسية والمدنية ملزم بان يؤيد واحدة من اثنتين – دولة ديمقراطية واحدة او اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة الى جانب دولة إسرائيل. هكذا صاغ الكسندر يعقوبسون في "هآرتس"،  الاتفاق بين اليسار الراديكالي وباقي المعسكر الديمقراطي.

اضافة اعلان

هكذا يتجاوز يعقوبسون مسألة القومية المتطرفة، وحسنا ان فعل. برأيي، من الواضح انه في حالة التأكد من ان الدولة الفلسطينية لن تقوم – ينبغي للالتزام الديمقراطي ان يدفع الصهاينة ايضا الى ان يؤيدوا اقامة دولة واحدة. وبالمقابل، اذا كان واضحا بانه لا يمكن اقامة الديمقراطية في دولة واحدة، فان المناهضين للصهاينة ايضا ينبغي لهم ان يؤيدوا الدولتين، رغم نفورهم من النزعة القومية المتطرفة.

الخيار بين دولة واحدة، ثنائية القومية، في ارض إسرائيل وبين دولتين ليس خيارا بين منتجين يوجدان على الرف. لشدة الاسف، الرف فارغ: لن تقوم ديمقراطية بين البحر والنهر قريبا، بل ولن تقوم دولة فلسطينية ايضا. إذن ما الذي يؤيدونه؟ ميرون بنفنستي ("هكذا تحولت إسرائيل الى دولة ثنائية القومية"، ملحق "هآرتس" 22/1) يعتقد بانه "كون تقسيم البلاد الى دولتين قابلتين للحياة لم يعد ممكنا، فمن يؤمن بالمساواة ملزم بان يؤيد دولة ثنائية القومية ديمقراطية".

وبالمقابل يعتقد يعقوبسون بان "بالضبط العكس هو الصحيح: لما كان واضحا بان الدولة التي يقترح بنفنستي اقامتها بدلا من إسرائيل لن تكون ديمقراطية ثنائية القومية – فمن يؤمن بالمساواة... ملزم بان يتمسك بمبدأ دولتين للشعبين".

الالتزام بالمساواة يفرض علينا في الظروف القائمة الرد على سؤال يتعلق بالحقائق: أي امكانية هي الأكثر معقولية بان تتحقق – تقسيم البلاد ام ديمقراطية ثنائية القومية؟ اذا كانت الفرصة لديمقراطية ثنائية القومية أعلى، فهذا هو الحل المرغوب فيه. اذا كانت الفرصة لتقسيم البلاد اعلى – فيجب تأييد ذلك. التحدي الذي يقف امامه مؤيدو تقسيم البلاد – من يبررون نظام احتلال غير ديمقراطي في الحاضر باسم تقسيم البلاد في المستقبل – هو الاظهار بان الحل المفضل لهم هو الحل الأكثر معقولية، او الحل المعقول بما يكفي. المشكلة هي انه من الصعب الايمان بذلك. فهل هناك احد يؤمن حقا بانه ستقوم دولة فلسطينية قابلة للحياة في ايامنا؟ متى؟ اين؟ كيف؟ من سيقيمها؟

على الاقل منذ صعود ايهود باراك الى الحكم في العام 1999، كان جواب المعسكر الصهيوني – الديمقراطي على هذه المسائل محرجا: لا حاجة للدفع الى الامام او الوعد باقامة الدولة الفلسطينية. يكفي تنفيذ الواجب الديني بالتمسك بمبدأ الدولتين للشعبين. هكذا، حتى من يعرف انه بعد 42 سنة لن تقوم دولة فلسطينية، فانه لن ينفعل. يعقوبسون كتب بانه "حتى من لا مصلحة له في النزعة القومية المتطرفة اليهودية وباي نزعة قومية كانت، ينبغي أن يعرف... انه في ظروف الزمان والمكان، استمرار وجود دولة اسرائيل – بنواقصها العديدة وفضائلها الهائلة – هو السبيل لضمان الحد الاقصى من الحرية والمساواة والحد الاقصى من الرفاه للحد الاقصى من بني البشر". أي، طالما "تمسكنا" بمبدأ الدولتين، فان النظام القائم سيبقى الى الابد.

ولكن، لا يمكن التملص بذلك بسهولة من المسألة التي يطرحها الالتزام بالمساواة السياسية: حتى متى؟ إن من يقبل بمبدأ المساواة، وكذلك الافتراض بان تقسيم البلاد محتمل، يخاطر في أن يصبح تأييده للتقسيم تأييدا بحكم الامر الواقع لنظام الابرتهايد. وعليه، فان على من يؤيد حل الدولتين ان يحدد، بالتقريب على الاقل، متى سيعترف بانه اخطأ وان طريق تقسيم البلاد فشل. بتعبير آخر كم من الوقت ينبغي أن نجتاز، كم من الحقائق ينبغي ان تتقرر على الارض (من رجال "متمسكين" بمبدأ الدولتين)، الى أن يعترفوا بان الدولة الفلسطينية لن تقوم. السؤال ليس بيانيا. بعد 42 سنة حان الوقت لان يحاول مؤيدو تقسيم البلاد الرد عليه بدلا من الاختباء خلف الشعارات.