إنذار غير مستعجل بالطاعة!

حسَمَ أمرهُ سريعا، تماما مثلما يفعل الناس في شأن ثقيل يوَدُّونَ الخلاصَ منه؛ فالمشوار الأول مع خطيبته سيكون أثقل عليه من قسم الحب بعد سنتين..، من الزواج!

اضافة اعلان

اختار مسرحية "الواد سيد الشغال"، ونال الاختيار رضا المخطوبة؛ فالمشوار كذلك سيكون لها أطول من تبريرها للحب بعد أربع سنوات..، من الزواج!

كان العرض السينمائي الأول للمسرحية ناجحا، وتجلى ذلك بأن الخاطب والمخطوبة لم يجدا تذكرتين، ولو سوداويتين، للدخول. ولأن المشوار ثقيل وطويل عليهما، لم يرغبا أن يعودا سريعا، فاقترحَ أن يحضرا فيلما، وراح يُسوِّق لها الأمر أنهما في دار سينما، وأن عرض المسرحية جاء طارئا نظرا لنجومية بطلها، وأن الأصل أن يحضرا فيلما من تلك التي تتراشق ملصقاتها على جدران صالة الحجز!

ولأنهما لم يريدا للمشوار أن يثقلَ ويطول أكثر، أخذا بنصحية موظف الحجز بحضور الفيلم الذي سيبدأ بعد لحظات. لكن اختيار الموظف لم يكن موفقا، وجاء من دون إدراكه أنهما على وشك الزواج، وربما لأن هيأتهما لم تشي بذلك، فقد اختار لهما، عن جهل بقصة العرض التالي، فيلم "إنذار بالطاعة"! 

تعاطف الخاطب مع "محمود حميدة"، ولم يبح بذلك إلى المخطوبة التي تعاطفت مع "ليلى علوي"، بل إنهما تعمدا عدم النظر إلى بعضهما أثناء العرض الميلودرامي الصاخب؛ فالبطل العصامي يتزوج البطلة عرفيا، ويواجها معا الفقر ورغبة الأهل بتزويج الفتاة من رجل انتفخ في عصر الانفتاح!

يبدو "محمود حميدة" شرسا في حبه؛ محاميا شابا يجهر بورقة الزواج العرفي في ذروة العقدة، ولا تقل ليلى علوي شجاعة وتتحمّل تبعات ذلك أخلاقيا أمام الأهل والمجتمع، وإذ تتجه أحداث فيلم المخرج عاطف الطيب نحو انتصار مؤقت لحبيبين من الطبقة الوسطى، يَثْبُتُ الزواج ويرسل البطل إنذارا "مستعجلا" بالطاعة!    

يخرجان من صالة العرض متتابعين؛ يلعنُ الخاطب محمود حميدة الذي كان أكثر رجولة منه بالتمسك بامرأته، وتلعنُ المخطوبة ليلى علوي التي كانت أشد أنوثة منها وهي تغمر بها رجلا ظلل كل جسدها!

تزوجا في محطة من مشوارهما الطويل والثقيل..، ولأن العشرة كانت وثيقة فقد أنجبا أكثر من مرة. انتظرا الحب بعد الزواج، لكنه لم يأت؛ استعجلاه فتطلب الأمر مزيدا من الأطفال!

ذهب كل منهما في اتجاه، لكنهما أتقنا اللعبة جيدا، وراح كل منهما، منفردا، يُبرهنُ للآخر إخلاصه، ويمنحه الأمان، ولا يستدير مبكرا للنوم  في الفراش الزوجي!

تسرّبت بين أصابع الزوج امرأة أخرى، جعلتْ سفره (المفترض) يتواتر بين شهر وآخر، وصار غيابه عن البيت مألوفا، ولا يزيد من مساحة الفراغ في حياة الزوجة التي راحت تبحث عن دم جديد يُبرر نبض قلبها، فكان أنْ اهتدت إلى "خيانة مشروعة" عبر حب إلكتروني!

ولأن المشوار محطات، فقد عاد الزوج مكسورا، وصار يواظب على الحضور إلى البيت، وإنْ بهيئة ديك عصبيٍّ مجنون يجعل من أهون الأمور سببا لصياحه الذي صار ميقاتا لظهور الشمس وغيابها!

والزوجة عادت بـ "عيون ذابلة" بعد أن خرَجَ من حاسوبها شاب عشريني داعب جمالها الخافت، وامتص دم قلبها القديم، وجعل خفقانه طاحونة هواء!

ما يزال المشوار طويلا وثقيلا. جاءت إليهما السينما عبر التلفاز، وفي هذه الليلة لم يكن واضع البرامج غبيا مثل موظف الحجز. كان الفيلم "بحب السيما" حيث تفر ليلى علوي من برود محمود حميدة، إلى قبلة حارّة مع رجل آخر. يتهيأ الزوج لقبلة مماثلة، فتكون الزوجة قد غادرت متلكئة بشأن ما في المطبخ!

ينفصلان بعملية أسهل من قضم رأس الإظفر، وحين يرغبان إكمال المشوار، على طوله وثقله، يمضي إلى منزل والد الزوجة ساعي بريد هرِم حاملا إنذارا "متثاقلا" بالطاعة!  

[email protected]