إنقاذ البحر الميت مسؤولية دولية والحل بإحياء "ناقل البحرين"

إيمان الفارس

دعا خبراء في قطاع المياه إلى ضرورة تدخّل المجتمع الدولي العاجل لإنقاذ البحر الميت من تهديدات مرتقبة جراء منظومة ساهمت بانخفاض منسوبه بشكل كبير، شملت عوامل التغير المناخي من جهة، وتحويل روافد المياه المغذية للبحر من أخرى.

اضافة اعلان


وأكد المختصون، في تصريحات لـ "الغد"، أن مسؤولية إنقاذ البحر الميت، تقع على عاتق الدول المشاطئة للبحر، والعالم أجمع وليس الأردن وحده، مشيرين إلى "ضياع أكبر فرصة ذهبية لحماية بيئة البحر الميت من أي تهديد متوقع، من خلال مشروع ناقل البحرين (الأحمر- الميت) الإقليمي والذي جرى إلغاؤه لاحقا".


وكان جلالة الملك عبد الله الثاني قال خلال كلمة له في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ كوب 27 في شرم الشيخ بمصر، إن "التغير المناخي ليس جديدا علينا، ونحن نواجه التهديدات المناخية ذاتها التي تواجه منطقتنا بأكملها".


وأضاف جلالته "لقد تراجع متوسط هطل الأمطار إلى النصف خلال العقود الخمسة الماضية، بينما تراجع نصيب الفرد من المياه بنسبة ثمانين بالمائة. وإضافة إلى ذلك، يتراجع منسوب مياه البحر الميت بمعدل ثلاثة أقدام سنويا، فيما تتدفق في نهر الأردن سبعة بالمائة فقط من المياه بالمقارنة مع معدلها التاريخي".


ونادى المتخصصون بـ "مساندة المجتمع الدولي للأردن نحو إعادة تضمين مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة، جزئية نقل المياه الراجعة من عملية التحلية الحاصلة في البحر الأحمر، إلى البحر الميت، وذلك كما كان مخططا له في مقترح المشاريع السابقة كمشروع ناقل البحرين (الأحمر - الميت) والمشروع الأردني لتطوير البحر الأحمر والذي كان مقترحا في العام 2010".


إلى ذلك، أكد الأمين العام الأسبق لسلطة وادي الأردن سعد أبوحمور ضرورة "اللجوء لفتح حوار موسّع مع دول الجوار لإعادة منسوب البحر الميت لوضعه الطبيعي من خلال إعادة إحياء التدفقات الطبيعية لنهر الأردن ونهر اليرموك"، مشيرا لأن تدفقات "الأردن" كانت تصل إلى نحو 1.400 مليار متر مكعب سنويا قبل حوالي أربعة عقود.


وشدد أبو حمور على أن "مسؤولية معالجة قضية انخفاض التدفقات المائية الواصلة للبحر الميت، تقع أيضا على الدول المشاطئة للبحر، منوها لـ "ضياع" ما وصفه بـ "الفرصة الذهبية لإعادة إحياء البحر الميت من خلال المضي في تنفيذ مشروع ناقل البحرين (الأحمر – الميت) والذي كان من المفترض أن تتم من خلاله تغذية البحر الميت من البحر الأحمر، إلا أنه تم إلغاؤه".


وقال إن "المحافظة على هذا الإرث التاريخي والديني والسياحي يتطلب ضغطا دوليا على الدول المجاورة لإعادة إحياء مصبّات نهر الأردن والحد من انحساره".


وأدى تحويل مصبات نهر الأردن من مناطق شمال الأردن إلى جانب تضرر نهر اليرموك لانحسار البحر الميت على مدار سنوات طويلة، حيث أن نهر الأردن، الذي يتغذى من نهر اليرموك، بالإضافة للأودية الجانبية خلال المواسم المطرية مثل الاودية في شمال ووسط وادي الاردن بالاضافة الى الاودية في الاغوار الجنوبية ووادي الموجب ووادي زرقاء ماعين، والتي تغذي أيضا البحر الميت حيث يصب جزء منها في نهر الأردن والجزء الآخر في البحر الميت مباشرة ومصدرها من كلا الطرفين المشاطئين للبحر الميت، هي المغذيات الرئيسية للبحر الميت.


وذلك إلى جانب تبعات التغيرات المناخية والتي أدت لارتفاع كبير في درجات الحرارة، وانخفاض في الهطل المطري، ما ساهم أيضا في انحسار البحر الميت عبر زيادة التبخر وقلة المياه المغذية.


من جهتها، أكدت الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري ميسون الزعبي أهمية إعادة صياغة محتوى إعادة إحياء البحر الميت وتضمينها في مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة، معبّرة عن "أسفها" لعدم شموله هذا المضمون.


وأوصت الزعبي بضرورة المضي جديا وفق خيارات قابلة للتحقيق، فيما يتعلق بالحلول الممكنة لمواجهة انخفاض منسوب البحر الميت، سيما وأن "الأردن ليست المسؤولة أو المتسببة بهذا الانخفاض، سواء كان بسبب تحويل روافد المياه المغذية أو تبعات التغير المناخي"، مشيرة لـ "مسؤولية دولية إلى جانب مسؤولية الدول المتشاطئة بالتشارك بهدف وضع الحلول اللازمة لمواجهة هذه القضية".


وبينت أن من أبرز تلك الحلول؛ "قيام المجتمع الدولي بمساندة الأردن لإعادة تضمين مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة، جزئية نقل المياه الراجعة من التحلية في البحر الأحمر، إلى البحر الميت كما كان مخططا له في مقترح المشاريع السابقة، كمشروع ناقل البحرين (الأحمر – الميت) والمشروع الأردني لتطوير البحر الأحمر والذي كان مقترحا في العام 2010، من حيث إعادة المياه الراجعة من عملية التحلية للبحر الميت بهدف رفع منسوبه".


كما أكدت الأمين العام الأسبق لـ "المياه" ضرورة أن "تقوم الدول المتسببة بانخفاض تدفق نهر الأردن (حيث يعد الرافد الوحيد للبحر الميت)، وتحويله لاستخدامات أخرى؛ بالتعويض عن كميات المياه التي حصلت عليها، وذلك من خلال أي مصادر مائية لديها قد تجدها مناسبة"، لافتة لأن "تدفق المياه الحالي من نهر الأردن للبحر الميت، لا يتجاوز ما كميته 250 مليون متر مكعب/ العام بعد أن كان يصل تاريخيا إلى 1.250 مليار متر مكعب/ العام".


واتفق مسؤول أسبق في وزارة المياه والري، طلب عدم ذكر اسمه، مع سابقيه إزاء عدم توفر حلول لمواجهة تهديد انحسار البحر الميت، سوى مشروع ناقل البحرين (الأحمر – الميت) والذي تم إلغاؤه، مضيفا أن هذا المشروع بيئي بامتياز لحماية البحر الميت من الزوال.


وبين المصدر ذاته أن دراسات مشروع ناقل البحرين الإقليمي، أثبتت إمكانية تزويد البحر الميت بما كميته 1.01 مليار متر مكعب من المياه الراجعة من خلال عملية تحلية ونقل المياه من البحر الأحمر للميت، وهي كمية بإمكانها أن تعيد البحر الميت لمنسوبه السابق الطبيعي خلال فترة تتراوح بين 25 إلى 30 عاما، والبالغة نحو 310 أمتار تحت مستوى سطح البحر، في الوقت الذي يصل فيه حاليا هذا المنسوب إلى 436 مترا تحت سطح البحر.

اقرأ المزيد :