إنقاذ الشركات المتعثرة من كورونا

سلامة الدرعاوي عديدة هي القطاعات الاقتصاديّة التي تأثرت جراء تداعيات كورونا، ويختلف التأثر من قطاع لآخر حسب قدرته الماليّة وطبيعة عمله ونشاطه، إلا انه بشكل عام بالنسبة للاقتصاد الوطنيّ نستطيع القول انه لم يسلم أي قطاع من الوباء. قبل كورونا كانت هناك قطاعات تنموّ بشكل ملفت ومميز كالقطاع السياحيّ الذي كانت التقديرات الأوليّة تشير الى زيادة نشاطه بنسبة 15 بالمئة على أقل تقدير. النقل كان أيضاً من القطاعات التي تشهد تحسنا ملحوظا في نشاطه كما هو حاصل في الملكية على سبيل المثال لا الحصر، التي كادت ان تصل لمرحلة إيقاف نزيف الخسائر. الصادرات الصناعيّة في مختلف القطاعات كانت تنموّ بشكل إيجابي، والتقديرات كانت تتوقع ان تصل الزيادة السنويّة في الصادرات بنسبة لا تقل عن 6 بالمئة. هذه كُلّها قطاعات كانت فعلاً تسير أنشطتها باتجاه سليم، إلا ان جائحة كورونا قلبت الموازنة رأساً على عقب، ولم تفرق بين القطاع الناجح والمميز من الفاشل والمتراجع. في ضوء هذا المشهد الضبابيّ الصعب ومع بوادر اكتشاف لقاح الكورونا واقتراب الحلّ لهذا الوباء، تعيش الشركات والمؤسسات أوضاعاً اقتصاديّة صعبة قد تخرج من الأسواق في حال عدم مد يد العون لها، والعون لا يكون بالمساعدة المطلقة التي لا تأتي بفائدة مرجوة، وإنّما وفق أسس اقتصاديّة واضحة. بمعنى ان الحكومة التي لا تمتلك أيّة قدرة على تقديم أي شكل من أشكال الدعم النقدي للشركات المتعثرة جراء كورونا، كما هو حاصل في باقي دول العالم، فإن بإمكانها ان تبادر إلى تشجيع تأسيس صندوق استثماريّ موجّه للشركات التي تأثرت أنشطتها من كورونا وكانت قبل ذلك تسير في أعمالها بشكلٍ صحيح. فكرة الصندوق الاستثماريّ هي فكرة اقتصاديّ بحتة وليست ريعيّة أو اجتماعيّة، بمعنى ان هذا الصندوق الذي يكون رأسماله من المؤسسات الاقتصاديّة القادرة يكون لها الخيار في الدخول الاستثماريّ مع الشركات التي تؤكد دراسات الجدوى الاقتصاديّة انها تمتلك مقومات النجاح والنموّ بمجرد انتهاء الوباء، أي ان القرار يكون مدروسا بعناية اقتصاديّة كاملة. هناك العديد من مؤسسات وشركات القطاع الخاص تمتلك قدرة ماليّة عالية وتتطلع للاستثمار في قطاعات مجديّة اقتصاديّة وواعدة، لكنها بحاجة إلى تبسيط إجراءات ذلك من قبل الحكومة التي هي مطالبة بتسهيل تلك الإجراءات فقط لا غير. مساهمو فكرة الصندوق الاستثماريّ هم فقط من مساهمي القطاع الخاص وليس للحكومة أيّة عضوية في ذلك، وقراره مستقل بعيداً عن أيّة أشكال الضغوطات والتوجيه حتى يكتب له النجاح، ويكون خيار المساهمة فيه اختياري وليس إلزاميّاً. الصندوق مشروع اقتصاديّ استثماريّ خالص، بإمكانه ان يحقق أهدافاً مهمة في الاقتصاد الوطنيّ خلال هذه الفترة المؤقتة التي تجتاحها كورونا، فمنها يسهم بالاستثمار في قطاعات اقتصاديّة مجدية لا تحتاج الا للدعم الماليّ السريع، إضافة إلى تعزيز المحفظة الاستثماريّة لتلك الشركات التي على الأغلب يكون رأسمالها محليّاً، ناهيك من ان هذا المشروع يوفر مظلة ماليّة استثماريّة سريعة بدلا من أي دعم نقدي مباشر، فالخزينة عاجزة عن أن توفر أي مخصصات لمثل هذه الأعمال والمبادرات نتيجة الضغوطات الماليّة الكبيرة التي تعانيها، كُلّ ما هو مطلوب السير في هذه الفكرة لتكون واقعا ملموسا مدعوما بتسهيلات حكوميّة لإشهاره.اضافة اعلان