إنهاء الاحتكارية أولوية عاجلة

الدراسة التي أعدتها الجمعية الوطنية لحماية المستهلك بشأن كلفة شراء الاغنام من الاسواق الخارجية لا سيما من جورجيا ورومانيا واثيوبيا، يجب ان تؤخذ بعين الاهتمام الرسمي، وان لم يتحقق (وهو ما كان بالفعل) فمن الشعبي؛ اذ إن اسعار تلك الاغنام ترتفع الى مستويات لا تتناسب وكلفتها الاساسية.اضافة اعلان
الدعوة الى مقاطعة شراء الاضاحي المستوردة للمؤسستين العسكرية والمدنية فيها كثير من المنطق، فالارباح التي تحققها شركة الامن الغذائي التي تحتكر دون غيرها استيراد الخراف لغايات الاضاحي عالية كيفما نظرت اليها. وفي الدراسة ثمة ما يشير الى ان الارباح التي تحققها الشركة بالغة الفحش؛ اذ تتعدى 60  % وهو ما ليس مقبولا بالاستناد الى ان موسم الاضاحي وهو موسم ديني، يجب ان لا يكون ساحة للاحتكار ورفع الاسعار بغير وجه حق في ظل انعدام البدائل امام جمهور المستهلكين.
وعندما تكون كلفة شراء رأس الماشية الواحد تقارب 70 دولارا في الدول الثلاث الانفة وباضافة اجور الشحن والنقل، فان الاسعار التي تباع فيها محليا تعتبر مرتفعة وضمن مستوى ارباح لا يتناسب وقدرات المستلهكين المحليين.
ليس في اللحوم والاضاحي وحسب، بل ان نهج الاحتكار ما يزال قائما في اكثر من سلعة، والمأمول ان يقف هذا النهج وان تتخذ حكومة الخصاونة موقفا حقيقيا منه لصالح المستهلك المحلي، ففي الانشاءات وخاصة في مادة الحديد، شكلت الاحتكارية اضافة سلبية في جانب رفع اسعار هذه السلعة، ولا يحتاج المرء الى جهد كبير ليكشف اثر الاحتكار على حياتنا الاقتصادية، علما ان الاحتكارات تمت بموجب تقاطع المصالح بين طبقة الاعمال ونفر قليل من السياسيين. وباستعراض اسماء الذين يقومون باحتكار استيراد سلع عديدة في بلادنا، سيصطدم المرء حتما برجال اعمال كبار ذوي نفوذ واسع وبحملة لقب دولة ومعالي.
النشاط الاقتصادي امر تفاعلي ولا يمكن ان يفرض اي كان ارادته على حاجات وقدرات جمهور المستهلكين لمجرد انه يسعى لزيادة رصيده في البنك، وكما نجحت جهود المقاطعة التي خاضتها جمعية حماية المستهلك في السابق، فالمأمول ان تنجح في الوقت الحالي وفي المستقبل ايضا لما يسهم في تعزيز توازن الاسعار وتخفيف حدة المعاناة الاقتصادية على المستهلكين، تمهيدا لالغاء الاحتكارية التي اتكأ عليها البعض في السنوات الماضية بموجب زواج غير شرعي بين السياسة والاقتصاد.
الدعوة الى مقاطعة شراء الاضاحي المخصصة للمؤسستين العسكرية والمدنية تحمل كثيرا من دلالات ارادة التغيير التي يمكن ان ينجح فيها المجتمع، ومئات الاعتصامات والمسيرات التي شهدتها البلاد في الشهور الماضية ضمن موجات الاحتجاج التي حملت اسم الربيع العربي كانت تركز على حقوق الشعب ووقف الاحتكار ووقف النهب المنظم لمقدرات الوطن، وهو ما يؤمل ان يكون له صدى لدى الحكومة الحالية، بحيث تتخذ قرارات وخطوات توقف الاحتكارية عموما وتفعّل على نحو واقعي قانون المنافسة بما يخدم المستهلك في نهاية الامر.