إيران ترفض محاسبة "حلفائها" بالعراق

صبي عراقي يشاهد سيارات مدمرة بمفخخة هزّت مدينة الصدر قرب بغداد أول من أمس - (اف ب)
صبي عراقي يشاهد سيارات مدمرة بمفخخة هزّت مدينة الصدر قرب بغداد أول من أمس - (اف ب)

سليمان قبيلات

عمان-  ضاعف قرار مجلس النواب العراقي، إحالة ملف سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم داعش إلى القضاء، خصوصا وأن أكبر المتهمين فيه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، غضب السلطات الإيرانية، التي أثار لديها مخاوف توجه رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي بالمضي في إصلاح النظام وتغيير طبيعته الطائفية والتبعية لطهران.
وتزامن التحرك الإيراني مع تلويح ميليشيا "الحشد الشعبي"، التي أسسها المالكي نفسه العام الماضي، بالانسحاب من ساحات القتال في محافظتي الأنبار وصلاح الدين في حال إقالته أو تقديمه للمحاكمة.
ونقلت مواقع اخبارية عربية عن مصادر عراقية مطلعة، أن مستشار الرئيس الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، أبلغ رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، تحذيرات طهران من عواقب تقديم المالكي للقضاء بتهم فساد مالي، خلال توليه حكم العراق لثمانية أعوام.
وقال موقع "الوعي" الاخباري، المقرب من ولايتي، إن الأخير أجرى خلال اليومين الماضيين اتصالات مكثفة بزعماء وسياسيين من "التحالف الوطني" وخارجه، لاحتواء الأزمة السياسية في البلاد، مؤكداً أن الاتصالات شملت العبادي، ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي، عمار الحكيم.
وجاءت هذه الاتصالات بعد ساعات على نشر التقرير الخاص بسقوط المدينة، والذي ورد فيه اسم المالكي، كأحد أهم المسؤولين العراقيين المتهمين بالتسبب في سقوط الموصل.
وكان رئيس البرلمان، سليم الجبوري، قد أعلن عقب إصدار التقرير بساعات، أن جلسة التصويت عليه ستكون علنية، وأن جميع المتورطين سيخضعون للمحاسبة.
في المقابل، اعتبر عضو ائتلاف "دولة القانون"، الذي يتزعمه المالكي، على لسان النائب علي المرشدي، أن لجنة التحقيق بسقوط الموصل غير دستورية وقراراتها غير ملزمة للبرلمان.
وأكد المرشدي، أن من حق كل شخص ورد اسمه في اتهامات اللجنة التقدم بطعن في المحكمة الاتحادية، مشدداً على ضرورة الابتعاد عن تصفية الحسابات، لأن قرارات اللجنة مصيرية للشعب العراقي، على حد قوله.
بدوره، رجح عضو لجنة التحقيق في سقوط المدينة، النائب يونادم كنا، أن يتجاوز عدد المتورطين بسقوط الموصل الخمسين مسؤولاً، موضحاً أن التحقيق القضائي سيستدعي آخرين.
وكان المالكي قد قام بزيارة مفاجئة إلى إيران، اعتبرها مراقبون محاولة للهروب من إصلاحات العبادي، في حين أكد مكتب المالكي أن الزيارة كانت للمشاركة في المؤتمر الثامن لاتحاد التلفزيونات والإذاعات الإسلامية المنعقد في طهران، مشيراً إلى أن المالكي سيعود إلى العراق بعد انتهاء زيارته.
وفي سياق متصل، لوحت قيادات في ميليشيا "الحشد الشعبي" بالانسحاب من جبهات القتال في محافظتي الأنبار وصلاح الدين، إذا ما جرى تقديم المالكي للمحاكمة.
وقال مصدر مقرب من قيادة "الحشد"، فضّل عدم الكشف عن هويته، إن أغلب الفصائل المسلحة اتفقت على إبلاغ الحكومة نيتها الانسحاب من قيادة المعارك في حال أقيل المالكي أو تمت محاكمته.
وأكد المصدر، أن بعض الجماعات المسلحة المنضوية ضمن ميليشيا "الحشد" ستستخدم ورقة "داعش" للضغط على العبادي لإغلاق ملف سقوط الموصل وتورط المالكي، كاشفاً عن أن ذلك التلويح أو التهديد ليس موضع اجماع داخل "الحشد".
ولاحظ مراقبون، أن خطوات العبادي الاصلاحية، أدت الى ما يمكن وصفه بفرار عدد من المسؤولين العراقيين المتورطين في قضايا الفساد، للسفر إلى إيران هرباً من الإجراءات التي يتخذها العبادي، وسط اتهامات للأخير بالتغاضي عن خروج بعضهم، تجنباً لمشكلات قد تمزق التحالف الوطني الحاكم.
واوضحت مصادر ملاحية في مطارات بغداد والنجف وكربلاء، ان 29 رحلة جوية في غضون أسبوع واحد توجهت من العراق إلى طهران، وهو ضعف عدد الرحلات المعتادة.
وأكد عضو بارز في لجنة النزاهة البرلمانية العراقية، "سفر 41 مسؤولاً سياسياً وعسكرياً ومحلياً في المحافظات الجنوبية وبغداد الى إيران منذ نحو أسبوع"، مشيراً إلى أن "غالبية هؤلاء صدرت بحقهم مذكرات استقدام أو استدعاء أو وردت أسماؤهم في تحقيقات بقضايا فساد". وبحسب النائب العراقي، الذي رفض الكشف عن هويته، فإن "هناك تسهيلات أو تغاضيا غير مفهوم عن سفر المسؤولين. كما إن الحكومة لا تقدم أي تفسيرات حول ذلك إلا رغبتها بخروجهم من العراق وابتعادهم عن إجراءات القضاء لتجنب مشاكل أكبر كما في حالة المالكي أو مساعديه".
وكشف المصدر نفسه أن "زوجة المالكي ونجله وابنتيه غادروا العراق الى إيران بعد يومين من مغادرة المالكي ولا نعلم هل سيعودون أم لا".
كذلك، فإن من بين الفارين إلى إيران، مدير الاستخبارات العسكرية السابق الفريق حاتم المكصوصي، وقائد الفرقة الثانية في الجيش العميد الركن عبد المحسن فلحي، والشيخ علي الطويرجاوي المفتش العام بمكتب المالكي والمتهم بجرائم غسل أموال وتهريب عملة صعبة الى إيران بالعامين 2011 و2012.
ولا تشترط إيران على حملة جواز السفر العراقي من فئات دينية معينة تأشيرة مسبقة، ما يجعلها أكثر المناطق ملاءمة للسفر السريع للمسؤولين المتورطين بالفساد.
وفي السياق ذاته، طالب عضو البرلمان العراقي، محمد الجاف، بـ"إغلاق الحدود والمطارات بوجه المسؤولين المطلوبين وأقربائهم من الدرجة الأولى قبل أن تضيع أموال الفقراء من عامة الشعب ببطونهم".
ويرى مراقبون أن إيران تحاول إنقاذ المالكي ومسؤولين آخرين، لإرسال إشارة الى حلفائها الآخرين بعدم التخلي عن دعمهم، فيما يعرب القيادي في جبهة الحراك الشعبي، محمد عبد الله، عن اعتقاده أن "العبادي يسهل خروج المتهمين لعدم إثارة صراعات داخلية داخل التحالف الوطني، ولإبعاد المسؤولين الفارين عن طريقه مستقبلا".

اضافة اعلان

[email protected]