إيران والعقوبات

هآرتس
تسفي بارئيل  9/11/2018

لا بد أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب منح اعفاء مؤقت من العقوبات على إيران لثماني دول كان سيثير رد فعل إسرائيلي حاد لو أنه كان في البيت الابيض باراك اوباما. ولكن لما كان "الصديق" هو الذي قرر، فإن في القدس صمت مطبق. فلا أي نقد على ان العقوبات أرق مما ينبغي، غير ناجعة، ومن شأنها أن تكون حتى اقل تصلبا من تلك التي فرضت في عهد سلفه.اضافة اعلان
تركيا والهند هما الدولتان الاوليان اللتان نالتا الاعفاء، مقابل تخفيض نحو ثلث حجم مشترياتها من النفط من إيران. اما الصين، كوريا الجنوبية واليابان فستكون على ما يبدو الدول الأخرى، هكذا بحيث ان حجم تصدير النفط الإيراني ليس فقط لن يكون صفريا، مثلما أمل بذلك الرئيس ومستشاره للأمن القومي جون بولتون، بل سيبلغ 1.25 – 1.5 مليون برميل في اليوم، مقابل نحو 2.5 مليون برميل في الفترة التي رفعت فيها العقوبات.
عن قسم من هذه الفجوة ستحاول إيران التغلب على قسم منها من خلال التهريب أو البيع من تحت الرادار، أي طمس بث ناقلات النفط بحيث يكون من الصعب أكثر العثور عليها وتشخيصها. عمليا، بدأت تتخذ هذه الخدعة منذ تشرين الأول، حين تبين فجأة للمواقع التي تتابع حركة السفن في العالم إذ أن الناقلات الإيرانية اختفت عن الشاشة.
ولكن المشكلة الأكبر لإيران ستكون الحصول على المقابل المالي للنفط الذي تبيعه. فالدول التي نالت الاعفاء ستودع دفعاتها في صندوق خاص لن يحرر المال إلا لقاء المنتجات الاساس والادوية والمنتجات التي تندرج في القائمة التي تقرها وزارة المالية الأميركية. بعض من هذه الدول اجرت اتفاقات بيرنر مع إيران، بموجبها تتلقى إيران منها بضائع وليس مالا، ويتم الحساب بالعملة المحلية.
مشكلة اخرى ستكون لإيران في استخدام أرصدة العملة الصعبة التي في حوزتها، والتي تقدر بأكثر من 100 مليار دولار، قسم كبير منها مودع في بنوك في ارجاء العالم. ولما كانت العقوبات مفروضة أيضا على منظومة البنوك الإيرانية، تحاول بعض الدول في الاتحاد الأوروبي التخطيط لطريقة في نقل الأموال، تتجاوز منظومة البنوك الأميركية، ولكن ليس واضحا بعد ماذا ستكون طبيعة هذه المنظومة.
رغم الخناق في السيولة النقدية والهبوط الدراماتيكي في سعر الريال إلى قرابة 150 ألف ريال للدولار، فما يزال لدى إيران بضع ادوات مالية يمكنها أن تستخدمها كي توفر في النفقات. وعلى فرض ان بنود الميزانية المخصصة للأمن وللنشاط الإيراني خارج الدولة ستستمر بالمستوى القائم، فانه سيتعين على إيران ان تقرر كيف ستعالج حجم الدعم الحكومي الذي تمنحه للوقود ومنتجاته. وحسب الوكالة الأميركية للطاقة، فإن إيران توجد في المرتبة الأولى في العالم في حجم دفعات الدعم المالي للوقود ولمنتجاته، مع 45 مليون دولار في السنة هي نحو 10 في المئة من الناتج المحلي الخام.
كما أن الحكومة الإيرانية تمول صناديق تقاعد موظفي الدولة، موظفي الشركات الحكومية والعسكرية. فصناديق التقاعد الحكومية تعاني من عجز عضال، بسبب ودائع ناقصة او بسبب ادارة عليلة وفساد، وليس بوسعها أن تعوض المتقاعدين لقاء الارتفاع المجنون للأسعار في السنوات الاخيرة. وحسب تقدير نائب الرئيس، اسحق جينهغير، يعيش في إيران نحو 7.4 مليون شيخ، وهو يتوقع ان يصل العدد إلى نحو 30 مليون في 2050. دين الدولة للضمان الاجتماعي يصل إلى نحو 40 مليار دولار، وليس واضحا من اين ستدفع المبالغ اللازمة كي تمول النفقات الصحية للمواطنين المستحقين.
واضح للنظام ان كل تغيير طفيف في حجم الدعم الحكومي من شأنه ان يخرج الناس إلى الشوارع وهي تستثمر جهودا كبرى كي تشرح للجمهور ان الدولة تعيش في حرب ضد الولايات المتحدة واعدائها الاخرين، حربا تستوجب التجند الشامل ولا سيما في مجال الاقتصاد. ولكن مشكوك ان يكون الجمهور يشتري هذه الشروحات الحكومية، بعد أن بدأ يتذوق ثمار الاتفاق النووي. السؤال الذي لا جواب عليه هو كم من الوقت ستتمكن إيران من أن تعيش تحت نظام العقوبات الجديد.