إيفرتون.. 530 مليون جنيه استرليني في مهب الريح

شعار نادي إيفرتون -(أرشيفية)
شعار نادي إيفرتون -(أرشيفية)

أيمن أبو حجلة

عمان - يعتبر مالك نادي إيفرتون، فرهاد موشيري، مثل الرجل الذي استيقظ أخيرا من سبات، عرض ناديه لمجموعة من الخسائر التي تكاد لا تحصى.اضافة اعلان
بعد موسم بائس، شهد بقاء الـ"توفيز" بين كبار الـ"بريمير ليج" بشق الأنفس، يبدو أن موشيري قد عاد إلى رشده، حيث كتب إلى مؤيديه الأسبوع الماضي، للاعتذار والاعتراف بإهدار كومة ضخمة من الأموال.
اعترف المساهم الأكبر في إيفرتون قائلا: ""تم ارتكاب الأخطاء، نحن ملتزمون بعدم ارتكاب نفس الأخطاء مرة أخرى، خصوصا تلك المتعلقة بعدم إنفاق المبالغ الضخمة بحكمة".
يستحق موشيري الثناء على اعترافه واعتذاره، لكن من غير العادي أن يستغرق هو وزملاؤه وقتا طويلا للاستيقاظ من هذا الواقع، لأسباب ليس أقلها أن المؤيدين كانوا يصرخون بها من فوق أسطح المنازل لسنوات.
يمكن لأي ناد أن يرتكب خطأ في سوق الانتقالات، لكن إيفرتون فعل ذلك على نطاق واسع، منذ أن تولى رجل الأعمال البريطاني صاحب الأصول الإيرانية المسؤولية في العام 2016.
منذ ذلك الحين، تم إنفاق أكثر من 530 مليون جنيه إسترليني على 31 لاعبا من أصل 43 وصلوا إلى الفريق، وهذا المستوى المذهل من الاستثمار بلغ ذروته خلال المعاناة لاحتلال المركز السادس عشر بالدوري الإنجليزي الممتاز.
وفي وقت تتطلع فيه معظم الأندية خارج المراكز الستة الأولى، إلى اختيار بعض اللاعبين الأصغر سنا لإضافة القيمة الفنية، أمضى إيفرتون الجزء الأكبر من السنوات الست الأخيرة في فعل العكس، حيث ضخ الأموال مثلما تفعل الأندية الكبيرة، لكن من دون وجود دراسة تقلل المخاطر وتزيد فرص النجاح.
شهدت أسوأ التجاوزات في سياسة إيفرتون، إنفاق 176 مليون جنيه إسترليني على لاعبين، قبل استرداد 15 مليون جنيه إسترليني فقط عند التخلي عنهم، معظم هؤلاء ذهبوا في انتقالات مجانية إلى أندية أخرى، أو غادروا في نهاية عقودهم.
البعض الآخر لم يلعب بالكاد، وفي حالة واحدة تحديدا، لم يلعب على الإطلاق، وكانت هناك معدلات غياب تدمع لها العين.
تم دفع رسوم باهظة، حتى كانون الثاني (يناير) الماضي، على جلب لاعب بثلاثة أضعاف سعر السوق، وفقا للمحللين، وتغيرت هوية الفريق مثل ألوان الحرباء من مدرب إلى آخر، اعتمادا على التهديد الوشيك بالهبوط.
كان التوظيف التدريبي فوضويا مثل انتقالات اللاعبين، خصوصا عند الاستعانة ببسام ألارديس ورفاييل بينيتيز، وبغض النظر عمن كان في مقعد المدير الفني، كان لدى النادي أموال لإنفاقها.
كان الجناح يانيك بولاسي يبلغ من العمر 27 عاما عندما تم التعاقد معه من كريستال بالاس في العام 2016 مقابل 25 مليون جنيه إسترليني، أي حوالي ضعف قيمته السوقية، ولم يشارك سوى في 29 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز في غضون خمس سنوات، والتي قضى خلالها أربع فترات إعارة.
وكلف لاعب خط الوسط مورجان شنايدرلين 24 مليون جنيه إسترليني في سن الثامنة والعشرين، وفشل في إقناع الجمهور بقدراته في 88 مباراة بالدوري على مدار عامين ونصف، وشهد موسمه الأخير مشاركته في 12 مباراة فقط بسبب الإصابة، ليتوج بعدها إلى نيس مقابل 2 مليون جنيه إسترليني فقط.
كان آشلي ويليامز يبلغ من العمر 31 عاما، عندما جاء إلى إيفرتون قادما من سوانزي سيتي مقابل 9 ملايين جنيه إسترليني، فيما يعد خطوة مشؤومة، حيث كافح قائد المنتخب الويلزي السابق لتثبيت قدميه في الفريق، واعترف لاحقا أنه وجد صعوبة في الاستقرار.
واستمرت الأخطاء في الظهور، حيث وصل الهولندي ديفي كلاسن إلى ملعب "جوديسون بارك" من أياكس مقابل 23 مليون جنيه إسترليني العام 2017، لكن تأثيره كان ضئيلًا بشكل مذهل، فلعب 16 مباراة، فشل خلالها في تسجيل هدف، وصنع تمريرة واحدة فقط في 251 دقيقة.
ومع ذلك، كانت أكثر إحصائياته الجديرة بالملاحظة أنه كلف خزينة إيفرتون 5 ملايين جنيه إسترليني مقابل التسديدة الواحدة أو 3.33 مليون جنيه إسترليني لكل مباراة يخوضها أساسيا، وحقق إيفرتون خسارة بقيمة 10 ملايين جنيه إسترليني وباع كلاسن إلى فيردر بريمن بعد عام واحد.
لكن هناك ما يثير العجب أكثر، كان لكلاسن تأثير أكبر من تأثير هنري أونيكورو، الذي انضم من نادي كاس يوبين مقابل 6.8 مليون جنيه إسترليني، ولم يلعب مطلقا.
بشكل لا يصدق، وقع إيفرتون مع الجناح الأيسر بدون تصريح عمل، لذلك أعاره على الفور إلى أندرلخت، على أمل أن ينال الإعجاب ويحصل على عدد كافٍ من المباريات مع منتخب نيجيريا للسماح له باللعب في نهاية المطاف مع ناديه الأم.
كادت الخطة الماكرة أن تؤتي ثمارها، لكن للأسف عانى أونيكورو من إصابة خطيرة في الركبة في بلجيكا أدت إلى تعطيل مسيرته في إيفرتون.
أحد جوانب صفقات انتقال إيفرتون التي لفتت الأنظار على مدار عهد موشيري، هو الغياب الواضح للاستراتيجية، وهو عامل اعترف به أخيرا في رسالته إلى أنصار النادي التي قال فيها: "خلال الموسم 2021-2022، انتهج مجلس الإدارة مراجعة استراتيجية عملياتنا، تضمنت النظر في ممارسات العمل وعملية التوظيف لدينا والهيكل الكامل لعملية كرة القدم، من أجل تحديد أسباب ضعف الأداء على أرض الملعب بوضوح".
المراجعة الإستراتيجية مهمة، وستكون بلا شك مفيدة، لكن بعض الأشياء لا تتطلب فريقًا من الاستشاريين لاكتشافها.
قبل الموسم 2017-2018 ، حصل المدرب الهولندي رونالد كومان على تعزيزات مالية بقيمة 130 مليون جنيه إسترليني لإنفاقها على الانتقالات، لكنه رحل قبل نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر).
حل ألاردايس بديلا لكومان، ورغم أن ينتهج في المعتاد أسلوبا مختلفا عن كومان، استمر الحال على ما هو، وحصل "بيج سام" على 50 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع سينك توسون وثيو والكوت.
كلف انتقال توسون 27 مليون جنيه إسترليني، بعد ذلك بعامين، كان في طريق الإعارة خارج "ميرسيسايد" وهو ظل لما كان عليه في السابق، مع تبقي ثلاث سنوات ونصف على عقده الذي ينظر على تقاضيه 110 آلاف جنيه إسترليني في الأسبوع.
انتهى عقد توسون هذا الشهر، وسيغادر "جوديسون بارك"، بعد أن خاض 61 مباراة وسجل 11 هدفًا، بسعر 2.5 مليون جنيه إسترليني للهدف الواحد، بناءً على رسوم انتقاله الأصلية.
كان أداء والكوت أفضل في البداية، لكن الإصابات منعته من مواصله تطوره، أما ألاردايس فرحل في غضون سنة أشهر.
وكان من المفترض أن يكون البرتغالي ماركو سيلفا مدربا طويل الأجل، لكنه أقيل 18 شهرًا، وخلال هذه الفترة تمكن من إنفاق 190 مليون جنيه إسترليني في السوق، وبينما شملت الانتقالات حصول إيفرتون على البرازيلي ريتشارليسون مقابل 35 مليون جنيه إسترليني، كان هناك عدد أكبر من الخسائر.
ثلاثة من اللاعبين الجدد في فترة سيلفا، المدافع الكولومبي ييري مينا ولاعب الوسط البرتغالي أندريه جوميز والمخضرم الإنجليزي فابيان ديلف، كلفوا حوالي 60 مليون جنيه إسترليني، لكن مسيرتهم المهنية في إيفرتون كانت سيئة.
لم يشارك ديلف في أكثر من 60 مناسبة على مدار المواسم الثلاثة الماضية، بسبب إصابات في الكتف والساق، وغاب مينا عن 20 مباراة، وجوميز عن 17 مباراة.
وعطّلت الإصابة أيضا مسيرة جان فيليب جبامين، الذي شارك في ثماني مباريات فقط مع إيفرتون منذ وصوله العام 2019 من ماينتس مقابل 22 مليون جنيه إسترليني، 6 منها في الدوري الإنجليزي الممتاز، وليس من المستغرب أن قيمة جبامين انخفضت إلى 8 ملايين جنيه إسترليني فقط.
في أول موسمين له، عانى اللاعب العاجي من تمزق في وتر العرقوب وإصابات في أوتار الركبة والركبة، ما أدى إلى استبعاده من جميع مباريات الدوري باستثناء ثلاث، وفشل في اقتحام الفريق وتم إرساله على سبيل الإعارة إلى سيسكا موسكو، قبل غزو روسيا لأوكرانيا.
في غضون ذلك، نظر المراقبون إلى المهاجم الإيطالي مويس كين الذي وصل من يوفنتوس مقابل 25 مليون جنيه إسترليني صيف العام 2019، على أنه فرصة لتحسين أداء الفريق تهديفيا، لكن مشواره الأول كان سيئا، حيث سجل هدفين فقط في 29 مباراة بالدوري الممتاز، قبل أن تتم إعارته إلى باريس سان جيرمان.
قواعد اللعب النظيف المالي، أجبرت إيفرتون على النظر في انتقالات غير مكلفة في نوافذ الانتقالات الأخيرة، حيث برز ديميراي جراي الذي تم شراؤه مقابل 1.7 مليون جنيه إسترليني من باير ليفركوزن، لكن المشاكل القديمة بقيت مؤثرة، وخلص محللو البيانات، إلى أن إيفرتون دفع ما يقرب من ثلاثة أضعاف القيمة السوقية لناثان باترسون، فاستقدمه من رينجرز مقابل 12 مليون جنيه إسترليني في كانون الثاني (يناير) الماضي.
القضايا المتعلقة بالانتقالات التي أشار إليها موشيري في بيانه، طويلة الأمد وبعيدة المدى، وهي تمتد خلال فترة تم فيها الاستعانة بثمانية مدربين، لكن الهيكل التنظيمي ظل كما هو، وتم إنفاقت أكثر من نصف مليار جنيه.
المالك كان محقا في تحمل المسؤولية ومراجعة عملياته، لكن معالجة الخلل تحتاج لوقت طويل، ومما لا شك فيه أن المدرب فرانك لامبارد والمدير الجديد لكرة القدم في إيفرتون، كيفن ثيلويل، سيكون لهما دور فعال في تقديم التحسينات، لكن ما هو مطلوب حقا لضمان التقدم على المدى الطويل، هو تغيير الثقافة والممارسة، وربما النظرة والتوقعات أيضًا.