اتهامات باستخدام المال السياسي تحت قبة البرلمان.. يثير التساؤلات

مشاجرة في شرفة مجلس النواب بعد اعلان فوز عاطف الطراونة -(تصوير امجد الطويل)
مشاجرة في شرفة مجلس النواب بعد اعلان فوز عاطف الطراونة -(تصوير امجد الطويل)

جهاد المنسي

عمان- الصخب والمشاحنات التي تلت إعلان نتائج انتخابات رئاسة مجلس النواب اول من امس الاحد، واطلاق نائبين علنا اتهامات بأن شائبة “مال سياسي” شاب تشكيل كتل نيابية ودخل على خط الانتخابات ذاتها، أعاد خلط أوراق كثيرة، وأثار جدلا واسعا، كان محصورا سابقا بين جدران “غرف مغلقة”، حول لجوء “مفترض” للمال السياسي، في كواليس الانتخابات وتشكيل الكتل النيابية، بحسب اتهامات “غير موثقة”.
وشهدت جلسة انتخابات المكتب الدائم لمجلس النواب مشاحنات، وإطلاق اتهامات، سواء تحت القبة بصورة محدودة، أو من على شرفات النظارة، بعيد إعلان النتائج، كان أبرزها ما أطلقه النائب مفلح الرحيمي من اتهامات صراحة، والنائب فواز الزعبي، بصورة مبطنة، حول “رائحة مال سياسي” مفترض، ساهم في تشكيل كتل نيابية، ودخل على خط الانتخابات.
وعبر نواب أمس عن قلق بالغ مما اعتبروه “صورة سلبية” تركتها جلسة الانتخابات واتهامات “المال السياسي” على صورة المجلس، و”زج المؤسسة التشريعية في أتون كلام واتهامات تثير الرأي العام”.
ويجد المتابع أن الحديث عن وجود “مال سياسي” بات اكبر، من اعتباره كلاما عابرا، لا يستحق التوقف عنده، إذ أن ألسنة النواب، في غرفهم المغلقة “تلوك” هذا الكلام، وتتحدث فيه، وتفصل في طرق تنفيذه المفترضة، وهو قد يجد طريقه للحديث العلني في “سورات الغضب” لنواب، كما حصل مع النائب الرحيمي علنا في ثورة غضبه، بعد إخفاقه بانتخابات رئاسة المجلس.
في حديث مغلق، حول وجود الظاهرة، قال احد النواب ان الظاهرة، “قد تكون موجودة، ولكن بحد قليل جدا، ولا يتعدى عدد المستفيدين منها اصابع اليد الواحدة، وإن عملية التعميم على الجميع أمر غير صحيح”.
في المقابل، قال نائب، فضل عدم الكشف عن اسمه، امام جمهور من النواب والصحفيين: “يا عيب.. اللي بصير في المجلس كبير، وغير مسبوق، وخاصة ما يقال عن حصول نواب على مبالغ مالية، جراء دخولهم في كتل نيابية”، فيما ادعت احدى السيدات البرلمانيات، بشكل صريح، أن أحدهم عرض عليها مبلغا ماليا، مقابل الدخول معه في كتلته.

اضافة اعلان

[email protected]


ما قاله الرحيمي تحت القبة، وما قيل في الشرفات، كان وقعه كبيرا، وأثار حفيظة وامتعاض نواب كثر، خاصة أنه خرج من زميل لهم تحت القبة، واشر لوجود حالة، كان الرأي العام يشير اليها، دون امتلاك دلائل ملموسة، او تصريحات نيابية تؤكدها، بل كان يعتمد على تكهنات، وتسريبات غير مؤكدة أو موثقة، الى ان وجد ضالته بالكلام الذي قيل تحت القبة.
في الغرف المغلقة للنواب، قيل الكثير حول ما يجري في الانتخابات الداخلية للنواب، وآليات تشكيل كتل نيابية، ونسج نواب، قصصا كثيرة حولها، وكانت كلها كلاما كثيرا، دون وجود أدلة.
النائب عدنان السواعير قال، عند سؤاله عن هذه القضية، ان “الكلام عن وجود مال سياسي يقال في ردهات المجلس، والغرف المغلقة”، ولكنه يستدرك بالقول “أسمع هذا الكلام، عن وجود مال سياسي في تشكيل كتل نيابية.. ولكن لم ألمسه بشكل أكيد”، ويزيد “يقال كثيرا عن موضوع المال في تشكيل بعض الكتل”.
ما ذهب إليه السواعير، هو لسان حال نواب عديدين، عندما تسألهم عن وجود الظاهرة من عدمه، أحدهم علق على السؤال مبتسما، ابتسامة عريضة: “هل رأيت بعينك؟”.
أينما جلست مع النواب، تسمع حديثا متواترا واتهامات بوجود “مال سياسي أسود”، ساهم في تشكيل كتل نيابية، ويستحضر رواة قصصا كثيرة، عن طرق الدفع، ولكن في المقابل، لن تجد نوابا، يقولون صراحة او توثيقا، ان النائب الفلاني استلم مبلغا، او حصل على مبلغ مالي، من هذا الطرف أو ذلك.
الراهن، ان حديث “المال السياسي” انتقل اليوم من الغرف المغلقة الى الفضاء العام، وأثار جدلا في الإعلام والشارع.
في المجمل، الدورة النيابية الجديدة، في بدايتها بعد، وفي مقدور المكتب الدائم، المنتخب حديثا، أن يعيد الاعتبار لصورة مجلس النواب، لدى الرأي العام والشارع، وان يزيل أي صورة قاتمة وضع فيها المجلس.
المكتب الدائم الجديد، جاء نتيجة تحالف نيابي عريض، بين 5 كتل، هي كتل (وطن، تمكين، الوسط، التوافق الوطني والاتحاد الوطني) حيث استطاع التحالف ان يوصل كافة مرشحيه للمواقع المختلفة، ابتداء من الرئيس، مرورا بنوابه الاول والثاني والمساعدين، وهذا يعني أن المكتب الدائم “منسجم ويستطيع ان يعمل على اعادة الاعتبار للمجلس” كما يقول نواب.
الملاحظة الاخرى، هي أن هذا التحالف له قوة عددية، تفوق نصف عدد اعضاء المجلس، وبالتالي فانه سيكون مسؤولا بشكل مباشر عن صورة المجلس في الشارع بالمرحلة المقبلة، ووضع حد فاصل، بين ما تريده الحكومة، وما يريده الناس، بما يحقق قفزة ايجابية لصالح مجلس النواب، في تبييض صورته في الشارع، والتي اصابها الكثير من عوامل التعرية، في الفترة الاخيرة، اثر وقوعه في “مطبات عديدة”، كان ابرزها موضوع تقاعد النواب، والامتيازات النيابية، ليأتي حديث و”إشاعات” المال السياسي، ليوسع الفجوة أكثر مع الشارع.
الى ذلك، اظهرت انتخابات رئاسة النواب، قوة الرئيس الحالي للمجلس عاطف الطراونة، الذي استطاع من خلالها الحصول على عدد أصوات، يفوق ما حصل عليه منافسوه الثلاثة (امجد المجالي، مفلح الرحيمي وحديثة الخريشا) مجتمعين من الجولة الاولى، كما ان انتخابات النائب الأول، التي جرت فيها معركة انتخابية حقيقية، بين النائبين احمد الصفدي وعدنان السواعير، أفرزت في نهاية المطاف المرشح، الذي دعمه التحالف المذكور ايضا، رغم ان كتلة المرشح الفائز الصفدي (الإصلاح) كانت خارج الائتلاف، فيما نجح النائب سليمان الزبن (الوسط الإسلامي) لموقع النائب الثاني للرئيس، والنائبان نجاح العزة ومحمد الردايدة (الاتحاد الوطني) مساعدين.