"احتجاجات العطش" تجتاح أحياء عديدة بالزرقاء

سكان حي الزرقاء يحتجون على انقطاع المياه عن منازلهم-(أرشيفية)
سكان حي الزرقاء يحتجون على انقطاع المياه عن منازلهم-(أرشيفية)

حسان التميمي

الزرقاء - دخلت مدينة الزرقاء ثالث مدن المملكة من حيث عدد السكان على خط "احتجاجات العطش" الذي يجتاح مدن ومناطق عدة بالمملكة، بقيام سكان العديد من احيائها بقطع الطرق وإغلاق الشوارع بالإطارات المشتعلة وحاويات القمامة والصخور.اضافة اعلان
سكان عانوا الأمرّين بحثا عن "شربة ماء" قابله "تجاهل" من جانب الجهات المعنية، كما يقول المحتجون كان كفيلا بإشعال الاحتجاجات التي بدأت تتوسع لتشمل مناطق جديدة، وفق مراقبين، حيث شهدت المدينة خلال اليومين الماضيين 4 احتجاجات "مائية" في أحياء رمزي والحسين والنزهة، فيما عاد سكان "النزهة" لإغلاق الطريق الرئيسي مجددا أمس.
شرارة الاحتجاجات اشتعلت العام الماضي حين شهدت المدينة اسوأ ازمة مياه في تاريخها ما دفع مئات المواطنين إلى التجمهر امام مبنى مديرية المياه متهمين، وفق تصريحات لمحافظ الزرقاء آنذاك سعد المناصير، مدير التشغيل ومراقبي التشغيل بـ"التلاعب" في المحابس إضافة عدم توخي العدالة في التوزيع.
بيد أن الاحتجاجات وإن توسعت آنذاك فإنها لم تأخذ شكل إغلاق طرق وإحراق إطارات كما هو حاصل الآن، وفق مراقبين.
وليل أول من أمس قطع محتجون من سكان حي النزهة في الزرقاء طريقا رئيسيا بالمنطقة بحاويات القمامة والاطارات المشتعلة احتجاجا على عدم وصول المياه إلى منازلهم منذ شهور.
واشار المعتصمون الى أن السكان يواجهون شحا في المياه وان الجزء الاكبر من رواتبهم تذهب لشراء المياه من قبل اصحاب صهاريج المياه.
وبينوا إن سكان الحي يعانون من انقطاع المياه باستمرار، حيث إن المياه لم تصل منذ أشهر الى الحي وفي حال وصولها تصل بشكل ضعيف لا تستطيع تعبئة الخزانات .
وقالوا ان المشكلة الاخرى التي يواجهونها هي "استغلال أصحاب الصهاريج" لأزمة انقطاع المياه في رفع أسعار حمولة الصهريج من المياه إلى 5 دنانير للمتر الواحد ، لافتا إلى ان المياه أصبحت سلعة نادرة لا يمكن الحصول عليها إلا بـ"واسطة .
ولاحقا وعلى مدى يومين متتالين انتفض المئات من سكان حي رمزي في الزرقاء، احتجاجا على انقطاع المياه عن مئات المنازل في الحي، لعدة أسابيع، ما فاقم من معاناة هؤلاء السكان، وتركهم فريسة لجشع عدد من أصحاب صهاريج المياه الخاصة. 
ونفذ سكان من الحي مساء أول من أمس اعتصاما في الشارع الرئيسي للحي، للمطالبة بتأمين الحي بالمياه، وحل المشكلة المتفاقمة جراء انقطاعها لأسابيع. فيما نفذ عدد آخر من سكان الحي أيضا أول من أمس اعتصاما احتجاجيا ضد انقطاع المياه، ولجأ بعض الشبان الغاضبين إلى حرق إطارات كاوتشوك وإغلاق الشارع لفترة قبل إعادة فتحه.
ويحذر الخبير التربوي قاسم محمد من تصاعد "احتجاجات المياه" في المحافظة وتأثيرها على الأمن الاجتماعي، قائلا إن العقلية التي أدارت بها الإدارات الحكومية شكاوى الأهالي عن نقص مياه الشرب بل وندرتها في كثير من الأحيان تحتاج إلى مراجعة جذرية، لأن المشكلات تزداد والحلول بسيطة أو جزئية.
وقال إن الملفات الحيوية ولاسيما "المياه" تستدعي إدارة قادرة على التعامل بجدية مع احتياجات المواطنين، وتتابع  عن كثب الحالة العامة لعملية التوزيع وتتابع شكاوى المواطنين بكل حرص، وتبني استراتيجية جدية للطلب المتزايد على المياه.
وحذر قاسم من لجوء المواطنين العطشى إلى طرق غير قانونية للحصول على شربة ماء، من الخطوط الرئيسية أو من خلال وصلات غير شرعية على آبار المياه،  سندخل حينها في جهود وتكاليف لا تنتهي للسيطرة على سرقة المياه والتعدي على ممتلكات الدولة.وكان مصدر في إدارة مياه الزرقاء كشف العام الماضي لـ"الغد" عن وجود تلاعب بنتائج فحص عينات مياه أربع آبار بمنطقة عوجان أدى إلى وقف الضخ منها ما تسبب بنقص التزويد المائي لأشهر عديدة إلى مختلف مناطق وأحياء المدينة ولواء الرصيفة.
واعتبر المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه، في شكوى تقدم بها إلى هيئة مكافحة الفساد ، وحصلت "الغد" على نسخة منها أن هناك "تلاعبا مقصودا" بنتائج عينات مياه الآبار المعروفة باسم (21.22.23.24)، والتابعة لسلطة المياه، لمصلحة إحدى الشركات الخاصة بتحلية المياه.
واتهم المصدر، موظفين من وزارة المياه بالسعي لوقف ضخ المياه من الآبار التي تضخ بمعدل 400 متر مكعب في الساعة بحجة تلوثها، تمهيدا لإحالة عطاء لتحلية مياه هذه الآبار على شركة خاصة.
وأضاف، أنه تم وقف الضخ من الآبار الأربع مرات عدة بحجة تلوثها على ضوء نتائج الفحوصات التي أجريت في مختبرات وزارة الصحة، مشيرا إلى وجود 4 آبار أخرى مجاورة مملوكة لمواطنين لم يتم وقف الضخ منها.
وتساءل المصدر، كيف تكون نتائج فحص عينات مياه الآبار الخاصة صحيحة وسليمة، وآبار السلطة ملوثة رغم أن الآبار الثماني على حوض مائي واحد والمسافة بينها من 500 - 1000 متر، موضحا أن الآبار الخاصة أقرب إلى سيل الزرقاء وهي أشد عرضة للتلوث.
وطالب المصدر، بفتح تحقيق فوري للتأكد من صحة نتائج فحص عينات المياه في مختبرات الجمعية العلمية الملكية وبإشراف هيئة مكافحة الفساد، لافتا إلى أن ملاك الآبار الخاصة استغلوا وقف الضخ من آبار السلطة لبيع المياه بأسعار مرتفعة.
وأضاف إن توقف الضخ منذ عام حرم المواطنين من ملايين الأمتار من مياه الشرب، لافتا إلى أن هذه الكمية تكفي لتغطية مناطق عوجان وياجوز وجزء من منطقة الرصيفة.
مشيرا إلى أن من أسباب شح المياه في الزرقاء العام الماضي تعطل البئر المعروفة باسم ( 14 أ)، والتي تضخ بمعدل 220 مترا مكعبا بالساعة ما حرم المواطنين من ثمانمائة ألف متر مكعب من مياه الشرب، لافتا إلى ان هذه الكمية تكفي لتغطية العجز الحاصل خلال اشهر الصيف.
وكان المصدر كشف  لـ "للغد" أن أزمة المياه التي عصفت بمواطني مدينة الزرقاء طوال العام الماضي كانت بسبب إغلاق بئر ماء رئيسي بمنطقة البتراوي، حين منحت بلدية الزرقاء رخصة بناء مخازن تجارية على ارض محاذية للبئر ، ما تسبب بإغلاق مدخله والحيلولة دون ضخ المياه منه إلى مناطق وأحياء المدينة.

[email protected]