احتجاج الأغلبية الصامتة: الشباب العربي يتظاهر ضد الشرطة

آلاف من فلسطينيي 48 يتظاهرون ضد العنف والجريمة وتراخي الشرطة الإسرائيلية.-(وكالات)
آلاف من فلسطينيي 48 يتظاهرون ضد العنف والجريمة وتراخي الشرطة الإسرائيلية.-(وكالات)
هآرتس جاكي خوري 7/3/2021 في ظهيرة يوم الجمعة وقف أحد سكان أم الفحم مع ابنه ابن الخامسة في الميدان الرئيسي في مدخل القرية. الطفل حمل لافتة صغيرة كتب عليها باللون الأحمر والأسود "الدم العربي ليس مشاع". "أنا أعيش قرب الميدان وقد اعتقدت أنه من الصحيح أن آتي مع ابني"، قال الأب. هو لم يذهب الى منتخبي الجمهور السياسيين الذين وصلوا من اجل المشاركة في المظاهرة الحاشدة التي جرت في المكان. وبدلا من ذلك هو ببساطة وقف هناك نحو نصف ساعة وعاد الى البيت. الكثير من المشاركين في المظاهرة كانوا يشبهون هذا الأب، أمهات وآباء مع أولادهم، سكان المدينة غير المشاركين في السياسة، والذين جاءوا للاحتجاج والمطالبة بالحقوق الأساسية جدا، منها الأمن الشخصي واجواء اجتماعية هادئة بدون خوف أو وجل. هم لم يحظوا بالاهتمام الكبير، حتى ميكروفون لم يوضع لهم. هم لا يظهرون هامين بشكل خاص، لا يوجد بينهم أي أحد مرشح للكنيست أو لأي وظيفة عامة معينة. الكثيرون منهم كانوا هادئين جدا بالنسبة لمظاهرة كهذه. لكن هؤلاء أشخاص يمثلون الاغلبية الصامتة والنازفة في المجتمع العربي. المظاهرة التي جرت في ظهيرة يوم الجمعة كانت في اساسها شيء كهذا. شعبية. لا يستطيع أي حزب القول بأن هؤلاء هم قاعدته. لأنهم جميعا كانوا هناك، شباب وبالغون، عائلات وأشخاص أفراد، متدينون وعلمانيون، نساء محجبات الى جانب فتيات علمانيات، اعضاء في أحزاب وأشخاص غير سياسيين بشكل واضح. كان هناك ايضا يهود جاءوا للتعبير عن التضامن والدعم. كان يبدو أن أم الفحم بالنسبة لهم لم تعد مخيفة أو تثير الشك، بالعكس. ايضا في اوساط الجمهور اليهودي بدأوا يدركون أن المطالبة بالامن الشخصي هي حق اساسي، يجدر من اجله قطع محور حركة رئيسي مثل شارع 65 دون أن يضعضع هذا الأمر استقرار كل الدولة. كانت هذه المظاهرة الأكبر التي عرفها المجتمع العربي في السنة الأخيرة. صحيح أن الامر يتعلق بسنة كورونا مليئة بالقيود، لكن في الفترة الأخيرة كان يبدو أن معطيات الإصابة تحولت إلى أمر هامشي ازاء المهمة الكبيرة وهي المطالبة من شرطة إسرائيل العمل ضد الجريمة، وليس فقط ببناء مركز آخر للشرطة. عدد من المتظاهرين طلبوا إزالة تواجد الشرطة في المدينة، لكن فعليا يبدو أن السكان لن يعارضوا اقتحام منشأة أو بيت يتم تخبئة سلاح فيهما، ولن يعارضوا اعتقال أي شخص من منظمات الجريمة المنظمة، سواء كان كبيرا أو صغيرا. في المظاهرة رفع أيضا عدد من الأعلام الفلسطينية. الشباب الذين رفعوا هذه الأعلام قالوا إنه لا يوجد أي تناقض. العلم، قالوا، هو طريقة للتعبير عن هويتهم. ولكن المطالبة التي اثارتها هذه المظاهرة هي مطالبة مدنية. اشارة تحذير الاحتجاج تم توجيهه في الأساس إلى الشرطة، لكن فعليا هذه المظاهرة تحدت ايضا الأحزاب العربية ولجنة المتابعة لدى الجمهور العربي. لا يوجد أحد محصن من الانتقاد. الحادث الذي وقع مع عضو الكنيست منصور عباس لم يكن الحادث الأبرز في الاحتجاج، رغم أنه تم ابرازه في عناوين وسائل الاعلام. هذا الحدث يدلل بدون شك على الاستقطاب والتوتر السائد بين الأحزاب عشية الانتخابات. وقد تحول إلى اشارة تحذير للسياسيين لأن الوضع يمكن أن يتدهور إذا لم يستيقظوا. في عدد غير قليل من القرى العربية حدثت احداث عنيفة وجريمة في السنة الأخيرة. في بعضها جرت ايضا اعتصامات ومظاهرات. في بداية الشهر الماضي تظاهر جمهور واسع في طمرة بعد قتل طالب التمريض احمد حجازي، الذي تصادف وجوده في مكان حدث فيه اطلاق نار بين رجال شرطة ومسلحين. جنازته تحولت إلى حدث احتجاجي بمشاركة بضعة آلاف من الأشخاص، احتجاج خفت في نهاية المطاف. في أم الفحم الصورة تبدو مختلفة. المظاهرة في يوم الجمعة كانت تمثل الأسبوع الثامن على التوالي من الاحتجاج الحالي. في يوم الجمعة الماضي خرج مئات الأشخاص الى الساحة التي توجد أمام البلدية في المدينة. في الشرطة قرروا في حينه وقف الاحتجاج بالقوة بدلا من السماح له بالانتهاء بالتدريج. وشاهدوا في هذا الأسبوع بضع آلاف من المتظاهرين. حتى الآن من غير الواضح كيف سيتطور الاحتجاج في الأسابيع القادمة. في حركة الشباب "الحراك الشبابي"، التي تقود الاحتجاج، يعدون بالاستمرار والتظاهر في كل أسبوع وزيادة شدة الرسالة ضد سلوك الشرطة. نفس هؤلاء الشباب ورؤساء القيادات المحلية لا يريدون فقدان الزخم وتعاطف الجمهور الذي كسبوه. هذا هو الوقت الذي فيه مطلوب من قادة الجمهور العربي ومن قادة الدولة بشكل عام الاصغاء وادراك عمق الازمة، واحتواء الغضب وعدم تأجيجه، والتذكر بأن المواطن العربي هو مواطن وأن من حقه العيش بهدوء وأمن.اضافة اعلان