احتفال فاتر بسلام "بارد" بين الأردن وإسرائيل بالذكرى العشرين لـ"وادي عربة"

عمان –الغد- دخلت معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية عامها العشرين، وذلك على وقع علاقات "باردة"، لأسباب تتعلق باستمرار الممارسات الإسرائيلية المجحفة بحق الفلسطينيين، كما يقول رسميون.اضافة اعلان
استمرار الانتهاكات الاسرائيلية بحق الفلسطينيين، تحرج الموقف الرسمي الأردني، الذي يُعبر باستمرار عن موقفه الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، بالحياة والكرامة، وإعلان الدولة المستقلة.
من جهة الاتفاقية، فعشرون عاما على توقيع المعاهدة لم تكفل للسلام أن يُقنع جانبي الضفة، فلا إسرائيل التزمت بكل المواثيق، ولا الأردنيون استطاعوا "بلع" سكينة السلام، مع "عدو"، كما يقول سياسيون.
وبرأي المراقبين، فإن السلام ليس بإبرام الاتفاقيات، بل هو حالة من التعايش، تنشأ وتستمر على أساس الاعتراف بشرعية حقوق الجانبين.
وبالنسبة للمملكة، فقد كانت مفاوضات السلام الأردنية الإسرائيلية، طوق النجاة، حررها من محيط العزلة الدولية، والحصار، اللذين فُرضا على الأردن، بعد موقفه الرافض دخول التحالف الدولي ضد العراق العام 1990.
صادر البدائل، والخيارات الأردنية في تلك الفترة، قيام الجانب الفلسطيني بإعلان أحادي، عن توقيعه اتفاقية "أوسلو" في أيلول (ستمبر) العام 1993، والتي أعادت منظمة التحرير الفلسطينية للداخل، ومكنت من اعلان قيام السلطة بموجبها، الأمر الذي أضعف موقف الأردن، في مفاوضات السلام.
ويذهب شهود سياسيون، راقبوا إرهاصات مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية، مطلع تسعينيات القرن الماضي، إلى ربط النتائج بمشهد العلاقات السلبي بين الجانبين، وذلك لاعتبارات تتعلق بالانحياز الدولي لإسرائيل، وضعف الجبهة العربية، بعد ضرب العراق ومصادرة قوته.
أردنيا، جاء مؤتمر مدريد للسلام، الذي حضر ومهد لمفاوضات وادي عربة، التي أنتجت معاهدة السلام، على وقع تغيير حكومي في الأردن، فغادر رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران، الذي كان متشددا بموقفه، ضد المفاوضات مع إسرائيل، وجاءت حكومة طاهر المصري، التي ذهبت، حماية للمصالح الاردنية، نحو مدريد، لكن بشروط متشددة، صيغت على شكل قرار تاريخي، لمجلس الوزراء، نشرت "الغد" تفاصيله الكاملة، في احدى حلقات "سياسي يتذكر" مع المصري قبل اشهر.
تابع الأردن مفاوضات السلام، وكان قد التزم بوحدة المسارات العربية خلال جولاتها، وقد نسق مواقفه مع الأطراف العربية، سورية ولبنان، والجانب الفلسطيني، الذي تم تمثيله بالوفد الأردني، حيث رفضت الولايات المتحدة حضوره كوفد مستقل.
تسارع الأحداث ضيع التنسيق العربي، فكان للفلسطينيين فصل مع اتفاقية أوسلو في أيلول (سبتمبر) العام 1993، أضر بوحدة الموقف الأردني الفلسطيني، وأغضب السوريين.
بعد أقل من عام من "اوسلو"، وقع الأردن معاهدة السلام مع إسرائيل في 26 تشرين الأول "اكتوبر" 1994، وصوت عليها مجلس النواب بأغلبية 55 صوتا، وحضور 79 نائبا، وغياب نائب واحد.
معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية دشنت فصلا جديدا، من فصول العلاقات بين الجانبين، بعد حرب استمرت منذ العام 1948، وبدأت مرحلة الضغط على إسرائيل للوفاء بالتزامات الاتفاقية.
على المستوى الرسمي، لم تكن اتفاقية وادي عربة أبعد من فرصة، لوقف حالة إعلان الحرب على الحدود، والتجاوب مع معاناة الفلسطينيين في الداخل، ومحاولة لتقليل الأعباء اليومية عنهم، خصوصا مع تأرجح آمال التسوية النهائية في الملفات العالقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتسويف المجتمع الدولي في دعم فرص السلام الحقيقي.
كما اكدت الحكومة عند توقيع الاتفاقية أنها دفنت بذلك اوهام الوطن البديل، بعد ان اضطرت اسرائيل للاعتراف بالحدود الاردنية رسميا، بل وأعادت اراضي الباقورة المحتلة.
على المستوى الشعبي، لم تغير معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، من الواقع في شيء، فكل حملات مقاومة تطبيع العلاقات مع إسرائيل لقيت صدى وتجاوبا واسعين، وتكاد تكون السفارة الإسرائيلية في عمان، قبلة المحتجين، كلما زاد الاحتلال الإسرائيلي من ممارساته الوحشية ضد الفلسطينيين.
وقد ظلت الاحتجاجات قائمة خلال الحروب، التي خاضها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، ومطلع الألفية الجديدة، وانطلاق الانتفاضة الفلسطينيية الثانية العام 2000، ومواصلة الحرب على غزة من خلال ثلاث عمليات عسكرية عدوانية، في غضون الأعوام الستة الماضية، ما اسفر عن استشهاد الآلاف وجرح عشرات الآلاف، وتدمير البنى التحتية.
وتعد الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، سببا مهما لاستمرار فتور العلاقات الأردنية الإسرائيلية، خصوصا وأن الوصاية الهاشمية على المقدسات، تم النص عليها في بنود اتفاقية وادي عربة.
وفيما يجد مراقبون بأن اتفاقية السلام ستظل مفرغة من مضامينها، ما دام السلام العادل والشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين بلا أفق، فإنهم يقرون بأن الحرج الكبير للجانب الرسمي الأردني، يتمثل في تأخر إعلان قيام الدولة الفلسطينية، كاملة السيادة والكرامة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس، بسبب مماطلة الإسرائيليين بدفع استحقاقات السلام الكبير.