احتفال وقلق

هآرتس

بقلم: أسرة التحرير

اضافة اعلان

تحتفل اسرائيل هذا المساء بيوم استقلالها الـ 72. وهي ستفعل ذلك تحت قيود وباء الكورونا: كل في بيته، كل عائلة لنفسها، دون امكانية التجمع معا والاتحاد في جمهور. احساس الانغلاق والحشر الذي سيرافق هذا اليوم سيرمز بقدر كبير لوضع الدولة، التي تبدو الآن كمنهارة في داخل نفسها تحت حكم يشكك بالديمقراطية ويستعد للضم. سيترافق واحتفال اضاءة المشاعل كالمعتاد هذر موحد ومفعم بالامل، ولكن محظور أن تخفي الزينة التغييرات العميقة التي تجري هنا ومن شأنها أن تؤدي بنا الى حافة الهاوية. تحت غطاء شعارات فارغة مثل "ارادة الشعب"، يقود رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ثورة غايتها سحق حكم القانون، التخلي عن حماة الحمى وتخريب التوازنات والكوابح التي في اساس البنية التحتية الديمقراطية في اسرائيل.
علائم الدمار تنتشر على طول وعرض الديمقراطية الاسرائيلية. في رأس الهرم يقف متهم بالجنائي يتمسك بكرسيه ويجر دولة كاملة نحو مطارح سفلى. ولتبرير استمرار امساكه الخبيث برقبة الدولة يضع "موالين" في مفترقات استراتيجية، كل مهمتهم هي الحرص على بقائه – حتى بثمن دمار حكم القانون. مثال حديث العهد على "طريقة الموالين" لنتنياهو هو القائم بأعمال النائب العام للدولة، دان الداد. فقد عين الاخير وزير العدل امير اوحنا ليس لانه مناسب للمنصب - بل بالذات لانه غير مناسب. هكذا اصبح الداد "أسير امتنان" تجاه المسؤول الذين عينه اوحنا، وبشكل غير مباشر ايضا لمرسله نتنياهو. وهو الان ملتزم بالمشروع الاعلى: المس المباشر بالمستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت – الرجل الذي تجرأ على رفع لائحة اتهام ضد جلالته نتنياهو.
وهذه فقط قطعة واحدة يجمعها نتنياهو في اللوحة الفسيفسائية السامة التي انضم اليها منذ وقت غير بعيد "البديل" بيني غانتس. توجد قطع اخرى في اللوحة: رئيس كنيست يستخف بالمحكمة، ويخرب على عمل الكنيست بدوافع سياسية؛ اتفاق ائتلافي يسخر بالسلطة التشريعية، ويبطل قوة المعارضة في لجنة انتخاب القضاة وفي لجان الكنيست؛ تهديد دائم بتشريع فقرة التغلب التي تضعف المحكمة، وتمنح كامل القوة لحكومة اغلبية تعسفية تسمى "ارادة الشعب".
كل هذا الدمار يأتي لتحقيق هدفين عاليين: انقاذ نتنياهو من الورطة القضائية التي تهدد حكمه، وكذا تهيئة التربة لضم المناطق والاعلان الرسمي عن موت حل الدولتين. ان الفساد السلطوي والفساد السياسي يسيران إذن يدا بيد، يغطيان الواحد على الآخر ويسمحان الواحد للآخر. لا الاستقلال هو ما يمثلانه، بل الوصفة للقضاء على اسرائيل كدولة ديمقراطية.