ادفعوا لهن أجورهن

أعلنت منظمة أوكسفام وهي منظمة دولية تعنى بمحاربة الفقر وعدم المساواة أن حوالي ألفي ملياردير يملكون 60 % من ثروة العالم، ويشير التقرير الذي نشر أول أمس في مؤتمر دافوس في سويسرا إلى أن "ثروة الـ1 % الأكثر ثراءً في العالم" تمثّل أكثر من ضعف مجموع الثروة التي يملكها 6,9 مليار نسمة من الأقلّ ثراءً، أي 92 % من سكان العالم". هذا التقرير ليس جديدًا بل هو ما استقرت عليه خريطةُ توزيع الثروة عالمياً منذ عقود خلت. الوضع في الأردن لا يختلف كثيراً عن ذلك، حيث أعلن منتدى الاستراتيجيات الأردني في دراسة له نشرتها العام الفائت وسائل إعلام محلية، أن فارق الدخل في الأردن مستمر خلال الـ20 عاماً الماضية، وأنه على سبيل المثال في العام 2016 شكل دخل أغنى 10 % من الأردنيين ما نسبته 47.5 % من الدخل القومي الإجمالي، فيما حصل أفقر 50 % من الأردنيين على 17.2 % من الدخل القومي الإجمالي. مع التأكيد على انه يجب التفريق بين الدخل والثروة ذلك أن صاحب أعلى دخل لا يعني بالضرورة أنه صاحب أكبر ثروة، بل قد يكون صاحب الدخل الأعلى مدينا، ومع ذلك فإن هذه الأرقام تشكل مؤشرا حقيقيا على وجود خلل في توزيع الثروة ايضاً. اللافت ما جاء به التقرير حول الفجوة في الثروة بين النساء والرجال، حيث بين التقرير أن 22 مليارديرا في العالم يملكون ثروةً تفوق ما تملكه جميع النساء اللاتي يعشن في القارة الأفريقية، أما الرقم الذي استوقفني كثيراً فهو أن "النساء والفتيات قدمن 12.5 مليار ساعة من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر لأُسرهن وعائلاتهن، وبما يشكل إضافة إلى الاقتصاد تبلغ 11 تريليون دولار على الأقل". وهذا الرقم يمثل أجورا مستحقة غير مدفوعة للنساء وفيه إمعان في إغفال القيمة الاقتصادية لعمل النساء في المنزل وفي أعمال العائلة، وبعدها ينظر إليهن المجتمع باعتبارهن غير منتجات، وبما يترتب على ذلك من تدني تصنيف دورهن اجتماعيًا واقتصاديًا الأمر الذي ساهم في إلحاق كثير من الاضطهاد بهن. هذا الرقم يجب أن يحسب لهن كدخل، وعلى الدول أن تقبل مساهمتهن باعتبارها راتبا مقبولا لغايات التقاعد، كما يجب أن يحسب لهن في حال الطلاق التعسفي كأساس للتعويض عن سنوات من خدمة العائلة دون مقابل. أمام هذا التقرير الصادم، نسأل أين يذهب كل الكلام وكل الندوات العالمية والمحلية حول حق التساوي في الفرص والأجور بين الرجال والنساء في ظروف العمل المتساوية، ألم يحن الوقت لترسيخ مبدأ تعويض المرأة ومساندتها بدل دورها كأُم ومربية وعاملة من المنزل، وقبل أن يستنكر أحد هذا المطلب أحب أن أقول لكم إنه وحسب بعض مدارس الفقه الإسلامي فإن المرأة تؤجر بدل إرضاعها لابنها. حان الوقت لتقدير عمل المرأة اقتصاديا، وحان الوقت لأن ينعكس هذا على تقديرها وتقييم دورها في المجتمع، وحان الوقت أيضا لتقنين هذا الحق بحيث يحفظ لها في تقاعدها، أو في حالة طلاقها تعسفيا، ادفعوا لهن أجورهن هو اقرب للتقوى وأقرب لتحقيق توازن اجتماعي وتكافؤ حقيقي للفرص، فاهم علي جنابك!؟اضافة اعلان