اذا صارت!

اوساط السياسة والعشائر والقوى الاجتماعية بدأت تستعد بشكل متصاعد للانتخابات النيابية التي يجب ان تجري في موعدها الدستوري، في حزيران القادم، بعد ان ينهي المجلس الحالي كامل سنواته الاربع. ويوما بعد يوم، تزداد التفاصيل بشأن الاسماء الراغبة والقادرة، وهذا الامر يتجدد مع كل عملية انتخابية.

اضافة اعلان

لكن سؤالا يرافق بعض الحوارات والنقاشات، ويحتاج الى إجابة حاسمة من اصحاب القرار، وهو "اذا صارت!"؛ اي ان هناك شكوكا بامكانية اجراء الانتخابات في موعدها. وهذه الشكوك محصلة تجارب عديدة، كان فيها موعد اجراء الانتخابات مجهولا وغير محسوم.

ودائما تجد بعض الحكومات مبررا للتخلص من مجلس النواب، إما عبر الحل المبكر، او الحل وتأجيل الانتخابات، كما حدث في العام 2001، عندما تم حل المجلس السابق وبقيت البلاد بلا مجلس نواب طيلة عامين، اي بلا مؤسسة دستورية رئيسة. وايا كان اداء اي مجلس، فان هذا لا يقلل من الضرورة السياسية والدستورية لاستمرار عمل مجلس الامة. فما يجب ان تفعله الحكومة، وما هو حق للمواطن والاحزاب والعشائر والقوى الاجتماعية، ان يتم الغاء مبررات طرح السؤال "اذا صارت!"، وان يكون الجميع على يقين لا يقبل التشكيك بان الانتخابات ستجري في موعدها الدستوري.

قد يقول قائل ان الموعد معروف، وهذا صحيح، لكن تعود الناس على التغيير والتمديد والتأجيل يجعل من حق الناس ان يسمعوا من اعلى مستويات صناعة القرار تأكيدا، بل اعلانا بان الانتخابات ستجري في شهر حزيران او ايار او تموز؛ فالمهم ان لا ينقطع مسار المؤسسة الديمقراطية الام.

ومن حق كل راغب في الترشح، من الافراد والاحزاب او العائلات او العشائر، ان يأخذ وقتا كاملا في الاستعداد، فلا يفصلنا عن حزيران سوى 9 اشهر فقط، تحتاج الحكومة فيها الى استعدادات ادارية واجرائية وسياسية، كما يحتاج الناس الى اكثر منها لترتيب الاوراق. ولهذا، لا يجوز للحكومة ان تمارس ذكاء على الناس، فيفترضون ان الامور في موعدها بينما لا يمكن حتى للحكومة ان تؤكد الموعد! وليس فضلا او كرما من الحكومة ان تؤكد الموعد، وتزيل الشكوك التي تأتي دائما من المترددين من اصحاب القرار والنخب التي تفضل "لبس الفروة في عمان اذا امطرت حولنا"، فلا منطق لمن يدفعون باتجاة التأجيل بحجة الظروف الاقليمية، ذلك أن من فقدوا السيادة والاستقرار والامن اجروا انتخابات في فلسطين والعراق، وقبل ذلك لبنان التي جرت فيها انتخابات بعد اغتيال الحريري، فكيف بنا ونحن نفتخر بأمننا واستقرارنا وثبات الدولة؟!

وبكل صراحة، فاننا لم نعد ننتظر اي تغيير او تعديل جذري على قانون الانتخاب؛ فالقانون هو الذي يتأثر بغياب الحل النهائي الحقيقي للقضية الفلسطينية، او حتى باحداث جرت حولنا، ومفهوم ان يتم ترحيل هذا الملف، إذ وراء هذا منطق حتى وان لم يوافق عليه البعض. لكن ثبات مسار الانتخابات امر لا يجوز العبث به، او اخضاعة لمخاوف او تردد او اجتهادات يكون ثمنها غاليا، واهمه حرمان الاردني من حقه في اختيار ممثليه، وحرمان الدولة من مؤسسة اساسية وركن من اركان النظام السياسي.

مطلوب انهاء الضبابية، وقطع الشك باليقين، وبعث الحرارة في اوصال العملية الانتخابية، عبر التأكيد على ما هو مؤكد، وهو الموعد الدستوري للانتخابات، فلا مبرر للصمت او أنصاف الاجابات. وحتى لو كانت الحكومة لا تملك الاجابة، فإن عليها البحث عنها وتقديمها للناس.

[email protected]