ارتفاع البطالة.. مؤشر خطير

أرقام البطالة للربع الرابع من العام الماضي مقلقة للغاية ولا تبعث على الارتياح، فارتفاعها إلى 19 بالمائة يعني اقتصاديا أن كافة الجهود الرسمية التي بذلتها حكومة الرزاز التي قارب عمرها العامين في قضية التشغيل ما تزال تراوح مكانها، والبرامج التي تم استحداثها في هذا الشأن فشلت في تحقيق أهدافها المرجوة منها، رغم أن الخطاب الإعلامي الحكومي كان متفائلا جدا في مسألة التشغيل الذي لم يخلُ أسبوع إلا بتصريح ناري لمسؤولين خاصة في وزارة العمل من حيث التوظيف.اضافة اعلان
يا للأسف كل تصريحات التشغيل وبياناتها الرسمية اصطدمت بأرقام إحصاءات البطالة التي وهي منذ العام 2009 في ارتفاع مستمر لم يتوقف أبدا، وهذا منطقي في ظل تواضع معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي المتحقق في السنوات العشر الماضية والتي لم يتجاوز في افضل حالته
الـ 2 بالمائة.
تستطيع الحكومة ووزير العمل أن يطلقوا ما يشاؤون من تصاريح صحفية مختلفة بأنهم وفروا 4 آلاف فرصة عمل في هذا القطاع، وهنا 5 آلاف فرصة عمل وهناك 10 آلاف فرصة أخرى وغيرها من التصريحات الإعلامية التي اعتادت الحكومة ووزير العمل تحديدا على إطلاقها من وقت لآخر، لكن الحقيقة أن أرقام البطالة في عهد حكومة الدكتور عمر الرزاز سجلت اعلى معدل لها في تاريخ المملكة، حتى في ظل أزمة الدينار وانهيار الاقتصاد الوطني في العام 1989، حيث لم تتجاوز معدلات البطالة حينها الـ 17 بالمائة.
سياسات التشغيل التي اتبعتها الحكومة وغيرها من الحكومات السابقة فاشلة بامتياز رغم الخطاب الإعلامي الرسمي الذي يصفها بـ "النجاعة"، والمشكلة الحقيقية التي لا ترغب الحكومات جميعها بتصديقها من مخرجات تلك البرامج وآخرها "برنامج وطن"، لاسيما وأن الحكومة توقع اتفاقيات تشغيل مع القطاع الخاص، وترسل الأردنيين للعمل في منشآت للقطاع الخاص وبأعداد كبيرة، لكن النتيجة المؤلمة هي أن غالبية الأردنيين المبتعثين وفق هذه البرامج لا تتجاوز استمراريتهم في العمل اكثر من شهر، والغالبية منهم لا يعودون للعمل رغم توفر الراتب المناسب للمبتدئ مشمولًا بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي إضافة للنقل.
هذه النتيجة المؤلمة ليست وليدة برامج التشغيل لحكومة الرزاز، لكنها استمرارية لذات المخرجات في كل برامج التشغيل التي نفذتها الحكومات المختلفة.
حتى خطط وزارة العمل بإحلال العمالة المحلية بدلا من الوافدة وإغلاق مهن أمام الأخيرة، ناهيك عن رفع تصاريح العمل، كلها إجراءات عقيمة في معالجة مشكلة البطالة التي هي طبعا اكبر من أي برنامج حكومي محدد، فلا رفع قيمة تصاريح العمل أو برامج التشغيل بهذا الشكل التقليدي قادران على اختراق إيجابي في معدلات البطالة ما لم يكن هناك نظرة شمولية للاقتصاد الوطني باتجاه تحفيز قطاعات مختلفة مصحوبا بخريطة طريق واضحة في معالجة مشاكله الروتينية الناجمة عن تعقيدات الجهاز البيروقراطي الرسمي، إضافة لجهود غير عادية في جذب المستثمرين وتبسيط كافة الإجراءات أمام مشاريعهم ودعمهم بالحوافز والتسهيلات القادرة على جذبهم للمملكة.
الاقتصاد الوطني بهيكله الراهن وتحدياته ونموه الضعيف غير قادر على استيعاب الـ156 ألف خريج في العام الواحد، حتى الوضع الاقتصادي الراهن في المنطقة لا يسمح أيضا باستيعاب جزء من الأردنيين في اقتصاديات دول الجوار مثل الخليج العربي والتي تعاني دوله اليوم من تباطؤ شديد في اقتصاداتها نظرا للتراجع الحاد في أسعار النفط العالمية، لذلك فإن مكافحة البطالة ببرامج حكومية على هذا النحو لن يكون له فائدة حتى لو كان رئيس الوزراء الرزاز هو ذاته الذي ترأس يوما اللجنة الوطنية للتشغيل في العام 2011، فالأمر أكبر بكثير من التصريحات والبيانات الصحفية.