ارتفاع معدلات الإنفاق يقلل التراجع الناجم عن "كورونا" في الاقتصادات المتقدمة

واشنطن-الغد- أظهر التحديث الأخير لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي تراجعاً أقل حدة لنمو الاقتصاد العالمي في العام الحالي مقارنة بالتقديرات السابقة الصادرة في حزيران (يونيو) 2020؛ إذ من المتوقع الآن أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي بنسبةاضافة اعلان
4.4 % في العام الحالي؛ أي انكماشا أقل حدة من نسبة 5.2 % المتوقعة في تقرير حزيران (يونيو) 2020.
أما بالنسبة للعام المقبل، فمن المتوقع أن يعاود الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي ارتفاعه مجدداً ليسجل نمواً بنسبة 5.2 %؛ أي أقل بمقدار 20 نقطة أساس مقارنة بالتوقعات السابقة بتسجيله نمواً بنسبة 5.4 %. كما أظهر التقرير رفع توقعات غالبية الدول، وبصفة خاصة مجموعة الاقتصادات المتقدمة، في حين أدى تزايد وقع تداعيات جائحة "كوفيد 19" أكثر مما كان متوقعاً على الاقتصادات الناشئة والنامية إلى انخفاض الناتج بمعدلات أشد حدة نسبياً.
وذكرت شركة "كومكو للاستثمارات"، أن مراجعة توقعات النمو للعام الحالي ورفعها بصفة رئيسية تزايد معدلات النمو أكثر مما كان متوقعاً بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من العام الحالي بشكل رئيسي بالنسبة للاقتصادات المتقدمة؛ حيث بدأ النشاط الاقتصادي يتحسن بسرعة أكبر مما كان متوقعا بعد تخفيف تدابير الإغلاق. ومن المتوقع أيضاً أن تتحسن مستويات الانتعاش الاقتصادي في الربع الثالث من العام الحالي بمعدلات أقوى، وفقاً لصندوق النقد الدولي، ما أسهم في دعم مراجعة التوقعات الخاصة بهذا العام.
وتم تعديل تقديرات الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات المتقدمة ورفعها بمقدار 230 نقطة أساس ليصل بذلك معدل التراجع إلى نسبة 5.8 %، ما يشير إلى أن الجزء الأكبر من التباطؤ في الناتج المحلي الإجمالي العالمي جاء نتيجة للتداعيات العصيبة التي نتجت عن الجائحة في هذه المنطقة مقارنة بالأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، والتي من المتوقع أن تشهد انخفاضاً أقل بكثير في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.3 في المائة في العام الحالي، ما يعد خفضاً للتوقعات مقارنة بمعدل التراجع السابق بنسبة 3.1 % وفقاً للتقرير الصادر في حزيران (يونيو) 2020.
وضمن الاقتصادات الرئيسية، تعد الصين الدولة الوحيدة التي من المتوقع أن تشهد نمواً في العام الحالي بنسبة 1.9 في المائة؛ حيث تم رفع توقعات نمو الاقتصاد الصيني من 1.0 % في حزيران (يونيو) 2020. أما بالنسبة للعام المقبل، فمن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الصيني بنسبة 8.2 % . ومن جهة أخرى، من المتوقع أن تشهد الهند أحد أشد معدلات تراجع الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي، بنسبة -10.3 % بعد أن شهدت توقعاتها انخفاضاً حاداً بمقدار 580 نقطة أساس مقارنة بتوقعات حزيران (يونيو) 2020. وبالنسبة للعام المقبل، من المتوقع أن يعاود الناتج المحلي الإجمالي الهندي انتعاشه مجدداً ليسجل نمواً بنسبة 8.8 % ، فيما يعد إحدى أقوى حالات التعافي على صعيد الاقتصادات العالمية الرئيسية.
كما تم مراجعة توقعات الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ورفعها لتعكس معدل تراجع أقل بلغ 5.0 % مقابل 5.7 % وفقاً لتوقعات حزيران (يونيو) 2020. أما بالنسبة للعام المقبل، فمن المتوقع أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نمواً بنسبة 3.2 %؛ أي بتراجع هامشي مقارنة بنسبة 3.7 % المتوقعة سابقاً.
وعلى الرغم من تحسن معدل النمو خلال الربع الثاني من العام الحالي بمستوى أفضل من المتوقع بصفة عامة، إلا أن صندوق النقد الدولي ذكر أن النشاط الاقتصادي كان متفاوتاً في مختلف أنحاء العالم. ونتج التفاوت في النشاط الاقتصادي بصفة رئيسية على خلفية الاستجابة لتداعيات جائحة "كوفيد 19" وما أعقبها من توقيت رفع تدابير الحظر وإعادة فتح أنشطة الأعمال. وأسهمت إعادة فتح الاقتصاد الصيني أسرع مما كان متوقعا في تعزيز التجارة العالمية، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الصادرات وانتعاش قوي في الطلب الخارجي على المعدات الطبية وغيرها من المعدات الأخرى التي ساعدت على تسهيل العمل عن بعد.
كما ساعدت زيادة الاستثمارات الحكومية على تحسين عملية التعافي في الصين. ثانياً، أدت التحويلات الحكومية ودعم دخل الأسر في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو إلى انكماش أقل حدة. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، بلغت الإجراءات التقديرية المتعلقة بالإيرادات والمصروفات التي أعلنت عنها الاقتصادات المتقدمة أكثر من نسبة 9 % من الناتج المحلي الإجمالي بزيادة إضافية بنسبة 11 % في هيئة تدابير أخرى لدعم السيولة، بما في ذلك شراء الأسهم وشراء الأصول وضمان القروض والتسهيلات الائتمانية.
ومن جهة أخرى، كانت الهند ضمن الدول التي سجلت تعافيا أضعف من المتوقع على خلفية الانخفاض الحاد في الاستهلاك وانهيار الاستثمار. وكان إجمالي الإنفاق من قبل اقتصادات الأسواق الناشئة والدول النامية على نطاق أضيق بكثير مقارنة بالاقتصادات المتقدمة؛ حيث بلغ حوالي نسبة 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي فيما يتعلق بالتدابير التقديرية وأكثر من 2 % بالنسبة لدعم السيولة.
غير أن ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس يلقي بظلال من الشك على وتيرة الانتعاش الاقتصادي في الربع الرابع من العام الحالي، وبعد أن انعكست بشائر التحسن الاقتصادي الذي أعقب رفع تدابير الإغلاق على نمو الربع الثاني من العام الحالي، تحولت المعنويات تجاه الحذر فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي خلال الفترة المتبقية من العام؛ حيث ارتفعت حالات الإصابة المؤكدة بشكل كبير في معظم الاقتصادات، ما أجبر عددا من الدول على إعادة تدابير الإغلاق الجزئي في بعض الحالات أو إعادة فتح الاقتصاد بوتيرة أبطأ. كما يلاحظ تباطؤ قطاع الخدمات بصفة خاصة نتيجة لارتفاع حالات الإصابة بالفيروس، في حين ما يزال نمو النشاط الصناعي قوياً.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، أثر هذا الركود بشكل خاص على قطاع الخدمات، الذي شهد تراجع معدلات النمو بوتيرة أقل مقارنة بقطاع التصنيع خلال فترات الركود السابقة. وتتأثر القطاعات التي تعتمد على التفاعل الشخصي بشدة، بما في ذلك تجارة الجملة والتجزئة والضيافة والفنون والترفيه، ومن دون توفير لقاح، سيكون من العسير انتعاش تلك القطاعات.
وكانت مراجعة توقعات الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدول مجلس التعاون الخليجي سلبية في الغالب لكل من العامين الحالي والمقبل. وباستثناء السعودية، شهدت بقية دول مجلس التعاون الخليجي خفض توقعاتها بمعدلات تراوحت بين -720 نقطة أساس بالنسبة لعُمان للعام الحالي و-10 نقاط أساس لقطر. وبالنسبة للعام المقبل، كانت المراجعات متواضعة، لكنها ركزت مجدداً على دول أخرى غير السعودية.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن تشهد عُمان أعلى معدل انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام الحالي بنسبة 10 في المائة، فيما يعد أشد معدل تراجع يتم تسجيله وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي منذ العام 1980. ومن المتوقع أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصفة عامة انخفاضاً بنسبة 5 % في العام الحالي، ما يعكس تحسن التوقعات بمقدار 70 نقطة أساس، ثم يتبع ذلك نمو بنسبة 3.2 % في العام المقبل.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، على الرغم من انتعاش النمو في العام المقبل، من المتوقع أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط أقل بكثير عند نسبة 3.5 %، وهو أقل عما كان متوقعا خلال أعوام ما قبل الجائحة. ومن المتوقع أن يظهر التباطؤ في كل من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية وكذلك في الاقتصادات المتقدمة، وأن يتباطأ النمو في الاقتصادات المتقدمة ليصل إلى نسبة 1.7 % على المدى المتوسط، في حين أنه في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية سيصل إلى 4.7 %. وستظهر آثار توقف النمو في أسواق العمل إضافة إلى تراكم رأس المال البشري؛ حيث شكل إغلاق المدارس أثناء الوباء تحديًا كبيرًا جديدًا. كما من المتوقع أن تشهد الاقتصادات على المدى المتوسط ارتفاعًا في الديون السيادية إلى جانب انخفاض تحصيل الضرائب حيث من المتوقع أن يتأثر الناتج.