ازمة التعريف

ما زالت "أزمة التعريف" تستحوذ على الحوار السياسي الاردني والعربي حول الاصلاح هدفا, ومنهجية ومرجعية. وتستعمل "أزمة المصطلح", في احيان كثر, غطاءً لأزمة قرار, وضياع فكر حول المطلوب عربيا من خلال ركوب شعار الاصلاح.

اضافة اعلان

الحاجة الى بلورة موقف واضح من الاصلاح اكد عليه حازم صاغية وصحبه في البيان, الرؤية, الذي تنشره الغد اليوم. فقد قدم حازم ورفاقه تعريفا واضحا لا لبس فيه لمفهوم الاصلاح المطلوب, ومرافعه واثقة ضد طروحات بالية تحاول ابقاء مجتمعاتنا اسرى قيم وافكار متخلفة, من خلال تحصنها خلف شعارات حماية الوطن والقيم والهوية.

الاصلاح لا يعني اجراء انتخابات او اصدار قوانين يكون مُصدروها اول من يتجاوزها. الاصلاح موقف واضح ضد الديكتاتورية  السياسية والفكرية والمجتمعية. وهو ايضا تصريح علني بأن تبني الغرب لمفهوم او قيمة او فكرة لا يشكل انتقاصا منها. ففي الغرب مَعين من الميراث الفكري والثقافي والانساني الذي لا يشكل النهل منه اعتداء على موروثنا القيمي والحضاري, الذي فيه فكر مستنير وافكار وقيم تتناقض مع الفكر التنويري الاصلاحي في آن.

ولا بد من الوصول الى موقف وسط يواجه استبداد المحافظين القدامى الذين يرون في التحديث نهاية لاسلوب حياة راكم مكتسباتهم, وبين ليبراليين جدد لا يقلون سطوة وتسلطا في اقصائيتهم وتمترسهم خلف افكار ترى في من لا يتفق معها نقيضا مطلقا لا بد من كسره. فاللعبة بالنسبة لهؤلاء اما كسب او خسارة.

العالم العربي بحاجة الى "فكر ثالث" يؤمن بالديمقراطية هدفا وبالدمقرطة مسيرة, ويكرس الحوار منهجا ويقبل استيراد الفكر المستنير ويفتخر بمثيله في ارثه الحضاري.

وآن اوان الاتفاق على ثابت لا جدال حوله, وهو ان تلبية حق الانسان العربي في حياة كريمة تكفل حقوقه السياسية والاقتصادية والفكرية هو اساس التطوير والتحديث. وكل حديث عن الاصلاح لا يعتمد ذلك هدفا هو حديث فارغ يشكل هروبا من مواجهة استحقاقات المرحلة.

اما صرخة حازم وخالد وسمير وصالح ضد التبسيط ففيها ما يكفي لحسم حوار غير ضروري في كثير من جوانبه حول الاصلاح السياسي وروافده واهدافه. ولعل في تبني هذه الصرخة مرجعيةً للعملية الاصلاحية في البلدان العربية كافة توفيرٌ لوقت وجهد كثيرين يضيعان بلا مبرر.