استثمارات "الضمان" في البنوك

يعد القطاع المصرفي الأردني من أكثر القطاعات الاقتصادية جاذبية بالنسبة للمستثمرين العرب والأجانب؛ لعوائده أولا، وسلامته ثانياً. وهو ما يرتبط بالقناعة بكفاءة الإدارات التي تقوم على هذا القطاع، ونظام الرقابة الفعال الذي يفرضه البنك المركزي، والذي جعل من هذا الأخير المؤسسة الأفضل أداء في الجهاز الحكومي.اضافة اعلان
وقد فرض ذلك على أرض الواقع خريطة ملكية تتمثل في استحواذ المستثمرين العرب على نسبة 52.6 % من قطاع البنوك، تضاف إليها نسبة 7.6 % للأجانب، في مقابل امتلاك الأردنيين 39.7 % من القطاع؛ ما يعني أن غير الأردنيين يمتلكون 60.2 % من رأسمال 16 مصرفا مدرجة أسهمها في بورصة عمان، عبر 2.4 مليار ورقة مالية (سهم) مطروحة في السوق.
وبغض النظر عن النتائج -التي يفترض أن تكون وشيكة- بشأن قضية "الاتفاقية المزعومة"، بحسب رئيس الوحدة الاستثمارية لمؤسسة الضمان الاجتماعي سليمان الحافظ، ببيع حصة "الضمان" في بنك الإسكان، فإن هذه القضية تشير إلى احتدام المنافسة بين كبار المساهمين للحصول على حصة المؤسسة في "الإسكان"، من أجل خلق حالة توازن يسعى إليها المستثمر الكويتي، فيما ينظر إليها المستثمر القطري باعتبارها نهاية معركة السيطرة والوصول إلى نسبة 50 % من رأسمال "الإسكان"، شريطة الحصول على موافقة "المركزي"؛ بموجب تعليمات الحصة المؤثرة التي تفرض ذلك.
في المقابل، لا يملك "الضمان" خطة أو استراتيجية، ولو غير معلنة، لزيادة حصته في "الإسكان"، رغم امتلاك المؤسسة سيولة تقدر بنحو مليار دينار. وبالتالي، ماذا لو تحقق سيناريو آخر، يتمثل في صفقة بين المستثمر الكويتي ومنافسه القطري، تقوم على بيع أحدهما حصته للآخر؛ هل سيكون "الضمان" والقائمون عليه سعداء بتلك الصفقة؟ هل سيكونون راضين أيضا عن إضاعة فرصة تحقيق ربح فعلي، على نحو ما فعلوا أيضا في فترات الطفرة التي شهدها الاقتصاد الوطني وبورصة عمان، إبان حقبة السيولة العالية؟
خريطة ملكية بنك الإسكان فيها استحواذ واضح من قبل المستثمرين العرب؛ إذ تبلغ حصتهم 75.9 %، مقابل 4.5 % للأجانب، فيما يتبقى للأردنيين، بمن في ذلك "الضمان"، نسبة  19.5 % من رأسمال البنك البالغ 252 مليون سهم.
وما سيتأتى من أموال يفترض أن فيها الربح الوفير للضمان، يجب التفكير فيها؛ بالانتقال نحو مزيد من الاستثمار، والحصول على حصة أكبر في البنك العربي؛ خصوصا أن الحديث وإن خفت إلا أنه قد يُثار مرة أخرى، عن تنفيذ صفقات، وعلى مراحل، لصالح بعض المستثمرين.
تبلغ حصة "الضمان" في البنك العربي 15.5 % من رأسماله البالغ 534 مليون سهم. فيما تبلغ نسبة المساهمين العرب 50.5 %، والأجانب 9.6 %، والأردنيين 39.7 %، ما يعني أن إمكانية زيادة حصة "الضمان" وتحقيق توازن مع المستثمر اللبناني متاحة، وكذلك الحصول على عوائد جيدة.
لا أتفق مع التصريحات التي يطلقها بعض المسؤولين الاستثماريين بأن أموال الأردنيين في مؤسسة الضمان "وقف" يحرم التصرف به؛ فالاستثمار يختلف عن الوقف. إذ يحرم هدر أموال "الضمان"، كما سوء التصرف بها، والسماح لأصحاب المصالح والأجندات من المتنفذين الفاسدين بالتدخل فيه؛ كما يحرم غياب الشفافية التي يطمئن لها قلب العامل والموظف والأب والأم. ولكن اتخاذ قرارات حكيمة وصائبة ببيع أو شراء الأصول الاستثمارية، هو أمر مباح تماماً، ما دام أنه سيعود بالنفع على المؤسسة المؤتمنة على مستقبل الأردنيين.
من الواضح أنه لا خطة استثمارية واضحة المعالم لدى "الضمان" تسعى إلى تحقيق أرباح فعلية، بخلاف الصناديق الاستثمارية التي تسأل قبل الدخول في أي استثمار عن "منفذ الخروج".