استحقاقات فنية وإجرائية وسياسية تواجه "مستقلة الانتخاب"

figuur-i
figuur-i

هديل غبّون

عمان - بدأ العد التنازلي لإجراء الانتخابات النيابية للبرلمان التاسع عشر، المقررة في العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وسط ظروف جائحة فيروس كورونا المستجد الاستثنائية وتفعيل قانون الدفاع، ترافقها جملة من الاستحقاقات التي تواجه عمل الهيئة المستقلة للانتخاب لإنجاح العملية الانتخابية، دون إسقاط تأثيرات المستجدات الإقليمية والمحلية على هذا الاستحقاق الدستوري ومزاج الأردنيين في التوجه نحو صناديق الاقتراع.اضافة اعلان
تلك الاستحقاقات التي تفاعلت معها "مستقلة الانتخاب" مبكّرا، إذ شملت إجراء تعديلات جوهرية على حزمة تعليمات تنفيذية تمس مراحل العملية الانتخابية، ووضعت الهيئة لمساتها سريعا على "إدراج" ما يلزم من أجل إجراء انتخابات في ظل "كورونا"، من قواعد سلامة عامة وتباعد جسدي، تبدأ منذ مرحلة الترشح حتى يوم الاقتراع والفرز.
التقدم الذي أحرزته الهيئة منذ تأسيسها في تطوير منظومتها التشريعية وأدواتها اللوجستية والرقابية، وفقا لتقارير مراكز رصدية أكدت ذلك خلال مواسم انتخابية عديدة، تمحور حول نجاحها في وضع حد لممارسات "هزت ثقة الناخبين" بالعملية الانتخابية، وأعادت الثقة بها رغم تسجيل بعض الملاحظات.
ويلخص مدير برنامج راصد في مركز الحياة "راصد"، عمرو النوايسة، جملة من التحديات التي تواجه الهيئة في انتخابات البرلمان التاسع عشر، بمقدمتها الاستمرار في صون ضمانات نزاهة العملية الانتخابية، وسلامة إجراءات المتابعة للترشح والاقتراع والفرز، في ظل الجائحة التي تفرض متطلبات استثنائية وستقدم كتجربة هي الأولى.
وفيما تجرى هذه الانتخابات في ظل قانون الدفاع، يقول النوايسة "ستواجه الهيئة تحديات فنية كبيرة، من الأمثلة البسيطة عليها عدم التزام المقترعين بارتداء الكمامات يوم الاقتراع. ومن الناحية القانونية لا يمكن حرمان أي مقترع من التصويت، ولذلك ربما ستشهد عملية الاقتراع إبطاء ملحوظا وضعفا في تدفق الناخبين إلى مراكز الاقتراع لتطبيق قواعد السلامة العامة التي أعلنت عنها الهيئة".
وأعلنت "مستقلة الانتخاب"، سلفا عن زيادة عدد مراكز وصناديق الاقتراع والفرز 10 آلاف صندوق، ليتسنى تصويت 400 ناخب في كل صندوق لزيادة التباعد الجسدي، فضلًا عن عزمها تمديد الاقتراع لساعتين إضافيتين.
وترتبط ذهنية الناخب الأردني، بسلسلة أحداث "سيئة" رافقت استحقاق فرز بعض المجالس النيابية وبعض التدخلات الحكومية، ما يعني أن مسؤولية تترتب على عاتق الهيئة المستقلة وإلى جانبها الحكومة كطرف مساند، في تبديد أي مخاوف متعلقة بالانتخابات، تجنبا لدعوات مقاطعة مبكرة لها في ظل الأجواء السائدة حاليا.
ويقول النوايسة "هناك إرث ما يزال يتداوله الناخبون من ضعف للثقة بالمجالس النيابية السابقة بسبب أدائها، وضعف الثقة بالحكومة، نتيجة ممارسات سابقة سلبية تتعلق بإدارة الانتخابات".
لكنه يرى "أن إجراء الانتخابات في ظل القانون الذي أجريت بموجبه انتخابات 2016، وفقا لنظام القائمة النسبية المفتوحة، من شأنه أن يذلل لكثير من العقبات أمام الهيئة في التوعية للانتخابات والحث على المشاركة فيها، حيث ستختصر حملات التوعية كثيرا بخلاف الموسم الماضي".
وفي السياق نفسه، تشكل الرقابة على "المال السياسي وشراء الأصوات" وسقوف الانفاق على الحملات الانتخابية، تحديات تبدو الأكثر جسامة في الموسم الحالي للانتخابات، إذ يدعو النوايسة إلى تركيز الهيئة على هذه الجوانب، لبث مزيد من التطمينات حول معايير ضمان نزاهة الانتخابات.
وتشكل نسبة التصويت تحديا قد يبدو الأقل أهمية، إلا أنه معيار لا يمكن تجاهله سياسيا على الأقل في المدن الكبرى بخلاف القرى التي تشهد نسبا مرتفعة في المشاركة، بحسب مراقبين.
وسجلت انتخابات 2016 نسب تصويت متدنية، في المدن الكبرى كعمان وإربد والزرقاء، ولم تتجاوز نسبة المقترعين فيها أكثر من 23 %، وهي النسبة الأدنى على مستوى المملكة، فيما كانت الدائرة الثالثة في العاصمة هي الأدنى من حيث نسب التصويت، بحسب تقارير ذلك الموسم، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة 18 %، الأمر الذي دفع "مستقلة الانتخاب" حينها لتمديد التصويت في عمان والزرقاء واربد لمدة ساعة.
كما يقع على عاتق الهيئة والحكومة، تشجيع الشباب والمرأة والناخبين الجُدد، الذين سيحق لهم الانتخاب للمرة الأولى، على المشاركة بالانتخابات، حيث أظهرت تقارير سابقة أن عدد مقاعد النساء اللواتي فزن بمقاعد برلمانية بين عامي 1974 و2016، وصل إلى 65 مقعدًا من أصل 780 في المجالس النيابية (من الـ11 وحتى الـ18)، وبنسبة بلغت 8.3 % فقط.
كما أن هناك مطالبات عديدة بفرض مزيد من التسهيلات لتصويت ذوي الاعاقة، حيث أفاد تقرير سابق لـ"راصد" بأن 26 % من مراكز الاقتراع، لم تكن مجهزة لاستقبال ذوي الإعاقة في انتخابات 2016.
وتتقاطع الانتخابات المقبلة مع تلك التي جرت العام 2016، في قانون الانتخاب والنظام الانتخابي، حيث تنافس خلال الانتخابات الماضية، بحسب تقرير الهيئة، 226 قائمة، ضمّت 1252 مرشحا ومرشحة على مستوى المملكة، ووصل عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم حوالي 1.5 مليون من أصل 4.134 مليون ممن يحق لهم التصويت بنسبة تصويت بلغت 36 %.
واعتبرت الهيئة أن هذه النسبة من المقترعين، تعد ارتفاعا في المشاركة إذا ما قورنت مع انتخابات 2013، إذ وبحسب القانون الساري ما عاد قيام المواطن بالتسجيل للانتخاب إجبارياً، ما رفع نسبة من يحق له الاقتراع بشكل مباشر.
ولا يعتبر النوايسة أن نسبة التصويت في الانتخابات مؤشرًا على "شرعيتها"، قائلًا إن معايير النزاهة تتقدم على ذلك، وانها ليست مؤشرًا قاطعًا على "شرعية الانتخابات" والمؤشر الحقيقي هو ما يخص ضمانات النزاهة.
وستخضع مراحل العملية الانتخابية التي يتخللها إجراءات الكترونية، إلى مزيد من الرقابة والتدقيق من الجهات الرقابية والمرشحين، إذ صدرت في وقت سابق تعليمات معدلة للتعليمات التنفيذية الخاصة بجداول الناخبين والحملات الانتخابية تضمنت إضافة جملة من الإجراءات الإلكترونية كتقديم طلبات الترشح وغيرها من الإجراءات التي تسبق العملية الانتخابية، وإضافة بند مكرر يتعلق باشتراطات تنظيم المقرات الانتخابية من النواحي الصحية، وتحديد مسافات التباعد بمائتي متر بين المقرات الانتخابية، وتحديد أعداد الحاضرين استنادا الى مساحة المقرات التي توافق عليها الهيئة، عدا عن الموافقات المسبقة لافتتاح المقر الانتخابي.
وتعالج التعليمات، حيثيات العملية الانتخابية التي تسبق يوم الاقتراع، ويوم الاقتراع كزيادة عدد صناديق ومراكز الاقتراع لدرء التقارب، وكذلك هناك إجراءات محددة ستطبق داخل غرف الاقتراع تتعلق بطريقة "غمس الإصبع بالحبر الخاص"، حيث سيتم اعتماد "سبري لرش الحبر" على الأصبع.
كما أن من ضمن الإجراءات الجديدة، تدقيق بطاقة الانتخابات والهوية الشخصية وقراءتها "إلكترونيا"، عدا عن استخدام القلم المخصص للاقتراع للاستخدام لمرة واحدة لكل ناخب، إضافة إلى فرض ارتداء الكمامة والقفازات.
ومن بين التحضيرات التي أشارت لها الهيئة مؤخرا، مراعاة منع الاكتظاظ داخل غرف الاقتراع، واللجوء إلى "تطبيق نظام الجولات" لفرق المراقبين أو المندوبين والصحفيين".