"استدامة" واقتطاع الضمان يدخلان معلمات "الخاصة" بحصار مالي خانق

صورة تعبيرية تمثل معلمة أثناء تقديمها أحد الدروس-(أرشيفية)
صورة تعبيرية تمثل معلمة أثناء تقديمها أحد الدروس-(أرشيفية)
رانيا الصرايرة عمان- مع استئناف اقتطاع تأمينات الشيخوخة من القطاعات "الأكثر تضررا"، بقرار من مؤسسة الضمان الاجتماعي، تدخل معلمات المدارس الخاصة في دائرة الحصار المادي الخانق، لاسيما وأن اقتطاع 25% من رواتبهن استنادا الى برنامج "استدامة" ما زال هو الآخر ساريا. وفي المحصلة تشكو معلمات من أن رواتبهن لم تعد تتعدى 100 دينار شهريا. ويعني ذلك أن نسبة الاقتطاع من رواتب المعلمات ستزداد، يضاف إلى ذلك إجبار المعلمات في بعض المدارس الخاصة على دفع كامل قيمة اقتطاع الضمان، وفي المحصلة تجد مئات المعلمات أنفسهن يتقاضين اجورا لا تزيد على 100 دينار وربما أقل من ذلك. ودفع هذا التضييق عشرات المعلمات أمس للتفاعل مع منشور على إحدى مجموعات فيسبوك، حيث أكدن أن "القشة التي قصمت ظهر البعير" بالنسبة لهن "إجبارهن" على اعطاء دوروس الفاقد التعليمي الذي أقرته وزارة التربية والتعليم في المدارس الحكومية والخاصة، مع فارق أن معلمي الحكومة سيتقاضون مكافأة مالية قيمتها 150 دينارا مقابل هذه المهمة، في حين لم يتم إلزام المدارس الخاصة بصرف هذه المكافأة. ويترافق هذا الامر مع شكاوى ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي من قبل أهال أكدوا فيها أن مدارس أطفالهم الخاصة اشترطت غالبيتها "إعادة تسجيل أبنائهم في تلك المدارس مقابل الحصول على الفاقد التعليمي، في حين لم تشترط تعليمات وزارة التربية والتعليم ذلك، فضلا عن طلب بعض المدارس من الأهالي دفع رسوم بدل هذه الخدمة تتراوح ما بين 30 الى 100 دينار، اضافة الى أجور باصات. وتلقت "الغد" تسع شكاوى من معلمات تدور في هذا الاطار، حيث قالت إحداهن إنه تم "إجبارهن على إعطاء الفاقد التعليمي من دون صرف مكافأة لهن، وكان القرار ظالما جدا، خاصة أنه جاء بعد سلسلة انتهاكات تعرضن لها حتى قبل بدء جائحة كورونا". وتقول المعلمة التي تتماثل قصتها مع عشرات المعلمات الأخريات إنهن قبل كورونا كن يتقاضين 170 دينارا، ومع بدء تنفيذ برنامج استدامة الذي تنص أحد بنوده على دفع كامل قيمة الراتب من الضمان الاجتماعي في حال كان الاجر 220 دينارا، تفاجأن بطلب إداراتهن منهن عند سحب الراتب إرجاع الفرق للمدرسة، مع الاشارة هنا الى أن المعلمات اللواتي يتقاضين اجورا أعلى تم خصم 25 % منها وفقا لـ"استدامة". أما برنامج استدامة الذي أعلنت عنه مؤسسة الضمان الاجتماعي، وتستفيد منه القطاعات الاكثر تضررا، ومن ضمنها المدارس الخاصة، كشف بشكل جلي عن "انتهاكات ممنهجة ولها تاريخ طويل تقع في المدارس الخاصة، من ضمنها اعطاء اجور اقل من الحد الادنى للاجور الذي يبلغ حاليا 260 دينارا". ويقضي البرنامج بدفع المؤسسات المشتركة فيه نصف الـ75 % من أجر العامل، في حين يفترض أن تدفع المدرسة الخاصة النصف الآخر، ويسمح البرنامج بخصم 25 % من الأجر استنادا إلى امر دفاع رقم (24) والبلاغات الصادرة بموجبه. يشار الى أن "استدامة" تضمنه أمر الدفاع رقم (24) لسنة 2020، وهو برنامج حكومي تتولى إدارته مؤسسة الضمان، بحيث أعلنت مؤخرا عن صدور بلاغ عن رئيس الوزراء يتعلق بتطبيق "استدامة" الذي أطلقته الحكومة بالشراكة مع المؤسسة، موضحة أن فترة الاستفادة منه تبدأ اعتباراً من كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي وحتى أيار (مايو) العام الحالي. وبينت المؤسسة أن الجهات المستفيدة من البرنامج تشمل المنشآت غير المصرح لها بالعمل، والقطاعات والمنشآت الأكثر تضرراً، بحيث يخصص للعامل في المنشآت غير المصرح لها بالعمل 50 % من أجره المعتمد لدى المؤسسة بحد أدنى 220 دينارا شهرياً وبحد أعلى 500 دينار، يتحملها البرنامج بشكل كامل. كما يتحمل البرنامج، دفع قيمة الاشتراكات المترتبة على شمول العامل بكافة التأمينات المطبقة بسقف 1000 دينار من أجره الخاضع للاقتطاع، ويتحمل صاحب العمل الاشتراكات عن باقي الأجر الذي يزيد على هذا السقف. أما العاملون في القطاعات الأكثر تضرراً بالجائحة؛ فسيخصص لهم 75 % من أجورهم المعتمدة لدى المؤسسة، يتحمل البرنامج 50 % منها، وبما لا يزيد على 500 دينار شهرياً، ويتحمل صاحب العمل الـ50 % المتبقية، على ألا يقل الأجر الشهري الذي يُصرف للعامل عن 220 دينارا شهرياً، وفي حال قلّت نسبة الـ75 % عن الـ220 دينارا، يتحمل البرنامج الفرق. وبشأن المعلمات المسجلات في الضمان، واللواتي يتقاضين اجرا اكثر من 220 دينارا، بينت اجراءات الحصول على نصف الـ75 % من الأجر من الضمان، انهن يتقاضين اقل من ذلك على ارض الواقع، ولذلك أبلغ بعضهن بأن ادارة المدرسة لن تحول نصف الـ75 % التي يجب دفعها، وعليهن الاكتفاء بما حصلن عليه من الضمان، في حين ان بعضهن هددن بالطرد في حال تقدمن بأي شكاوى. وكان رئيس لجنة المعلمين في النقابة العامة للعاملين في التعليم الخاص لؤي الرمحي أكد في تصريحات صحفية سابقة أن شكاوى برنامج استدامة ما زالت قائمة من قبل العاملين في قطاع التعليم الخاص، حيث يتم "إجبار معلمي ومعلمات المدارس الخاصة، على إعادة المبالغ التي دفعتها المدرسة، بعد استلام الراتب المحول من مؤسسة الضمان الاجتماعي استنادا إلى برنامج (استدامة)" . وجدد الرمحي دعوته إلى ضرورة تكثيف الرقابة والتفتيش على المدارس الخاصة، وإيجاد آلية لوقف الانتهاكات التي يتعرض لها المعلمون والمعلمات بهذا الخصوص. بدوره، يؤكد مدير بيت العمال للدراسات حمادة ابو نجمة؛ أن اعتبار المدارس من القطاعات "الأكثر تضررا غير مبرر، لان المؤشرات تؤكد بأنها كانت من القطاعات الأقل تضررا، بخاصة في ظل التعليم عن بعد، والذي ساهم بتقليل كلفها، وتخفيض أجور عامليها، الذي سمحت به أوامر الدفاع". ويبين أبو نجمة انه يشترط للاستفادة من (استدامة) ألا يقل الأجر الذي سيتقاضاه العامل بعد خصم نسبة 25 % منه، عن الحد الأدنى للأجور البالغ 220 دينارا الى نهاية شهر أيار (مايو). وبما أن الأجر سيدفع مناصفة من البرنامج وصاحب العمل، فإن اقتطاع اي مبلغ من العامل، سيمثل "مخالفة صارخة للقانون ولأوامر الدفاع ولشروط البرنامج نفسه، ويعرض صاحب العمل لعقوبات تصل الى الحبس من 3 أشهر الى 3 سنوات". ويضيف: "يفترض في العامل المتضرر تقديم شكوى بهذا الخصوص الى وزارة العمل، بحيث تعامل الشكوى بسرية ولا يفصح عن اسم المشتكي، كما يكفي أن تصل المعلومة حول المخالفة الى مفتش العمل بالوزارة، ليتولى بدوره اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن المخالفة، حتى ولو لم تقدم بشأنها شكوى من العامل المتضرر". ويزيد: "يحمل مفتش العمل صفة الضابطة العدلية، ومن مهامه مراقبة مدى الالتزام بتطبيق قانون العمل، وضبط المخالفات وإحالتها الى المحكمة المختصة، وهو يقوم بذلك من تلقاء نفسه، وبمجرد علمه؛ بوجود مخالفة واكتشافه لها عبر زيارات تفتيشية وإجراءات تحقق الأخرى، ومن دون انتظار لتقديم شكوى إليه من العامل المتضرر".اضافة اعلان