استراتيجية لتعميق البعد المعرفي للمصارف الإسلامية

غسان الطالب*

نتابع هذه الأيام بعض الكتابات والدراسات منها المتفائل بمستقبل الصناعة المصرفية الإسلامية، ومنها المتشائم، نحن هنا سوف لا نخوض في وجهات نظرهم وارائهم فلكل رأيه ومبرراته، لكن ما يهمنا هو الالتزام بمبادئ وأهداف هذه الصناعة وسعيها لتحقيق مكانة متميزة لها ومنافسة قوامها الابتكار والتجديد حتى تكون قادرة على المنافسة في الأسواق المالية العالمية في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وثورة المعلومات والاتصالات.اضافة اعلان
إلا أن هذا الطموح المشروع لها كبقية البنوك والمؤسسات المالية في العالم يستطدم في مجموعة من التحديات الخارجية والداخلية، فمن التحديات الخارجية مثلا القوانين والتشريعات والأنظمة التي صيغت بطريقة تلائم عمل المصارف التقليدية فقط مثل المعايير المحاسبية والمالية ووسائل الرقابة التي تمارسها المصارف المركزية وتمسكها بأدوات السياسة النقدية المبنية على سعر الفائدة، أما التحديات الداخلية فتتمثل في عدم قدرة هذه المصارف على تهيئة الكادر المتدرب والمؤهل الذي يعتمد عليه نجاح المصرف أولا وأخيرا؛ إذ ما تزال تعتمد في العديد من كوادرها على الموظفين الذين كونوا خبراتهم المصرفية في القطاع المصرفي التقليدي تم انتقلوا لإدارة العمليات المصرفية الإسلامية.
نعتقد ونحن أمام تطور علمي وتكنولوجي سريع أن نبادر بوضع استراتيجية منظمة وهادفة لتعميق البعد المعرفي لهذه الصناعة
ونقل فلسفتها ومبادئها الأخلاقية والاقتصادية وفق عمل مؤسسي منظم يرتكز على العلم والمنطق لتكسب كذلك أسواق جديدة كان بالأمس القريب ليس من السهل عليها إقناعها أو حتى الاقتراب منها كما هو الحال اليوم إذ تتنافس العديد من الدول الأوروبية لاحتضان مؤسسات التمويل الإسلامي والانفتاح بشكل كبير على أسواق المال الإسلامية وإقبالها على منتجاتها المالية ، لذلك فإننا نقترح ما يلي:

- إعطاء اهتمام أكبر من قبل المؤسسات المصرفية الإسلامية للبحث العلمي والدراسات
المصرفية الإسلامية حتى تتمكن من مجاراة نمو هذا القطاع وتوسعه.  
- التوجه الجدي لإقامة المؤتمرات والندوات وورش العمل ذات المضمون والتي فعلا تخرج بنتائج عملية وليست توصيات مكتوبة لا تجد من يتابعها والحد من النشاطات غير المجدية
التي لا تتعدى كونها لقاءات أو حوارات نقاشية لا تفضي إلى نتيجة أو تلك التي تسعى لتحقيق مصالح شخصية أو أغراض تجارية.
-وضع استراتيجية تسويقية تهدف لنشر ثقافة الوعي المصرفي الإسلامي وتعميق الثقة في مؤسساته.         
- وضع استراتيجية لإدارة وتنظيم هذا النمو وضبطه بما يخدم تطلعاتها وأهدافها لكسب المزيد من الأسواق الجديدة.   
- التوجه إلى الإعلام الجاد في نشر ثقافة وأهمية العمل المصرفي الإسلامي داخل المجتمعات الإسلامية والأوساط الاقتصادية العالمية. 
- العمل على تضيق فجوة الخلافات الفقهية بين علماء الأمة فيما يخص المعاملات المالية.    
- التوسع في فتح فروع جديدة وإيصال الخدمات المالية الإسلامية إلى المناطق النائية والقرى والأرياف.
- الاهتمام كذلك بالتنسيق والتعاون بين مختلف المصارف الإسلامية في أماكن وجودها.
- التعريف بالمنتجات المالية الإسلامية المبتكرة إعلاميا أو من خلال وسائل التسويق المصرفي الخاصة بالمصرف أو بأية وسائل تحقق الهدف.
 - التوجه إلى الجامعات ومعاهد الدراسات العليا وتقديم الدعم للطلبة المتفوقين والراغبين في مواصلة تخصصاتهم في المصارف الإسلامية وتقديم الدعم المناسب لمشاريعهم البحثية للاستفادة منهم مستقبلا وبما يساعد كذلك على تنمية الوعي المصرفي الإسلامي لديهم.
-  الانفتاح المنضبط على المجموعات المصرفية العالمية الكبرى للاستفادة من وسائل التقنية الحديثة وتكنولوجيا المعلومات لديها.
-السعي المشترك لإنشاء بنك للمعلومات يختص في الصناعة المصرفية الإسلامية تساهم فيه جميع المؤسسات والمصارف العاملة في هذا القطاع لتعميم الفائدة على الجميع.
كما أن هناك العديد من الوسائل والإجراءات السلوكية والمهنية والتي تمتاز بها هذه المصارف وتمكنها من إيصال وتعميق ثقافتها وفلسفتها لدى مجتمعاتها أو خارجها، خصوصا في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية ولديها كل الإمكانات التي تسمح لها بذلك.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي