استرخاء الرئيس في عامه الثاني

يبدو السؤال الأكثر تكرارا في عمان هذه الأيام، بعد تقديم عدد من الوزراء استقالاتهم من اجل اجراء تعديل وزاري، مرتبطا بسبب بقاء الرئيس ذاته، خصوصا أن كثيرين تحدثوا عن احتمال استقالة رئيس الوزراء شخصيا. ليس سرا أن استقالة رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز لم تكن مطروحة أساسا، ومنذ اليوم الأول، كان واضحا ان النية تتجه لبقاء الرئيس حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، عبر حله للبرلمان ثم استقالته، لذلك فبقاء الرئيس حتى اليوم ليس مفاجئا، إلا لدى قلة تفترض أن الرئيس كان لا بد أن يستقيل حقا، أو تتم اقالته لاعتبارات مختلفة، وهذا الافتراض لم يبن على معلومات، بقدر كونه مجرد سيناريوهات ارتبطت أحيانا برغبات شخصية، أو حتى تخيلات. في كل الأحوال عمان الرسمية أيضا، تعاند بقوة كل محاولات تغيير رؤساء الحكومات كل فترة وتحاول تجنب تغيير الرؤساء كل ستة اشهر، تحت عنوان يقول أن لا شيء سوف يتغير إذا تغير شخص الرئيس، مثلما ترى أن محاولات الإطاحة برئيس الحكومة تجري تحت ضغط عوامل عدة، من بينها الصراعات السياسية، بين بعض القوى في عمان، إضافة الى رفض التجاوب مع رغبات الإقالة، الا في حالات نادرة، مثل حالة حكومة الملقي التي يمكن القول ان الضغط الشعبي ضدها التقى أساسا في التوقيت مع رفع غطاء الحماية عنها، لاعتبارات مختلفة، فبدا رحيلها تجاوبا مع الضغط الشعبي، فيما هو في حقيقته كان يعبر عن نهاية مرحلة، ووجود قرار مسبق برحيل حكومة الملقي، تحت وطأة حسابات مختلفة ومتعددة. الرئيس اليوم أمام التعديل الثاني لحكومته خلال أقل من عام، والحكومة التي تشكلت في شهر حزيران العام الفائت، اجرت تعديلها الأول، خلال شهر تشرين الأول، ونحن اليوم أمام التعديل الثاني، الذي قد يكون الأخير على حكومة الرزاز، بعد ان ثبت سابقا ان مبدأ التعديلات لا يغير أيضا من واقع الحكومات بقدر كونه يمنح الحكومة وقتا إضافيا ويجدد من قوتها قليلا، لكنه لا يغير أساسا من أداء الحكومة الإجمالي. التحذير الذي يتوجب ان يشار اليه اليوم، يتعلق بالرئيس ذاته، فهو في الشوط الثاني من مشوار حكومته، وقد لا يأبه كثيرا، بموقعه وهو في رحلة العد التنازلي اليوم، بعد ان تجاوز تقريبا العام الأول، كما ان حصوله على تعديل ثان، وان كان يمنحه وقتا إضافيا، وقوة ما، الا انه أيضا يجعل خياراته في تعديل ثالث محدودة، وان كانت غير مستبعدة، تماما، إضافة إلى أن شعوره بوجود حماية له في العام الثاني، قد يتسبب في الإجمالي، بحالة من الاسترخاء السلبي للحكومة، بعد ان تجاوزت كل هذا الوقت، وكل هذه المطبات، وباتت في النصف الثاني الآمن من عمرها، وفي مرحلة العد التنازلي كما اشرت، وهي مرحلة تترك اثرها على كل رئيس، بشكل مختلف عن الوزراء. معنى الكلام، ان معرفة الرئيس بوجود قرار بعدم تغييره شخصيا، ومعرفته أيضا ان محطته المقبلة هي حل البرلمان واجراء الانتخابات، إضافة إلى انه حصل على تعديلين في اقل من عام واحد، وهدوء الجبهة الداخلية، عموما، ودخوله مرحلة العد التنازلي في شوط الحكومة الثاني من عمرها، كلها عوامل بقدر كونها تمنح الرئيس عزما وقوة، الا انها قد تتسبب بشعور مبالغ به بالأمان والاستقرار، بما قد يؤدي الى استرخاء سلبي من جانب الرئيس، فلماذا يقلق اليوم، وعلى ماذا يقلق، وهو يدرك، انه في كل الحالات، لن يبقى الا فترة محدودة مقارنة برؤساء حكومات سابقين، وهي فترة مرتبطة بجملة عوامل مختلفة، تحميه شخصيا، وتحمي أي حكومة موجودة؟ لا بد ان تقوم الحكومة بجردة حساب، في نهاية عامها الأول، لتراجع كل حساباتها، وان تتذكر ان الاسترخاء السلبي مرفوض، في ظل إشكالات كثيرة، بحاجة الى حل، على الصعيد الداخلي، وتحديدا الاقتصادي، وان يتذكر الرئيس ان الحماية ليست مطلقة، حتى في ظل الحسابات السابقة، وان سيناريوهات ترحيل الحكومة مبكرا، تبقى واردة، حتى في ظل كل معادلات البقاء التي يفترضها الرئيس.اضافة اعلان