استطلاعات الرأي والحالة الأردنية

هناك حاجة دائمة لإجراء استطلاعات للرأي، تعطي مؤشرات واضحة بشأن رأي الناس في مختلف القضايا. وهو تقليد أصبح شائعا في الأردن، وإن كنّا نحتاج المزيد.
الاستطلاع الأخير الذي قام به المعهد الجمهوري الأميركي، عن طريق استخدام مؤسسة محلية، مهم. وهو يشير إلى بعض الأمور التي قد يعرفها الجميع، لكنها مدعمة بأرقام صادمة في بعض الأحيان.اضافة اعلان
52 % من الشعب الأردني يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح. وهذا جيد، لكنه لا يجب أن يبعث على الاطمئنان، لأن 43 % يعتقدون العكس، وهذا رقم كبير يجب الانتباه له. كما أن 66 % ممن يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح عزوا ذلك للأمن والأمان، وليس لأن حياتهم اليومية تتحسن (4 % فقط). بينما حازت الأحوال الاقتصادية (البطالة وارتفاع الأسعار والفساد)، على 76 % ممن يعتقدون أننا نسير في الاتجاه الخطأ.
يوازي الهم الاقتصادي الكبير الذي يحوز على تفكير الناس، غياب مقلق للثقة نحو العديد من مؤسسات الدولة. إذ إن %87  من العينة لا يعتقدون أن مجلس النواب (السابق) قام بأي عمل إيجابي (ولا عمل واحد!) يستحق الثناء عليه. كما أن %79  لا يعرفون أي شيء أو شيئا قليلا عن قانون الانتخاب الجديد، إضافة إلى 54 % لا يعتقدون أن الهيئة المستقلة للانتخاب ستنجح في ضمان انتخابات عادلة وشفافة.
وفي حين أجاب 69 % من أفراد العينة بأنهم معنيون بالإصلاح السياسي بدرجة كبيرة أو معتدلة، مقارنة بـ28 % ممن هم غير معنيين أو معنيون بدرجة متدنية، وهو عكس الانطباع الذي يحاول البعض إعطاءه بأن الأردنيين غير معنيين بالإصلاح السياسي، فإن درجة الثقة بمؤسسات الدولة تبلغ أعلاها بالقوات المسلحة والقضاء، وأدناها بالحكومة ومجلس النواب والأحزاب الحالية.
المقلق هو النسبة المتدنية لمن أجاب بنيته المشاركة في الانتخابات بدرجة كبيرة أو معتدلة، فهي لم تتعد 38 %. وهذا يعكس غياب القناعة لدى الناس بأن صوتهم مسموع. كما أجاب 63 % أنهم لا يعتقدون أنهم شركاء في صنع القرار على الإطلاق أو بدرجة متدنية، في الأمور التي تؤثر في حياتهم.
63 % من العينة يعتقدون أن النساء يجب أن يتمثلن بطريقة متساوية مع الرجال في صنع القرار. وهذا مؤشر جيد نوعا، وإن كنّا نطمح للمزيد. فيما أفاد 53 % أن السياسيين لا يستمعون لأفكار الشباب، وهذا مؤشر مقلق أيضا.
أما في النواحي الأمنية، فإن 89 % يعتقدون أن "داعش" منظمة إرهابية مقابل 4 % ممن لا يعتقدون ذلك. وهذا جيد نوعا ما، لأن 4 % ما تزال تشكل قرابة ثلاثمائة ألف شخص يجب النظر في الأسباب التي تدعوهم لهذا الموقف. كما أن 80 % من العينة تؤيد التدخل الدولي ضد "داعش"، فيما يؤيد التدخل الأردني 71 % من العينة. ما هو مقلق للغاية أن 25 % من العينة تعتقد أن أيدولوجيا "داعش" تحظى بدعم من المجتمع الأردني، مقابل 53 % فقط ممن لا يعتقدون بذلك.
وبشأن الموقف من اللاجئين السوريين، فإنه في حين أجاب 11 % من العينة فقط أن هذا الموضوع يمثل أكبر تحد للأردن، فإن 40 % يريدون إغلاق الحدود بالكامل (أجري الاستطلاع قبل حادثة الركبان الإرهابية)، فيما أعرب 34 % عن رغبتهم في تحديد أعدادهم، كما أعرب 65 % عن اعتقادهم أن موقف الناس تجاه اللاجئين أسوأ مما كان عليه سابقا.
نحتاج للمزيد من هذه الاستطلاعات؛ إذ إضافة إلى تكوينها صورة في وقت معين عن آراء الناس، فإنها مفيدة حين تتم مقارنتها عبر الزمن لمعرفة الاتجاهات التي تسير فيها مختلف القضايا. وهناك حاجة ماسة أيضا لتضمين هذه الاستطلاعات في عملية صنع القرار في البلاد بشكل منتظم.