استعدادات الأسرة لفصل الشتاء

تقوم كثير من الأسر بتجهيز المنزل ليكون دافئا شتاء - (MCT)
تقوم كثير من الأسر بتجهيز المنزل ليكون دافئا شتاء - (MCT)

تغريد السعايدة

عمان- طرق الشتاء الأبواب، وتقوم كثير من النساء في هذه الأوقات بالاستعداد لهذا الفصل من خلال ترتيب المنزل وفرشه لإشاعة أجواء من الدفء فيه والتي تنعكس على علاقات أفراد الأسرة وشعورهم بالراحة في المنزل.
وهنا تبدأ أم ريان بالتحضير للكثير من الأمور التي تحتاجها خلال الشتاء، خاصة أنها عانت بعض الشيء خلال الشتاء الماضي بعد أن اجتاحت المملكة موجة “الثلج” وكانت بحاجة إلى كثير من النواقص التي تنقصها من فرش وأثاث.
وبدأت أم ريان هذا العام التحضير بشكل متسارع من أجل تجهيز “السجاد” لإعادة فرشه في البيت حتى يبقى دافئاً حتى لا تتفاجأ بـ”مباغتة المنخفضات الجوية”، وفق قولها، كما قامت بتحضير المونة الغذائية للبيت مثل “المقدوس والزيتون والمخللات”، ووضعت في “الفريزر” العديد من الأصناف الغذائية التي قد لا تتوفر في فصل الشتاء.
وتنصح أم ريان كل أسرة أن تتخذ الكثير من الإجراءات التي من شأنها أن تجعل البيت آمناً خلال الشتاء؛ إذ يكثر جلوس العائلة في المنزل، على عكس الصيف.
أما ربة المنزل فاديا عبد الله، وهي أم لأربعة أطفال، فقد أكدت أنها مع بداية الفصل الشتوي أول ما تبدأ بتحضيره هو إخراج الملابس الشتوية والدافئة التي يحتاجها أبناؤها خلال هذه الفترة؛ إذ إنها تعمد في كل عام إلى الاحتفاظ بالملابس الشتوية في الصيف وكذلك العكس.
وتبين عبد الله أن جلّ الأمهات يقمن بهذا العمل، ويعتبر من مراسم بداية فصل الشتاء، التي تنذر باقتراب البرد والمطر، عدا عن قيامها بإخراج “المدافئ” وتنظيفها وتجهيزها لأي انخفاض محتمل لدرجات الحرارة، كما تقوم بغسيل السجاد وفرشه في البيت حتى يضفي أجواء من الدفء، خاصة وأن المنزل يضم أطفالا يحبون اللهو وقد يتعرضون للمرض في أجواء البيت الباردة.
وكغيرها من ربات البيوت، تقوم ساجدة جلال بأخذ إجازة من العمل لتحضير كل ما يلزمها من متطلبات فصل الشتاء، خاصة وأنها تعتقد من أن الموسم الشتوي لهذا العام بدأ بـ”انقطاعات متكررة للكهرباء”، لذلك تعمل على توفير كل ما يلزمها من شموع كبيرة، أو أدوات الإضاءة الأخرى التي تعمل على البطاريات أو الشحن المسبق.
وتقول جلال إنها قبل كل موسم شتاء تقوم بالعديد من تلك الأعمال المنزلية، والتي تتطلب دقة في تحضيرها، خاصة خلال تنظيف وتحضير المدافئ، والتأكد من سلامتها وجاهزيتها للشتاء، خاصة أن هذا الفصل قد يكون “أكثر برودة” من أعوام قليلة ماضية.
وعدا عن ذلك، فإن أفراد الأسرة بحاجة إلى تجهيز كل ما يلزمهم من ملابس، كما تؤكد خلود عبد الله، لذلك ترى أن معظم سيدات البيوت يقمن بهذا الإجراء كأول عمل قُبيل حلول الشتاء، حتى يتمكن الأبناء من الحصول على الملابس الدافئة في حال انخفاض درجات الحرارة.
وتقول عبد الله إن من الإجراءات الأخرى التي تقوم بها للتجهيز لفصل الشتاء، هو إحداث تغيرات في ديكور المنزل وترتيبه؛ حيث إن مكان جلوس الأسرة في الصيف يختلف عنه في الشتاء، لذلك تقوم خلال هذه الفترة بنقل غرفة الجلوس والتلفاز إلى غرفة أخرى أكثر دفئاً وقرباً من غرف النوم، حتى تبقى الأسرة مجتمعة في مكان دافئ ومناسب للجميع.
ورغم وجود الكثير من الأولويات للعائلات في التحضير للشتاء، إلا أن إيناس أحمد وهي موظفة وأم لطفلين، ترى أن للشتاء خصوصيته الجميلة في تجمع أفراد الأسرة لساعات أطول من فصل الصيف، وعادةً ما تكون تلك الجلسات العائلية حميمية، لذلك يتطلب الوضع وجود العديد من أمور التسلية المختلفة مثل الألعاب والمأكولات الخفيفة.
لذلك، قامت أحمد بعمل يوم “طبخ” بالتعاون مع شقيقاتها من أجل تحضير المعجنات والحلويات الشتوية “الدسمة”، والتي يمكن تقديمها خلال السهرات الليلية، وخاصة فيما لو حدثت موجات ثلجية أدت إلى تعطيل الدوام لأفراد الأسرة؛ حيث قامت وشقيقاتها بتخزين تلك الأكلات في الفريزر.
وتقول أحمد إن تلك التحضيرات تبعث على الفرح والبهجة، كونها تعطي انطباعاً لدينا بأن الشتاء ليس فقط فصل برد وأمطار وثلوج، بينما هو فرصة لجلوس الأسر لساعات معا، وقد تضطر الأم إلى توفير ما يبعث على التسلية والدفء، مثل المأكولات والحلويات الخفيفة.
ورغم أن البعض يعتقد أن التحضير للموسم الشتوي “منزلياً” أمر روتيني بحت، إلا أن اختصاصي علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور سري ناصر، قال إن التغيرات التي تحدث لدى العائلات، كما في التقلبات الجوية ومجيء فصل الشتاء، قد تكون له انعكاسات أسرية قد تتمثل في ظهور التكافل الأسري والاجتماعي في الوقت ذاته، وقد أثبتت السنوات السابقة وجود مثل هذه الصفة في المجتمع بشكل واضح.
ويضيف ناصر أن الظروف الجوية “غير المعتادة” تجعل الأفراد يتبادر إلى ذهنهم أن عليهم أن يوفروا كل ما يلزمهم من متطلبات و”مونة” للبيت، تكفي لفترة زمنية تتراوح بين أسبوع وأكثر، نظراً لاحتمالية صعوبة الوصول إليها في حال تساقطت الثلوج بكثافة وأغلقت الطرق.
وكذلك، تبين اختصاصية التغذية ربى العباسي، أن المأكولات الشتوية عادةً ما تتميز بوجود سعرات حرارية كافية تبعث على الدفء، والتي في الغالب تحتوي على الكربوهيدرات بنوعيها النشويات والفواكه، إلا أنه يجب أن نعتدل في تناولها وتكون ضمن الوجبات اليومية “وليس ضمن وجبات متفرقة زيادةً على الوجبات العادية”، كما في الحبوب والبقوليات مثل الفريكة والشوفان والخبز الأسمر.
وتعلل العباسي ذلك، بأن الجسم في الأجواء الباردة وانخفاض درجات الحرارة من حوله يحتاج إلى كميات وافرة وكافية من المواد التي تبعث الطاقة والدفء فيه خلال فصل الشتاء لأن الجسم “يستهلك طاقة أكثر بسبب انخفاض درجات الحرارة الخارجية وحاجة الجسم لأن يكون بحرارة متساوية مع الأجواء الخارجية”.
وبالتزامن مع ذلك، يؤكد خالد أبو نادر أنه بدأ قبل أسابيع عدة بالتحضير لفصل الشتاء من خلال “تركيب صوبة حطب في البيت”، والذي يعده أمراً بات يجب توفيره في كل بيت، خاصة مع ارتفاع أسعار المحروقات وانخفاض درجات الحرارة بشكل كبير في فصل الشتاء في الأردن.
وتمثل ذلك من خلال قيامه بتفصيل تلك المدفأة عند الحداد، وجمع كميات كبيرة من الحطب من المزارع المحيطة، وبعض الغصون المتكسرة والملقاة على الطرقات، بالإضافة إلى شراء كميات كبيرة من الجفت من معاصر الزيتون، والتي ارتفعت أسعاره بعد أن إقبال الناس عليه منذ سنوات قليلة.
ولم يعد ذلك بالأمر المستغرب في الأردن؛ إذ يعتقد ناصر أن أفراد المجتمع وخاصة ممن أثر عليهم ارتفاع أسعار المحروقات بشكل سلبي على وضعهم الاقتصادي باتوا يبحثون عن بدائل لوسائل الدفء وبتكلفة أقل، لذلك أمست وسائل التدفئة التقليدية سمة من سمات المجتمع الأردني، وأصبحت لها فنونها في تفصيل المدافئ وزخرفتها.

اضافة اعلان

[email protected]

@tagreed_saidah