استعصاء بحاجة لتدخل عقلاء

الواضح أن الامور بين الحكومة ونقابة المعلمين لا تسير باتجاهات مبشرة، وفي الافق غيوم تلبد سماء كل طرف ما يجعلنا غير متفائلين بظهور دخان ابيض في القريب العاجل، تبشر بانفراجات قريبة بين الطرفين توصلنا معا للاعلان عن فك اضراب المعلمين الذي دخل امس اسبوعه الرابع تواليا. لسنا اليوم بصدد التحشيد على النقابة ونقدها والتحشيد ضدها، كما لسنا بصدد مناصرة موقف الحكومة وتأييدها فيما ذهبت اليه من اعلان عن زيادة رواتب للمعلمين بنسب ما بين 25-28 دينارا شهريا، دون التطرق لموضوع العلاوات التي تطالب بها النقابة والبالغة 50 %، إذ أعلنت الحكومة بلسان رئيسها الدكتور عمر الرزاز من خلال مقابلة على شاشة التلفزيون الاردني ان مجلس الوزراء قرر منح زيادة تشمل 84 ألف معلم، بزيادات تدريجية تبدأ بتحسين أوضاع المعلمين في الرتب الاولى بالقيمة الاعلى ثم التدرج للرتب الاخرى من ذوي الرواتب الاعلى بنسب اقل، وهو الامر الذي قابلته نقابة المعلمين بلسان نائب النقيب بالرفض، وتمسكها بالاضراب. الواضح ان كلام الرئيس الرزاز في المقابلة كان واضحا، وظهر ان الحكومة عازمة بأي طريقة على اعادة الطلاب والمعلمين لصفوفهم، وإنهاء الاضراب، فيما ظهر من خلال اعلان الحكومة عن قرارها المتعلق بالزيادات دون تنسيق او توافق مع النقابة ان حالة التنافر بين الطرفين وصلت لمراحل اكثر صعوبة، وان ابواب الحوار وكأنها أغلقت، وهو الامر الذي يجعلنا كمراقبين ومتابعين نتوقع تطورات متسارعة خلال الاسبوع الحالي. لكي نقرأ ما تفكر به الحكومة بعد إعلانها عن زيادات المعلمين، ورفض النقابة لتلك الزيادات بشكل اكثر وضوحا علينا ان نستذكر ان الرئيس الرزاز عرج في المقابلة المتلفزة ان هناك قضايا مرفوعة على النقابة ووزارة التربية والتعليم معا، وهو كما بدا تمهيد رأينا مفاعيله امس من خلال قرار المحكمة الادارية التي دعت لفك الإضراب بمعنى عدم شرعيته، ولذا فإن حالة الاستعصاء التي نشهدها اليوم باتت بحاجة لتدخل عقلاء قبل الوصول لطريق مسدود لا يفيد البلاد ولا العباد على حد سواء. المؤمل، الا نشهد السيناريوهات التي تصعد من الأزمة وتزيدها، وان تتدخل اطراف مؤثرة (نقباء، ساسة، نواب، اعيان، وزراء سابقون) لجهة عدم الوصول لخيارات صعبة، وتلك خيارات ان حصلت تعني تعقيد الازمة، وتواصلها دون حل، وهذا يتطلب سرعة التحرك لجهة تقريب وجهات النظر وإقناع الطرفين بالعودة لطاولة الحوار بأمل الوصول لحل يمكن من خلاله إقناع النقابة بإعلان فك الاضراب، والتفكير بحلول وسط تقنع الجميع وتبعدنا عن المواقف التصعيدية. المطلوب بشكل سريع تحرك العقلاء والتواصل مع النقابة والحكومة والعمل على حل حالة الجفاء بين الطرفين وتغليب مصلحة الطلاب عن اي مصلحة اخرى، والاخذ بعين الاعتبار قدرة الحكومة راهنا على تحقيق ما تطالب به النقابة، وكذلك موقف النقابة في الدفاع عن مصالح اعضائها. لا شك ان الوقت يمضي، والطلاب ما يزالون خارج صفوفهم، وذاك يضع الجميع امام مسؤوليتهم الاساسية التي يتوجب التعامل معها بكل حنكة وحضور وفعالية، ولهذا فإن تدخل العقلاء بسرعة كبيرة هي الطريقة الأسلم قبل ان تتعقد الامور وتصبح القضايا المطروحة مستعصية بشكل اكبر وبالتالي لا يمكن حلها.اضافة اعلان